علّق قياديون في المعارضة السورية المسلحة على الأسباب التي دفعت روسيا إلى طلب الهدنة في محافظة إدلب ومحيطها في الشمال السوري، بعد أيام من الاشتباكات العنيفة.
وكشف الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير النقيب ناجي مصطفى، أن عرض روسيا لفصائل المعارضة يشمل جبهات القتال الممتدة من ريف اللاذقية الشمالي حتى قلعة المضيق غربي حماة.
وأضاف النقيب مصطفى، في حديث لموقع “الجزيرة نت”، أن بنود الهدنة الروسية تنص على وقف فوري وشامل للقصف الجوي والمدفعي على كامل محافظة إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية.
وأشار الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير إلى أن جميع فصائل المعارضة المسلحة اشترطت للقبول بالهدنة انسحاب قوات النظام من كافة المناطق التي سيطرت عليها في ريف حماة خلال الحملة العسكرية الأخيرة.
وأوضح النقيب مصطفى أن روسيا تخطط للسيطرة على كامل الشمال السوري عبر اتباع سياسة قضم المنطقة تلو الأخرى، وتلجأ للهدن للحد من الخسائر التي تتلقاها في الميدان.
ويرى الصحفي السوري محمد الخطيب أن عدم قبول المعارضة بالعرض الروسي ناجم عن خشيتها من عمليات عسكرية محتملة تستهدف معقلها الأخير مستقبلا، استنادا لتأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزم بلاده تطهير إدلب من “التنظيمات الإرهابية”.
ويضيف الخطيب أن عرض موسكو الهدنة على المعارضة يأتي في إطار تفاهم سابق مع أنقرة، خاصة وأن تقدم قوات النظام كان محدودا، وفي منطقة خالية من نقاط المراقبة التركية المنتشرة في شمال حماة وجنوب شرق إدلب.
وقال القيادي في الجيش الحر معيوف أبو بحر إن روسيا فشلت في إحداث خرق في جبهات القتال رغم كثافة القصف واتباع سياسة الأرض المحروقة.
ووفق أبو بحر فقد اقتصر تقدم القوات البرية التي تدعمها موسكو على قرى وبلدات تقع معظمها في مناطق منخفضة يسهل على فصائل المعارضة المتحكمة في التلال والجبال استعادتها بهجوم معاكس.
ويضيف القيادي “نظرا لتفوق النظام وروسيا على صعيد التسليح، اعتمدت فصائل الثورة تكتيك استنزاف العدو بدلا من مواجهته من خلال شن غارات خاطفة في عمق سيطرته، وفي الخواصر الرخوة غير المحصنة، إضافة لتدمير عشرات الآليات فور استقدامها للجبهات بواسطة الصواريخ الحرارية المتوفرة بكثرة لدى الثوار”.
وأوضح أبو بحر أن روسيا لجأت للهدنة بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها على الأرض، وتحوّل قوات النظام إلى صيد سهل بالنسبة لفصائل المعارضة المستفيدة من الطبيعة الجغرافية الجبلية.
واعتبر الناشط الإعلامي عبد الرحمن جبريني عرض روسيا للهدنة مناورة سياسية جديدة، وتهربا من مسؤولياتها أمام الضامن التركي المتمسك بالمحافظة على خريطة توزع السيطرة في منطقة خفض التصعيد الرابعة، وهو شرط وضعته أنقرة للمضي في مسار أستانا.
ويظل الحديث عن وقف إطلاق النار وعقد هدنة في جبهات القتال بصيص أمل لآلاف السكان في ريف إدلب الجنوبي، إذ يأمل المدنيون الذين يرزحون تحت القصف منذ مطلع مارس/آذار الماضي أن يتم تحييدهم عن الصراع في أقرب وقت.
يقول صفوان الجبيري، وهو أحد سكان مدينة كفر نبل، “تفاءلنا خيرا حين توقف القصف ساعات عدة ظنا منا أنه بالفعل تم التوصل لهدنة، نحن بأمس الحاجة إليها بعد شهور من القصف الهستيري، لكن سرعان ما عادت الطائرات لتلقي حممها على المنازل والأسواق”.
واستبعد أبو عادل المهجر من ريف دمشق إلى مدينة خان شيخون التزام روسيا والنظام بأي هدنة أو اتفاق، داعيا الحكومة التركية إلى بذل مزيد من الجهد في سبيل حماية أكثر من ثلاثة ملايين نسمة في إدلب.
ومنذ 25 أبريل/نيسان الماضي، أدى قصف النظام وحلفائه على منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب وجوارها، إلى مقتل 155 مدنيًا على الأقل، وإصابة أكثر من 410 آخرين، حسب وكالة الأناضول التركية.
وتشن قوات النظام وحلفائه الروس والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران، هجوما واسعا على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماة، الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد.
وتمكنت تلك القوات من السيطرة على عدد من المواقع في المنطقة تزامنا مع استهدافها بقصف جوي ومدفعي عنيف.
وأعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد في إدلب، وفقًا لاتفاق موقع في مايو/أيار 2017.
وفي إطار الاتفاق، تم إدراج إدلب ومحيطها (شمال غرب)، ضمن “منطقة خفض التصعيد”، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب وحماة واللاذقية.
وعلى خلفية انتهاك وقف إطلاق النار من قبل النظام السوري، توصلت تركيا وروسيا لاتفاق إضافي بشأن المنطقة ذاتها، بمدينة سوتشي، في 17 سبتمبر/أيلول 2018.
ورغم اتفاق سوتشي، واصل نظام بشار الأسد، هجماته على المنطقة بمساعدة داعميه، حيث ازدادت كثافتها منذ الاجتماع الـ12 للدول الضامنة في العاصمة الكازاخية نور سلطان، يومي 25 و26 أبريل/نيسان الماضي.
وحاليا، يقطن منطقة “خفض التصعيد”، نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف ممن هجرهم النظام من مدنهم وبلداتهم بعد سيطرته عليها.
المصدر: ترك برس