كتبها-خليفة خضر:
يحاول من تبقى في الحي، تصليح الكهرباء وشراء كابلات جديدة للحي وتمديدها لمنازلهم لكي يعرفوا ما يحدث في العالم، تعلم الأهالي صيانة الكهرباء من كثرت مشاهدتهم لعمال الكهرباء أثناء تصليح وتمديد الكهرباء سابقاً، وأخرين كانوا ممن سرقوا الأكبال، اليوم يشترون أكبال خاصة لمنازلهم، لما سرقوا بالأساس؟ هل ينتقمون من كل ما يتعلق بالدولة؟
تأتي الكهرباء لساعات قليلة، وكلما أراد أحد الأهالي الاستحمام صباحاً، انقطعت الكهرباء، اليوم لم تنقطع الكهرباء صباحاً، بل هوى صوت صفير من السماء على الشارع العام، كان ثمة عدة منازل هنا، الأن لا وجود لها، لم نعرف ما هو الشيء الذي قذفته الدولة على الشارع، بالطبع ليست مساعدات إنسانية، لربما صاحب المنزل مخالف وكان قد بنى منزله أثناء انشغال الدولة بقمع المظاهرات، ولم يدفع رشوى للدولة المشغولة عنه.
دخان أبيض يعمي الوجوه، أبحث بين الدخان الناتج عن دمار المنازل الموجودة على طرفي الشارع، على من يبحث معي عما رمته الدولة حتى يفعل ما يفعله في منازل الشارع، كل الأهالي ممن حضروا القصف كبروا وشاخوا وتحولوا لكبار بالعمر حتى الصغير منهم، قذائف تكبرنا في العمر وتحول شعرنا لأبيض، ورجال لم يعرفوا بعضهم البعض، تم اسعاف من تسببت شظايا القصف بطعنه ولا أمل بعودة الكهرباء مهما طال الزمن، رسمت على مدخل الشارع العام، لمبة صفراء تبكي، مذيلة بذكرى انقطاع الكهرباء عن الحي.
وطأة انقطاع التيار الكهربائي بشكل قطعي والمياه التي فجرت البراميل المتفجرة القنوات الخاصة بها، لم يشكل مأساة للأهالي، هم بالأساس كانت الحياة تسير هكذا بالنسبة لهم، دون ماء وكهرباء قبل المعارك وقبل ترك الدولة لهم والتخلي عنهم وحماية ما يهمها فقط، الحياة بدون ماء وكهرباء هي الأساس والطبيعية باالنسبة لهم، ومعها سيكون أمر شاذ لم يألفه أهالي الحي، لذلك سرعان ما تأقلموا على الحياة باستخراج اللوكس وما يسمى بالبوتكاز واستجرار الماء من الأبار المحفورة بالسر داخل بيوت المنازل خوفاً من ردم الدولة للأبار، علم الأهالي أن مخالفة القانون التي كانت تشعرهم بالذنب في السابق ما هي إلا سبل الخلاص في الوقت الذي يعيشونه.
ما زاد كره الأهالي للدولة هي معرفتهم أن الدولة بشكل صارم لم تكن لتتقبل وجودهم في المدينة، الدولة تركت عدة أحياء وقاومت في عدة أحياء، هكذا يعقب أهالي الحي وما يزيد سخطهم على الدولة هو تهديد بعض من انتسب لما يسمى بـ ” الشبيحة” لمن بقي في الحي بالعمالة لأمريكا واسرائيل والسعودية وقطر وتركيا دون التفريق بين الدول السابقة.
يسامرون أنفسهم في منزل واحد منهم ليلاً ذاك الميسور مادياً والذي يشعل مولد الكهرباء مما يسمح بتشغيل التلفاز ومشاهدة الأخبار وما يحدث في العالم، إذ كان يضع صاحب المنزل مولد الكهرباء في منزل مهجور متعمداً ذلك كي لا يرصد الطيار أحداثيات المبنى ويقصفها، أو لئلا يسمع الطيار صوت المولد ليلاً.