جسر: صحافة:
تحدثت مجلة “Foreign Policy” الأمريكية، في تقرير أصدرته، يوم الخميس 9 اكتوبر/ تشرين الأول، عن إنجازات روسيا بعد خمس سنوات من تدخلها العسكري في سوريا.
وكان التقرير قد استنكر الانتقاد الذي وجهه الرئيس الروسي، فلاديميير بوتين، للتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، مبرراً لبلاده تدخلها وفي معرض انتقاد الرئيس الروسي لتدخل الولايات المتحدة أنها دمّرت المؤسسات الوطنية بدل إصلاحها، وكان من نتيجة هذا التدخل حلول العنف والفقر وعدم وغياب حقوق الإنسان بدلاً من انتصار الديمقراطية والتقدم.
وجاء في التقرير أنه وبعد خمس سنوات من التدخل الروسي في سوريا، فليس هناك إلا الكثير من مشاهد “الدمار الصادم”، ولا سيما في الهجوم “الوحشي” على مدينة حلب، الذي حولها إلى مجرد أطلال ومدينة أشباح، أمّا من ناحية العتف والفقر والكوارث الاجتماعية فإنها في حالة ازدياد مستمر، والشعب في وضع العاجز عن فعل أي شيء.
وأما بالنسبة لحقوق الإنسان، فإن حكومة نظام الأسد ارتكبت افظع الجرائم ضد الإنسان، من تعذيب وتدمير واعتقال تعسفي وقتل ممنهج.وما نشره قيصر يعبر افضل تعبير عن حال حقوق الإنسان في سوريا.
وجاء في التقرير أن الاستقرار السياسي والتعافي الاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط الذي وعد به الرئيس بوتين “يبدو بعيدًا كما كان دائمًا”، فالحرب في سوريا مازالت قائمة، والقتال على جبهات إدلب مازال مستمراً.
وبالرغم من الوعود الروسية بتحسين الاقتصاد السوري لا يزال المواطنون السوريون يعانون بشدة، و”تبقى إعادة الإعمار حلمًا بعيد المنال”، إذ لم تخصص روسيا سوى القليل من الأموال لإعادة بناء البلاد، “على أمل أن يدفع الغرب في النهاية الفاتورة لتجنب المزيد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا”.
وتحدث التقرير عن امتداد الحرب في سوريا إلى جميع أنحاء المنطقة أيضًا، إذ لم تؤثر فقط على الجارتين لبنان وتركيا، بل امتدت لتصل إلى ليبيا أيضًا، حيث كان لروسيا تأثيرًا معاكسًا على المنطقة بعيدًا عن تحقيق الاستقرار.
واعتبر التقرير أن هذه الانتقادات لا تهم موسكو، لأن الهدف من التدخل العسكري الروسي هو تأكيد وجود الكرملين في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط، ولن تنته الحرب في سوريا إلا بموافقة روسية.
كما جعل الكرملين نفسه لاعبًا رئيسيًا في النزاعات الإقليمية الأخرى أيضًا، بما في ذلك حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا.
وأشار التقرير إلى أن روسيا لم تنجح في إقامة السلام في سوريا، ولم تسفر وساطاتها بين حكومة نظام الأسد والمعارضة عن أي شئ، كما لم تنجح في إيقاف القتال في شمال شرق سوريا.
وكان بوتين أعلن في 2016 أن روسيا تنسحب من سوريا، وأعلنت مرة أخرى في 2017، لكن روسيا لم تبد أي بوادر على الرحيل.
ووفقًا للتقرير، يرى الكرملين أن الذكرى السنوية الخامسة للتدخل الروسي في سوريا “ليست وقتًا للتفكير في حرب بلا نهاية”، ولكن كفرصة لـ”تحميص النجاح”، والأمل في أن تستمر روسيا حتى نصف عقدها الثاني.
وفي 14 من كانون الثاني 2016، أجرت موسكو والنظام السوري عمليات جوية مشتركة، للمرة الأولى منذ بدء التدخل الروسي في سوريا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، حينها، أن طائرات النظام السوري “MIG-29″، وفرت غطاء جويًا لطائرات روسية من طراز “SU-25”.
واستمرت روسيا بدعم نظام الأسد سياسيًا بالتوازي مع الدعم العسكري، عبر 16 “فيتو” في مجلس الأمن الدولي، وكان آخرها التصويت ضد تمديد التفويض لآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود والضغط للاقتصار على معبر واحد.
وبالرغم من أنّ القوات الروسية استطاعت أنْ تساعد الأسد في إعادة سيطرته على مناطق كانت خارج سيطرته، إلآّ أنّ هذه السيطرة جاءت بعد تدمير كاملٍ للبنية التحتية في هذه المناطق وبعد تفريغها من كامل سكانها، وبالتالي لنْ يتحقق أي شكل من الاستقرار إنْ لم تتم عملية الانتقال السياسي والتي يجب أنْ تنصف حكماً كل هؤلاء الضحايا، ويتضح بجلاء أنّ ما أجزته روسيا في سوريا بعد 5 أعوام من تدخلها هناك، مشهد مذهل من الدمار والخراب.