جسر: صحافة:
عرفت مدينة دمسق بأنها جنة المتعب وأم الفقير، وبالرغم من أن أغلب التقارير تسير إلى أن دمشق هي المدينة التي يستطيع الإنسان العيش فيها بتكاليف بسيطة إلا أنها أصبحت اليوم المدينة الأسوأ للعيش بسبب تدهور سعر صرف الليرة السورية، وذلك حسب ما جاء في صحيفة الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة، أنه ومع دخول فصل الشتاء تزداد معاناة السوريين وتوقعت أن يكون هذا الشتاء هو الأكثر قسوة بالنسبة لهم، في ظل افتقاد المواد الرئيسية وخصوصا الخبز.
وبحسب تقرير وحدة الدراسات البريطانية «إيكونوميست إنتليجنس»، أن دمشق هي المدينة الأرخص في تكاليف العيش لكنها الأسوأ للعيش. وأخذت الدراسة في الاعتبار أسعار 138 سلعة وخدمة وقارنتها مع سلع في 133 مدينة رئيسية حول العالم، قياساً بمستوى الإيجار والنقل والتعليم والطعام والشراب ومستلزمات المنزل والعناية الشخصية، وكان سعر صرف العملة المحلية في كل دولة مقابل الدولار الأميركي، عاملاً رئيسياً في تحديد ترتيب المدن في الدراسة أيضاً.
وبعد استقرار نسبي لسعر صرف الليرة إلا أنها عادت مجددا للارتفاع لتقارب 3000 ليرة سورية مقابل كل دولار أمريكي، مما أربك الأسواق، ونقلت الشرق الأوسط عن تاجر دمشقي قوله: “إنه «مع كل هزة عنيفة في سعر الصرف تغلق عشرات المحال والمصالح والورش الصغيرة؛ فالتضخم الحاصل يأكل الرساميل الصغيرة. والمشكلة أن المجتمع السوري يتكئ على المشاريع الصغيرة لدفع عجلة الاقتصاد المعطلة، فمهما ارتفعت الأسعار فإنها لا تغطي الخسائر الناجمة عن اختلال سعر الصرف على المدى القصير. ومن يبيع بضاعته وفق سعر اليوم يستيقظ اليوم التالي ليجد نفسه خاسراً؛ إذ لا يمكنه تعويض البضاعة التي باعها،” وأضاف التاجر «تكلفة الإنتاج لا تقتصر على تكاليف المواد الأولية اللازمة للإنتاج والتي يتم تأمينها بصعوبة بسبب العقوبات وحظر تداول القطع الأجنبي، بل أيضاً في التكاليف المضافة، كالنقل والطاقة وارتفاع أسعار المحروقات وصعوبة تأمينها، كل ذلك يضاعف التكاليف وتضاف على سعر المنتجات».
يذكر أن حكومة نظام الأسد رفعت أسعار المحروقات بكافة أنواعها منتصف الشهر الماضي، ناهيك عن شح المحروقات، وازدياد الضغط على طلبها بسبب قدوم الشتاء.
ومع مصارحة وزير الكهرباء، بأن الوزارة ستزيد من ساعات التقنين وأنها لا تستطيع تأمين الوقود الكافي لتشغيل محطات التغذية، يصبح الأمر أشد قسوة حيث توفر الكهرباء في الكثير من الأحيان بديلا عن مصادر الطاقة الأخرى.
وتنقل الصحيفة عن المهندس أبو عاطف الموظف الحكومي والذي لايتعدى راتبه الشهري ما يعادل 100 دولا أمريكي ” يقول أبو عاطف: إن تردي الوضع المعيشي وعدم توفر المواد الأساسية والغلاء، غيّر من أولويات السوريين اليومية، فبينما كانت الأولوية في الشتاء الماضي تأمين الغاز المنزلي ومازوت التدفئة، أصبحت الأولوية هذا العام تأمين رغيف الخبز، ووسيلة النقل؛ فالسوريون باتوا يتحملون البرد والأمراض الناجمة عنه لعجزهم عن تأمين ثمن المحروقات. ويتابع «في عام 2003 كنت مرفهاً من حيث الرخاء المادي والمعيشي، في حينها كان دخلي الشهري مائة ألف ليرة، أي ألفي دولار، اليوم دخلي 250 ألفاً ويعادل نحو مائة دولار أو أقل».
برأي أبو عاطف «عندما نحسب الأسعار قياساً إلى الدولار نجدها اليوم أرخص بكثير مما كانت عليه قبل عشر سنوات، لكن دخل السوريين بالعملة السورية التي فقدت الكثير من قيمتها. أنا مهندس وأُعتبر من الطبقة الوسطى، لكن دخلي منفرداً، لم يعد كاف لإطعام أسرتي في الحد الأدنى لمدة أسبوع واحد».