جسر – متابعات
نشر موقع “صوت أميركا” تقريراً أكد فيه أن أزمة خطيرة جديدة ستؤدي لدفع المزيد من السوريين لمغادرة البلاد والهجرة، بحثاً عن حياة أفضل.
وورد في التقرير الذي نقلته قناة “الحرة”، إنه بحسب تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في أكتوبر، فلا يزال السكان في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لسوريا غير قادرين على الوصول بشكل صحي وآمن إلى إمدادات كافية من المياه الصالحة للشرب، لأسباب بيئية جراء ظروف فرضها الصراع الطويل.
ووفقاً لخطة عمل الأمم المتحدة في 9 سبتمبر لمعالجة أزمة المياه، فإن وصول 5.5 مليون سوري أضحوا بحاجة إلى إمدادات المياه الحيوية بعد تناقص مستويات نهر الفرات منذ يناير الماضي.
وذكر تقرير الأمم المتحدة في سبتمبر أن قلة المياه التي تتدفق إلى النهر من المنبع في تركيا، بالإضافة إلى قلة الأمطار وارتفاع معدل درجات الحرارة قد أدى إلى خلق ظروف شبيهة بالجفاف في شمال وشرق سوريا.
ويؤكد بعض الخبراء إن خطورة الوضع في سوريا تُعزى إلى حد كبير إلى تأثير تغير المناخ في المنطقة، وذلك بحسب كلام ستيفن جوريليك، الباحث في معهد وودز للبيئة بجامعة ستانفورد ومدير مبادرة المياه العذبة العالمية، وهو برنامج يهدف إلى زيادة إمدادات المياه العذبة في البلدان المهددة بتغير المناخ، مثل الأردن.
ولفت جوريليك إلى أن نتائج عمله في الأردن قد تستخدم لتقييم ندرة المياه في دول الشرق الأوسط الأخرى، مثل سوريا، لافتا وأشار إلى أن موجات الجفاف تحدث بانتظام في المنطقة المعروفة بمناخها شبه الجاف بشكل طبيعي قبل أن تتفاقم الأمور بسبب التغيرات المناخية الأخيرة.
وأكد الباحث الدولي أن العديد من دول الشرق الأوسط سوف تشهد توترات قد تمتد لفترات طويلة من الزمن جراء قلة المياه.
ضعف القدرات التشغيلية
وبالإضافة إلى العوامل المناخية التي عجلت بأزمة المياه، فقد تضاءل وصول المدنيين إلى المياه بسبب أنظمة إمدادات المياه، بحسب تقارير دولية.
وأوضحت خطة عمل الأمم المتحدة أن الإغلاق المتكرر و”القدرة التشغيلية المنخفضة لمحطة مياه علوك” في شمال شرق سوريا هددا بمنع الوصول الماء إلى حوالي 500 ألف شخصي مدينة الحسكة، شمالي البلاد، والمنطقة المحيطة بها.
وحدثت مشاكل مماثلة مع محطة مياه الخفسة، التي تزود حلب بالمياه القادمة من نهر الفرات، ونفس الأمر ينطبق على محطة ضخ المياه القريبة من عين البيضاء بالرقة، والتي تزود ما يقدر بنحو 184 ألف شخص بالمياه.
وتعتبر محطات معالجة المياه والصرف الصحي ضرورية أيضًا للحفاظ على إمدادات المياه الصالحة للاستهلاك البشري. لكن كبيرة مستشاري الاتصالات والمتحدثة باسم المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رولا أمين، قالت إن وكالتها تقدر أن 50٪ من تلك المحطات لا تعمل.
ويختلف الوضع الحالي بشكل جذري عن عام 2011، وقت بداية الصراع بين النظام والمعارضة، إذ كان أكثر من 90٪ من السكان يحصلون على المياه الصالحة للشرب، وفقًا لأمين.
وقد أدت أزمة المياه إلى مشاكل أكبر، فقد ألحقت ندرتها أضرارًا بالمحاصيل وسبل العيش الزراعية، وقلصت فرص الحصول على الغذاء ورفعت بشكل كبير أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.
وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهو رقم، إلى جانب معدلات سوء التغذية، سيزداد سوءًا مع الجفاف، بحسب دراسات الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن تدفع الحاجة إلى الماء والغذاء والإمدادات الأساسية، الأشخاص النازحين بالفعل إلى الهجرة مرة أخرى، وهنا تقول أمين: “لا مفر من أن تزداد الأزمة سوء، ونتوقع أنها ستؤدي إلى نزوح، وتضعف قدرة السكان على الاستمرار في معيشتهم”.
وتؤكد أمين أن أزمة المياه سوف تكون عقبة أخرى أمام السوريين لعودة الحياة إلى طبيعتها بعد عقود من الصراع، فيما تهدف خطة الأمم المتحدة الحالية لمعالجة أزمة المياه إلى ضمان حصول 3.4 مليون شخص على المياه الصالحة للشرب من خلال إعادة تأهيل محطات وإمدادات المياه وتحسين معالجة المياه.
وتعمل الأمم المتحدة أيضًا على معالجة انعدام الأمن الغذائي، وزيادة الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وذلك عبر تعاون المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع منظمات دولية أخرى مثل اليونيسيف ومنظمة الأغذية والزراعة.
وتضيف أمين أنه هناك حاجة إلى حلول مستدامة وطويلة الأجل لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسوريا عبر الاستثمار في المشاريع التي من شأنها أن تساعد في التخفيف من تأثير أزمة المياه، “وهذا لا يحدث في غضون شهر أو ثلاثة أشهر”.
وخلصت أمين إلى القول أن الناس في تلك المناطق باتوا يشعرون بالضيق والتعب، بسبب تفشي البطالة وقلة المساعدات الإنسانية، “وهذا لايترك أمامهم سوى خيارات قليلة للنجاة”، وبالتالي فإن الكثير منهم سوف يسعى إلى الهجرة والخروج من البلاد.