جسر – آرام الدمشقي (إدلب)
انتشرت السيارات الخاصة في الشمال السوري بشكل ملحوظ، وذلك بعد انسحاب قوات النظام من شمال سوريا بعد سنوات قليلة من انطلاق الثورة السورية، قبل تمكن قوات النظام من استعادة أغلب المناطق التي خسرها مرة أُخرى.
وأحد أهم أسباب الانتشار الكبير للسيارات في الشمال السوري، هو تعطّش المواطن السوري لاقتناء وسيلة نقل، كانت بالنسبة له ترفاً وفي كثير من الأحيان حلماً، حيث توصف السيارات في سوريا بأنها الأغلى ثمناً في العالم، بسبب ارتفاع مبلغ الضريبة المترتبة على السيارات التي توصف بسوريا بأنها من الكماليات.
ونشط تجار السيارات في الشمال السوري حيث عملوا على استيراد السيارات المستعملة من أوروبا عن طريق تركيا، وكان ذلك في الأعوام 2013 و2014 وجزء من عام 2015، إذْ توقفت عملية الاستيراد بقرار من الحكومة التركية.
وبعد توقف الاستيراد عبر الأراضي التركيّة، بدأ تجار السيارات باستيرادها عن طريق المناطق التي يسيطر عليها النظام، لكن كيف حدث ذلك؟
تعتبر المعابر التجارية بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، هي المرفق الوحيد الذي لا يتأثر بالأوضاع الميدانية العسكرية، فعلى الرغم من اندلاع العديد من المعارك، واستهداف النظام لمناطق الشمال السوري بكافة أنواع الأسلحة، إلا أن المعابر بقيت مفتوحة، ما خلا فترات قصيرة جداً، وذلك بسبب وجود مصلحة للطرفين في بقاء هذه المعابر مفتوحة، حيث تشكل التجارة مصدراً مهما للجانبين، سواء بسبب الحاجة إلى الأموال أو المواد الضرورية.
أما السيارات المستوردة، فكانت تدخل إلى الشمال بصفة قطع تبديل، حيث يتم قص السيارة نصفين أو أكثر في بلد المنشأ وتورد إلى سوريا على أنها قطع تبديل للسيارات المشابهة، بحسب ما أفاد “عبد الله، ن” أحد العاملين بتجارة السيارات في إدلب، لصحيفة “جسر”.
وأضاف أن كوريا الجنوبية تعتبر المصدر الرئيس لتلك السيارات، والتي راجت بصنفها المعروف بـ”السنتفيه” من شركة “هونداي” الكورية بالإضافة إلى سيارات “البورتر” الخاصة بالنقل التجاري.
وأشار إلى أنه يتم إدخال سيارات “القَصّة” وهو الاسم الشعبي السائد إلى مناطق الشمال “عن طريق تاجر من محافظة إدلب، بالتعاون مع تجار في مناطق سيطرة النظام عن طريق معبر تجاري يربط ما بين محافظتي حلب وإدلب”.
وتابع: “بعد دخولها الشمال السوري، على شكل أجزاء منفصلة، يتم تجميعها في عدة مراكز تجميع، لكن أهمها هو مركز التجميع في مدينة بنش شرقي إدلب، حيث يتم وصل وتجميع أجزاء السيارة وتأهيلها، لتوضع بعد ذلك في معارض السيارات”، والتي تعتبر مدينة سرمدا الحدودية مركزها الأهم والأكثر شهرة في مناطق شمال سوريا.
بالنسبة لأسعار سيارات “القصة” تتراوح بين 2700 إلى 3500 دولار أمريكي، وذلك حسب طراز السيارة، كما يذكر أن الموديلات المستوردة تنحصر في موديلات الأعوام بين 2002 و2008 فقط.
من الناحية القانونية لا تمتلك هذه السيارات أية صفة قانونية إذ أنها بدون رقم “شاسيه” وشهادة استيراد، وتتم عملية بيعها وشرائها بشكل عشوائي، وباتفاق بين البائع والمشتري بموجب عقد محلي.
أما من حيث إمكانية تسجيل السيارات المذكورة فلا وجود لأية مشكلة على الإطلاق، والمطلوب فقط دفع الرسوم وإبراز عقد الشراء، لتعطى بعدها رقماً وأوراقاً محلية. وينطبق هذا الأمر على كافة مناطق الشمال السوري، سواء بمناطق درع الفرات في ريف حلب الشمالي، أو في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب وريف حلب الغربي.
الجدير ذكره أن الحكومة التركية، أصدرت مؤخراً قراراً يسمح بإعادة استيراد السيارات الأوربية المستعملة عن طريق تركيا، الأمر الذي سيساهم بتراجع تجارة سيارات القصة التي لا تحقق المواصفات الفنية المطلوبة، والتي يعتبرها البعض سيارات قد تعرض أصحابها وركابها للخطر كونها تعتمد على أساليب بدائية في عملية التجميع.