برهان غليون
يعيش العالم العربي، ومنه المشرق بشكل خاص، إحدى أكبر الأزمات التي عرفها في تاريخه الطويل، فهو يكاد يفتقر اليوم إلى أي إطار قانوني أو سياسي أو أخلاقي يضبط سلوك عناصره ومكوناته، وتكاد الفوضى أن تكون الكلمة الوحيدة المعبّرة عن نوعية العلاقات التي تجمع بين هذه العناصر والمكونات، سواء كان ذاك على مستوى الجماعات والمجتمعات أو على مستوى العلاقات بين الدول التي تتنازع فيما بينها على كل شيء، تثبيت وجودها، وأمنها ومواردها وموقعها الاستراتيجي والدولي، ومستقبلها القريب والبعيد معا. وما من شك في أنه كان لهذه الفوضى التي تضرب أطنابها اليوم في مجتمعات الشرق ودوله الدور الأول في إجهاض ربيع الثورات التي راهنت عليها شعوبه من أجل الخروج من المخانق والطرق المسدودة التي قادتها إليها نخبها وطبقاتها السائدة.
لم ينه هذا الإجهاض، كما أملت الطغم الحاكمة، هذه الأزمة التاريخية، ولم يحل أي مشكلة أو يرد على أي تحد من التحديات التي كانت تواجهها النظم والدول المهددة بالتفكّك والانحلال، ولكنه عمّقها، وزاد من تفاقمها، ودفع إلى تفجير الأوضاع، وربما خروجها عن السيطرة. وبدل أن يساعد الانقضاض على الانتفاضات الشعبية القوى الإقليمية، الآيلة جميعا للسقوط، على تحسين مواقعها وإنقاذ بعض رهاناتها، أو على حسم صراعاتها التاريخية المديدة، والحصول على مكاسب منتظرة، قادها على العكس إلى شفير الهاوية. وفي هذه الفوضى، لم يعد هناك بلد واحد قادر على الاطمئنان لأمنه أو الثقة بمستقبل اقتصاده واستقراره الاجتماعي والسياسي، سواء تعلق الأمر بتركيا أو بايران أو ببلدان الخليج العربي الغنية، فما بالك بالبلدان الفقيرة المترنّحة. وقد ساهم الانزلاق نحو المواجهات العسكرية في تسعير التنافس على الهيمنة الإقليمية، وهو يعمل على تحويل المنطقة بشكل أكبر إلى مسرح لتصفية الحسابات المعلقة بين الكتل الدولية الكبرى على الأرض المشرقية. هكذا اختطفت القوى الأجنبية تضحيات الشعوب العربية التحرّرية، وجيّرت من أجل تعديل موازين القوى في نظام العلاقات الدولية، وربما عودة نظم حكم الوصاية والانتداب السافر أو المقنع في بلدانٍ عديدة كانت “مستقلة”.
(1)
كثيرون يُرجعون هذه الأزمة التاريخية، والفوضى العارمة التي تقود إليها على جميع مستويات الوجود الاجتماعي والاستراتيجي، إلى اندلاع الثورات العربية ذاتها، ويعتقدون أن الحل يكمن في استعادة المبادرة من النظم العسكرية والاستبدادية، وتجفيف ينابيع الأفكار الثورية التي يرونها متمثلة بشكل أكبر في هذه الحقبة في التيارات الإسلامية الراديكالية، بل في التديّن الاسلامي المحافظ ذاته، والذي تنظر إليه نخب عديدة اليوم على أنه يشكّل، في طبعته المتوترة الراهنة، أحد أخطر عوامل تقويض النظم الاجتماعية القائمة وتفجيرها. وأمام مشاهد التراجيديا الإنسانية التي تعصف بأكثر من مجتمع وبلاد، أصبح كثيرون من أبناء الشعب العاديين يندمون على الأوضاع السابقة، ويكاد بعضهم يحنّ إلى النظم الاستبدادية، ويعيد تثمينها وتثمين العسف والعنف الذي رافقها، على مبدأ: الكحل أفضل من العمى، وعيشة الذل والمهانة خير من معايشة المجازر، وقتل الناس بالجملة، وسلطة مليشياتٍ لا أحد يعرف كيف يمكن التخلص منها.
ويرمي آخرون مسؤولية ما يحصل من هذه الانهيارات على سياسة إيران العدوانية التي لا تخفي طهران تبنيها في سبيل توسيع دائرة نفوذها وانتزاعها موقع القيادة السياسية والعقائدية في الإقليم بأكمله، ولا تتردّد في الإعلان عن نيتها غزو ما أمكن من البلدان العربية، ووضع عواصمها في مرمى مليشياتها وصواريخها الاستراتيجية. وفي المقابل، يعود محللون إلى طروحات “الاستثناء العربي” القديمة، لتفسير ما يعتقدون أنه عجز متأصل لدى الشعوب العربية عن ملاقاة المدنية الحديثة، لأسباب ثقافية، وربما انعدام قابليتها للتطور والتغيير، لضعف تمثلها أو قدرتها على تمثل قيم الفردية، وما يرتبط بها من قيم الحرية والعدالة والمساواة وحكم القانون التي لا يمكن إحراز أي تقدم اجتماعي وسياسي من دونها. يقول لسان حال هؤلاء: هذه شعوب جاهلة وأمية أظهرت بسلوكها أنها غير مؤهلةٍ لمجاراة الشعوب الأخرى المتقدّمة، ولا يزال أمامها سنوات وربما عقود طويلة قبل أن تصبح قادرةً على فهم معنى المدنية والحياة السياسية والأخلاقية السليمة، وتقبل حكومات ونظم ديمقراطية.
ويركز فريق آخر على هشاشة الجغرافيا السياسية لدول المنطقة، تلك التي جعلت المشرق منطقة عبور وتقاطع مصالح استراتيجية لقوى ودول ومصالح كبرى، ما يضعف قدرة شعوبها على تأكيد سيادتها واستقلالها وسيطرتها على مواردها وتحقيق الحد الأدنى من الانسجام والتجانس الديني والإتني داخلها. هكذا تبدو المجتمعات العربية في جميع هذه الحالات كأنها ضحية ساكنة لإرثها الديني أو الثقافي أو الجغرافي أو الأقوامي الذي يحرمها من إمكانية استيعاب قيم المدنية الحديثة، وبناء قدرات ذاتية تعزّز استقلالها وسيادتها، ومن بلورة إرادة مستقلة خاصة بها، وليس لها غنى ولا مهرب من التعايش مع واقعها، بانتظار أن تقرّر الدول والأحداث مصيرها في مستقبل قادم. ولن تقودها الثورات إلا الى مراكمة مزيد من الخسائر والانهيارات.
والحال، على العكس مما ذكر، لم يكن اندلاع الثورات الاجتماعية، وانتشار الشيع الدينية المتطرّفة والأقل تطرّفا، وتدهور قيم الثقافة المدنية والأخلاق الاجتماعية، وانتشار الحروب والنزاعات الإقليمية، إلا النتيجة الطبيعية والمنتظرة للأزمة التاريخية ذاتها، لا المتسبّبة بها، فما تعيشه مجتمعاتنا هو ثمرة ثلاثة إخفاقات كبرى، لا يمكن أن يستقر مجتمع بوجودها. الأول هو الإخفاق في بناء الدولة ذاتها، من حيث هي تجسيد مؤسّسي لرابطة سياسية اجتماعية وطنية، تعيد بناء العلاقات بين الأفراد على أساس القانون الواحد والمواطنة المتساوية والحريات الفردية التي يفقد الإنسان بغيابها استقلاله الشخصي، وبالتالي كرامته، ولا تقوم دولة اليوم وتستقر من دونها. والثاني الإخفاق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعني اليوم توفير فرص العمل لملايين الشباب، وفتح آفاق الحياة الاجتماعية المرضية والمنتجة أمامهم، وهو ما لا يمكن تحقيقه من دون النجاح في ولوج الثورة الصناعية والعلمية والتقنية. ومعظم الصراعات الدولية تدور حول الحصول على الموارد التي تسمح بتعظيم وتائرها، وزيادة فرص العمل وتحسين مستوى جزاءاتها من الأجور والمرتبات. والثالث ضمان الأمن والسيادة والاستقلال والحماية من الاعتداءات والتهديدات الخارجية التي لا يمكن لدولةٍ أن تكسب السيادة والشرعية، وبالتالي الصدقية والولاء، من دونها.
أمام هذه الإخفاقات التاريخية الكبرى، فقدت المجتمعات أي أمل في الدولة والنخب الحاكمة والسائدة في بلدانها، ولم تعد تثق بأن هناك من يمثلها ويدافع عن مصالحها وحقوقها وكرامة أبنائها واستقلالهم، لا في الداخل ولا في الخارج، لا بين المثقفين ولا بين السياسيين، فأصبح القلق على المستقبل وانعدام الثقة والأمن واليقين ثقافةً سائدةً لدى شعوبنا، وتربة خصبة لروح التمرّد والاعتراض والاحتجاج والهرب من القانون، بمقدار ما تحول القانون ذاته إلى أداة لتأبيد سلطة النخب الحاكمة، وأصبحت السلطة ذاتها مساويةً في الذهن والواقع معا للعنف والعسف والقهر والاحتقار، وتحولت السياسة من تأسيس لمبدأ الحرية والمشاركة في القرارات المصيرية إلى شرعنة لمبدا القمع الممنهج، بهدف تدجين الأفراد وضبط سلوكهم وتنظيمه، من خلال ترسيخ ردود الفعل المطلوبة عندهم، أي تأهيلهم للعبودية والطاعة من خلال العقاب والثواب.
هكذا أصبح العالم العربي، نتيجة هذه الإخفاقات، والخيارات التي قادت إليها، أكبر مصدّر للأيدي العاملة العاطلة عن العمل خلال العقود الخمسة الماضية، وأول منتج للحركات الراديكالية والمتطرّفة، بصرف النظر عن العقيدة التي تشرعن بها تمرّدها وانشقاقها، وأعظم مورد للاجئين الذين يقفون، منذ إجهاض ثورات الربيع العربي، بالملايين على أبواب أوروبا، وفي الواقع جميع الدول، هربا من الجحيم، وأملا في دخول أي جنة موعودة. بينما أدى العجز عن بناء استراتيجية وطنية ناجعة للدفاع عن المصالح الوطنية وحماية المجتمعات من التهديدات الخارجية واستمرار الاعتماد على حماية الغرب والالتحاق به إلى فقدان أيٍّ من معاني الاستقلال، وفي النهاية إلى التسليم لاسرائيل والرهان على حماية من كان من المفروض أن تبنى القوة لمواجهة عدوانه، بينما لم يبق للأجيال الجديدة لضمان مستقبلها سوى الرهان على فتات اقتصاد ريعي وتوزيعي تحرّكه شهوة مراكمة المال والثروة لدى الحاكمين وحاشيتهم، ولا تفيد منه إلا فئة صغيرة، لقاء قبولها الولاء والاستزلام والخضوع لسياسات هدفها الوحيد إخضاع الشعوب، والحصول على استسلامها، والقضاء على أي أمل بإطلاق مشاريع تنمية اقتصادية واجتماعية ناجعة، تضمن الحد الأدنى من حقوق الأفراد ومستقبل الأجيال الجديدة من الشباب، وتأهيلهم للحياة، ودمجهم في مجتمع حي ومتضامن.
هذا يعني أن مواجهة الأزمة المشرقية المتفجرة يستدعي العودة إلى التفكير في الخيارات الهزيلة والخاطئة التي تبنتها النخب الحاكمة في المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والدينية، ثم إصرارها على رفض النظر فيها أو مراجعتها، واستعدادها لخوض الحرب دفاعا عنها، كما أظهرته سياسات قمع الانتفاضات الشعبية ووأدها حية في أكثر من موقع وبلد، فبمقدار ما قادت هذه الخيارات إلى مآزق وانسدادات واختناقاتٍ لا مخرج منها، جعلت من اندلاع الثورات والنزاعات الأهلية المتنفس الوحيد والحتمي للضغوط والتوترات الداخلية، ومن تنمية ثقافة العنف والتطرّف والتشدد الديني والعلماني، وتسييس العقائد الدينية أيضاً، عند شريحةٍ واسعةٍ من الأوساط الاجتماعية المزنوقة والمهددة في كرامتها وشروط حياتها. وهذا هو أيضا السبب في تراجع القيم المدنية، وتنامي نزعة العدوان والإقصاء وتراجع قيم الألفة والمودة والحوار والتواصل والمسايرة. والفراغ الروحي والمادي والاستراتيجي، أي فراغ القوة الذي قادت إليه هذه السياسات الكارثية، هو الذي حوّل الموقع الجيوسياسي المتميز والحيوي، الذي بنت عليه مجتمعات المشرق، منذ أقدم العصور، ازدهارها وتفوقها الروحي والمدني والأخلاقي، إلى مصدر هشاشة مدمّرة للاستقلال والسيادة، وفرض على أصحابها خيار التبعية والالتحاق بالقوى الأجنبية خسارة احترام العالم لها واحترامها نفسها. وهذا ما أوحى لقادة الحكم التيوقراطي في طهران أيضا بأن الفريسة الخائرة أصبحت جاهزة للالتهام، وأنه من حطام الدول العربية يمكنها تأسيس إمبراطورية تاريخية كبرى على منوال إمبراطوريات القرون الوسطى الفانية.
(2)
ينطبق هذا على البلدان العربية بشكل خاص، لكنه ينطبق أيضا على إيران التي فضلت السير في طريق الغطرسة القومية والدينية والتضحية بمستقبل شعوبها وحقوق أفرادها من أجل أوهام سيطرة إقليمية مستحيلة، والطمع في الوصول إلى موقع العالمية، والمشاركة في القرار الدولي الذي تعتقد أنها تستطيع، من خلاله، زيادة مواردها وتأكيد شرعية وجودها واختياراتها. والحال لم تكن النتيجة الملموسة لهذه السياسات حتى الآن، ولن تكون سوى التدمير المنظم للمنطقة بأكملها، وهدم الدول على رؤوس أبنائها.
لن تخرج المنطقة وبلدانها ومجتمعاتها من حقبة الانتفاضات والثورات والقلاقل والاضطرابات والعنف بكل أشكاله، ما لم تدرك “قياداتها”، إذا كان لا يزال من المشروع أن نتحدّث بعد عن قيادات، جوهر هذه الإخفاقات الكبرى ومعناها وآثارها، وما لم تركّز جهودها على استدراك ما فاتها منها، ووضع الخطط وتوفير الموارد وبلورة السياسات الناجعة والتحالفات الإقليمية والدولية الضرورية أيضا للخروج من الهوّة التي سقطت فيها المنطقة ونظمها وسياساتها، وإخراج مئات الملايين من شبابها المنذورين للبطالة الدائمة والبؤس والتعتير، من حالة اليأس وانعدام الأمل والقنوط التي تشكل الثدي المرضع لحركات التطرّف الدينية وغير الدينية، وللجريمة المنظمة القادمة.
هذا الكلام ليس موجها إلى سلطاتٍ قائمةٍ فقدت شرعيتها وعلاقتها بشعوبها، ولم تعد تعرف وسيلة أخرى للبقاء والاستمرار إلا العنف، ودفن أحلام شعوبها بكل الوسائل، وقطع الطريق عليها للقيام بأي نشاط أو حركة لتغيير أحوالها، ودفعها بالقوة إلى الهجرة والارتحال واستخدام مهاجريها وسيلةً للابتزاز السياسي للدول الغربية، حتى تستمر في دعمها وتأييدها. إنه موجهٌ، بالدرجة الأولى، إلى قادة الحركات والأحزاب والقوى الجديدة الناشئة التي ولدت من روح الثورات العربية، ولا تزال تنبض بشعاراتها وقيمها وتطلعاتها، حتى لا تغيب المسائل التي تطرحها هذه الإخفاقات عن ذهن الأجيال الجديدة القادمة، وتدرك حجم التحدّيات التي تواجهها، والمهام التي تنتظرها لتحقيق حلمها في بناء دولة ديمقراطية حرّة لجميع مواطنيها.
فعلى دولة الديمقراطية المنشودة يقع عبء مواجهة نتائج هذه الانهيارات، ووضعها منذ الآن في حساباتها والتفكير في بناء الجبهة الداخلية القوية والعريضة، وتوسيع دائرة التحالفات الخارجية، التي لا غنى عنها جميعا لتجاوز آثارها. وعلى قوى الديمقراطية ألعربية أن تدرك، منذ الآن أيضا، أن فشلها في إيجاد الحلول الناجعة لهذه الاختناقات المادية والمعنوية في بنية المجتمعات وشروط وجودها وأمنها ووسائل عيشها يعني نهاية الخيار الديمقراطي ذاته، واحتمال أن تتبنّى النخب السياسية الجديدة سيرة أسلافها، بعد أن تستخدم الثورات العديدة القادمة منصة للوصول إلى السلطة، وتطبيق النمط ذاته من السياسات الضعيفة والضيقة الأفق، والاستفادة من كرسي الحكم لتأسيس أمجاد شخصية فارغة.
لكنه كلام موجّه أيضا إلى المجتمعات الغربية، والأوروبية منها خصوصا، التي سوف تعيش منذ الآن في هوس المواجهة الدائمة لموجات المهاجرين الباحثين عن مورد رزق وحياة نصف كريمة أو ربع كريمة، والذين لن يتأخروا كثيرا قبل أن يغزوا بالملايين ترابها، لعلها تدرك أن إعادة تدوير الأنظمة المافيوية والاستبدادية والعسكرية لم يعد سياسةً ناجعة، وليس من الممكن بناء جدار على طول المتوسط على منوال جدار الفصل العنصري في إسرائيل، أو الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، ولن تجد في مثل هذه الأساليب أي حمايةٍ ممكنةٍ لحدودها، ولا طريقة فاعلة لضبط سلوك المجتمعات، وتحييد مخاطر انفجاراتها.
لن يتوقف في القريب ما تعيشه مجتمعاتنا من أزماتٍ ملتهبة وانهيارات متواترة، ولكنه سوف يستمر فترة طويلة، ولن يقتصر على تفجير ثورات ونزاعات وحروب، وتهجير ملايين البشر كما حصل، ولكنه سوف يكون المولد لمفاجآت كثيرة غير متوقعة، أو من الصعب جدا التفكير في إمكانها الآن. هذا هو الثمن الباهظ للقبول الطويل بالأنظمة الاستبدادية ولإجهاض انتفاضات الربيع العربي التي كانت ربما الفرصة الأخيرة لانتشال سفينة العرب الغارقة.
العربي الجديد:29/7/2019