جسر:متابعات:
يروي حكايته، وهي ليست ككل الحكايات، حكاية تنتهي بمجرد أنْ نقرأها، بجدارة نستطيع القول إنها حكايةٌ سورية.
كتب بوسته الأخير وهو يُعْلمنا بأننا عندما نبدأ بقراءة هذا المنشور، تكون القصة قد انتهتْ فعلاً.
“غدير سلامة” مدرّس رياضيات من مدينة طرطوس، يقتل بناته، أو بالأحرى يقتل نفسه، لأن هذا القرار اتخذ بالفعل، يقرر الانتحار، لكنْ قبل ذلك عليه عملٌ يجب أنْ يؤديه.
في رسالته الأخيرة كتب غدير: أصدقائي الكرام، عندما تبدؤون بقراءة رسالتي تكون القصة قد انتهت، لكنْ علي أنْ أعلمكم بسبب اتخاذي هذا القرار،إليكم ذلك: “أحمد عديرة” أبو ياسر من قاطني مدينة طرطوس، وينحدر في أصله من الغاب في محافظة حماة، وسأرفق لكم بعض من صور صفحته، وصوره، على الفيسبوك، كما سأرفق لكم تهديداته لي، لأني لم أقمْ بعملٍ طلبه مني في الوقت المحدد في 27 أيلول، الخلاف كان فقط على تاخير ثلاث ساعات طلبتها منه كمهلة لإتمام ما يطلبه مني، أكدت له أني سأنهي العمل كحد ٍ أقصى في الساعة التاسعة مساءً، والذي أجبرني على هذا التأخير ظروف قاهرة، وضحتها له، وبالتفصيل، لكنه لم يتقبل مني أي عذر، وبعد كل شرحي لأسبابي ، كان جوابه، أنّه لا يستطيع لأنّ جماعته حسب قوله لاتقبل أي عذر.
تهديده لي كان لأعز ما أملك، بناتي، اللواتي هددني بقتلهن، وأنه سيحرقنا جميعاً، وأكد لي أنّه قادرٌ مع مَنْ وراءه على فعل ذلك، فهو ليس بمفرده، إذْ يشترك معه “بنيامين الكردي” أبو المقداد الذي يعمل بكل شيء لكنْ عن طريق الاحتيال، ويسكن أبو المقداد في دوير الشيخ سعد. ويعزز غدير أقواله بتسجيلات صوتية يذكر أنها موجود على تابه الخاص.
مرةً أخرى يعود غدير إلى أحمد عديرة ليعطي معلوماتٍ إضافية عنه ويقول: هو يعمل لدى قريبه، (موزع جملة) يدعى حسن رزوق أبو علي، وهو صاحب شركة اللوتس للتجارة.
ويضيف غدير في منشوره ملاحظة جاء فيها (بالنسبة لأحمد عديرة، إنْ كان صادقاً فالضغط عليه كان من الجماعة التي تنتظر نتيجة عملي الذي من المفترض أنْ أقوم به).
وبلا رابط منطقي بين عناصر المنشور والذي ربما كان سببه حالة الاضطراب التي يعيشها غدير، يذكر سبباً آخر لانتحاره وقتل بناته، يلخصه بخيانة أخيه فراس حافظ سلامة والدته هيام، ورفيقه عصام محمد، وذلك حين كانوا متطوعين في الفيلق الخامس منذ ثلاث سنوات حيث سرق هؤلاء أسلحة من الفيلق وباعوها لجهات يقول غدير إنّه لايعرفها، هذه المسروقات هي أسلحة وذخائر وصواريخ مضادة للدروع كما أقرّ لي أخي بعد أنْ أنكر كثيراً، وأعتقد أنّ الجهات اشترت المسروقات من الأسلحة والذخائر تتبع للمسلحين في منطقة حلفايا قرب مدينة محردة، ويقول عصام، ما قبل وبعد حلفايا توجد مرحلة الزلاقيات، وغيرها التي كانت تحت قيادة العميد عصام خير بك الذي نهب معظم حلفايا وما قبلها، وكان ذلك بمعية العديد من عناصر الفيلق، عن طريق ما يسمى بالتعفيش.
ويختم غدير منشوره بقوله،أمّا موضوع الخيانة لم أتحمله مطلقاً. وفي النهاية يذيّل منشوره بمكان الحدث …. سوريا، طرطوس.
أسئلة كثيرة يطرحها غدير في رسالته، فهل فعلاً هذه الأسباب كافية لقتل بناته ومن ثم انتحاره؟ إذا كان الجواب ب نعم، فهل يعرف غدير الطريقة التي ينتقم بها هؤلاء حتى وجد أنه من الأفضل أنْ يقتل بناته وينتحر؟
على الرغم من التفاصيل الكثيرة التي ضمنها غدير في رسالته إلا أنّ من المؤشرات ما يدل على أن ثمة تفاصيل اخرى تتعلق بطبيعة هذه الجماعات وطرق انتقامها، التي فضل غدير موت بناته وموته على التعرض لها؟