ديرالزور بلا جسور.. العزلة تحاصر السكان والمعابر المائية تحصد الأرواح

شارك

جسر – دير الزور (محمد جنيد)

شهدت محافظة ديرالزور دماراً شبه كلي لجسورها الحيوية خلال سنوات الحرب، ما تسبب بعزل أحيائها ومناطقها المختلفة عن بعضها البعض، خاصة أن نهر الفرات يقسم المدينة إلى ضفتين. منذ عام 2014، كانت هذه الجسور هدفاً مباشراً للهجمات العسكرية، في محاولة لفرض الحصار على الأحياء التي كانت خارجة عن سيطرة النظام آنذاك.

الجسور التي كانت ذات يوم رمزاً لوحدة المدينة وتحرك سكانها، لم يتبقَ منها اليوم سوى أنقاض شاهدة على الدمار والحرمان، ولم يقتصر انهيارها على الجانب الخدمي، بل أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتعقيد الوصول إلى الخدمات الأساسية، كالرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل.

المعابر المائية… حلٌ اضطراري محفوف بالمخاطر

في ظل غياب الجسور، لجأ سكان دير الزور إلى استخدام المعابر المائية لعبور نهر الفرات، سواء للتنقل الشخصي أو لنقل البضائع والسيارات. ورغم كونها وسيلة بديلة، إلا أنها تفتقر لأبسط معايير السلامة، ما تسبب مؤخراً بكوارث إنسانية.

وفي 28 نيسان 2025، غرقت “عبّارة مائية” في نهر الفرات في منطقة الجنينة بريف ديرالزور الغربي، وكانت تحمل سيارة من نوع “إنتر” محملة بالإسمنت وعدداً من الركاب.

وتسبب انحراف السيارة عن مسارها في اختلال توازن العبارة، ما أدى إلى انقلابها وغرق أحد الركاب، وهو شاب في العقد الثالث من عمره، فارق الحياة متأثراً بالحادثة.

وفي نفس اليوم، تكررت المأساة، حيث غرقت عبّارة أخرى في معبر حطلة شمالي ديرالزور، ما أدى إلى سقوط شاحنة محملة بالخضار في النهر. واقتصرت الأضرار هذه المرة على الخسائر المادية، لكنها زادت من مخاوف السكان وعمّقت الإحساس بالخطر الداهم من استخدام هذه المعابر اليومية.

مطالبات شعبية بإعادة الإعمار وإنهاء العزلة

في ظل استمرار معاناة الأهالي نتيجة غياب الجسور، يبرز مطلب إعادة إعمارها كضرورة قصوى، لا مجرد مشروع بنية تحتية، فإعادة الربط بين ضفتي المدينة من شأنه إحياء الحركة الاقتصادية، وتسهيل وصول السكان إلى الخدمات، وتعزيز التماسك الاجتماعي الذي تآكل بفعل سنوات العزلة القسرية.

وناشد المجتمع المحلي جميع الجهات المسؤولة والمؤسسات الإنسانية والدولية التدخل العاجل لإيجاد حلول عملية، سواء بإعادة بناء الجسور أو توفير بدائل آمنة ومستدامة. فالمعابر المؤقتة أثبتت خطورتها، ولا يمكن التعويل عليها طويلاً في ظل تزايد الضحايا والحوادث.

شارك