جسر: متابعات:
أطبقت قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه حصار نقطة المراقبة التركية التاسعة المتمركزة شرق مدينة مورك، بالقرب من طريق حلب – دمشق M5. ودخلت قوات النظام بحذر شديد مدينة خان شيخون صباح يوم الخميس بعد فشل جلسة المفاوضات التركية الروسية الثانية في العاصمة أنقرة، حيث لم يتمكن الجانبان من التوصل إلى حل فيما يتعلق بمنع دخول قوات النظام خان شيخون، أقصى جنوب محافظة إدلب.
وأغلقت قوات النظام والميليشيات المساندة لها الكريدور الذي ترك للفصائل المحاصرة للخروج منه. فتلاقت القوات المتقدمة من الجهة الشرقية في سكيك مع القوات التي سيطرت على الطريق الدولي شمال خان شيخون، وسيطرت على مدرسة السواقة وحاجز الخزانات.
وبعد ثلاثة أيام من حصارها، مشطت ميليشيات النظام المدن والبلدات والقرى التي حاصرتها في ريف حماة الشمالي، وبدأت بمدينة كفرزيتا أكبر مدن الجيب، صباح الجمعة، وسيطرت على تل الصياد وتقدمت في جنوب مدينة الطامنة على المحاور الشمالية لنهر العاصي، وعزلت نقطة المراقبة التركية التاسعة عن الطريق الدولي ومدينة مورك، وبسطت سيطرتها على لطمين واللحايا وعركبة وتل فاس ووادي قسمين وكعب الفرس ووادي العنز ووادي العسل.
وسادت مناطق محردة والسقيلبية والقرى الموالية أجواء احتفالية وشماتة واضحة عبر عنها نشطاء موالون على وسائط التواصل الاجتماعي. وفي السياق نشرت صفحة الدفاع الوطني في السقيلبية على موقع “فيسبوك” شريطاً مصوراً لقائد الدفاع الوطني فيها، نابل العبد الله، في حرم كنيسة القديس جاورجيوس خلال ما سمته “قرع أجراس النصر احتفالا بتحرير آخر معاقل الإرهاب بريف حماة الشمالي الشرقي.”
مصير إدلب
لا يرسم الوضع الميداني الحالي خريطة متفائلة على الإطلاق حول مقبل الأيام، فقوات النظام ما زالت تقصف القرى والبلدات شرقي طريق حلب-دمشق في كامل المنطقة وتتركز شرقي خان شيخون ومعرة النعمان.
ويشير نفي وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن تكون قواتهم محاصرة في نقطة المراقبة في مورك إلى رغبة بقاء طويلة للنقاط المراقبة التركية، سواء حوصرت أو لا، بغض النظر عن مهمتها الأساسية التي دخلت من أجلها.
وبعد نحو أربعة أشهر من الصمت التركي على العملية العسكرية واستمرار أنقرة بتحميل مسؤولية التصعيد وخرق اتفاق سوتشي للنظام السوري وتجاهل الدور الروسي الأساسي، أجرى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ظهر الجمعة، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وأبلغه أن “هجمات إدلب تقوّض عملية التوصل إلى تسوية في سوريا وتمثّل تهديداً خطيراً للأمن القومي التركي”.
وحسب بيان الرئاسة التركية، أكّد اردوغان أن “هجمات النظام السوري وخروقاته لوقف إطلاق النار في إدلب شمالي سوريا من شأنها أن تتسبب في أزمة إنسانية كبيرة.” ويعتبر تصريح الرئيس التركي هذا أول تصعيد كلامي تركي منذ بدء الهجوم نهاية نيسان (أبريل) الماضي.
وبعد قضم جيب اللطامنة تكون روسيا قد أمنت إحدى ثلاث خواصر رخوة لديها هي: اللطامنة والغاب وجسر الشغور. إلا أن تقاطع التصريحات الروسية حول رغبتها بفتح طريق M5 الدولي يعني أنها مصرة على تنفيذ إتفاق سوتشي بالقوة وخصوصا البندين الثالث (إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كيلومتراً داخل منطقة خفض التصعيد( والثامن (استعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين M4 (حلب – اللاذقية) وM4 (حلب – حماة) بحلول نهاية عام 2018) المتأخر.
إن تراخي الموقف التركي سواء لجهة الضغط على الفصائل من أجل تطبيق الاتفاق وفتح الطريق أو موقفها المتساهل كضامن لفصائل المعارضة في وجه الوحشية الروسية يعيد طرح الأسئلة حول حقيقة الاتفاق وما إذا أبرمت أنقرة اتفاقا سريا غير معلن حول إدلب. وفي حال عدم عقدها هكذا اتفاق فان علامات استفهام كبيرة تبرز حول اقتراحها اتفاقا غير قادرة على تطبيقه على الأرض.
وتدرك هيئة “تحرير الشام” أن عقدة الاتفاق تتجلى في فتح طرق الترانزيت وهو جعل قائدها، أبو محمد الجولاني يعلن صراحة أنه جاهز لفتح طريق حلب – دمشق الدولي إذا كان ذلك في مصلحة المناطق المحررة. ولكنه يدرك بالمقابل أن تطبيقه يحتاج موافقات تنظيمي “حراس الدين” و “أنصار التوحيد” وجيش العزة الذي كان يمانع الاتفاق. فيما يعلم أن قرار “الجبهة الوطنية للتحرير بيد أنقرة، وأنها لن تمانع أي قرار تركي في نهاية المطاف حتى لو فتحت الطرق أمام جيش النظام ومخابراته وليس فقط للحركة التجارية وحركة المدنيين.
ويزداد مشهد إدلب تعقيدا يوما بعد يوم خصوصا مع التواجد الروسي البري في ميدان المعركة ومع اشتراك الميليشيات الإيرانية ولو بشكل محدود لكنه غير مجريات الهجوم على محور سكيك شرق خان شيخون لصالح النظام بشكل كبير.
فرغم جاهزية “تحرير الشام” المشاركة في فتح الطريق إلا أنها تلاقي ممانعة من تيار كبير. ولكن حتى لو قبلت أنقرة وجود تحرير الشام على الطريق بشكل غير مباشر عبر شرطة مدنية تابعة لحكومة الإنقاذ، فان روسيا ستصر على محاربة الفصائل الإرهابية حسب نص الاتفاق، وبالنسبة لروسيا فان كل فصائل المعارضة التي تعارض مصالحة النظام هي إرهابية، ما يعني أن روسيا ستستمر في القضم شيئا فشيا.
ختاما، فان بدء روسيا بمرحلة جديدة وقضم مناطق شرق الاوتوستراد M5 فان النقاط التركية لم تعد معيقة لأي عملية عسكرية بعد اختبار النقطة التاسعة في مورك وتقدم قوات النظام من مناطق غرب سكة قطار الحجاز يعني عمليا حصار النقاط التركية الأربع في سنجار وتل الطوقان والحاضر والراشدين بدون التعرض لها من قبل قوات النظام، على العكس فان تشدد تركيا بعدم انسحابها يعني مع الوقت تطبيع العلاقات بين الجيشين، التركي وجيش النظام ولن تقتصر العلاقة على الجانب الروسي بعد الآن.