#ناجيات_أم_ليس_بعد #Survivors_or_not_yet
تصرخ قائلة “لا أملك ثمن سيارة ألعاب فكيف لي أن أشتري سيارة وأفخخها وأفجرها؟”، على حاجز للنظام اعتقلت فضيلة الخلف ٤٥ عاماً في حي الجورة بمدينة دير الزور، عندما كانت ذاهبة لاستلام راتبها من معمل الغزل الذي تعمل به لإعالة أطفالها بعد أن ترملت.
تروي إلهام قصة فضيلة قائلة” كانت موظفة في معمل الغزل بدير الزور سابقاً، زوجها متوفي، وتتقاضى راتباً شهرياً من النظام في منطقة الجورة، وذات مرة ذهبت برفقة ابن اختها وزوج ابنتها إلى هناك، فاعتقل الشاب على أحد الحواجز، وعادت أدراجها لإعلام أقاربها بالمصيبة، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، فحين ذهبت للمدينة مرة أخرى من أجل الحصول على مرتبها، تم اعتقالها، بتهمة تفجير مدرسة هرابش، وتمويل إرهابيين من أجل شراء سيارة وتفخيخها بالتعاون مع العصابة المزعومة المؤلفة من ابنها وابن اختها، وهذا كله كذب فقد كانت أمراة فقيرة، لا تملك شيئاً”.
اعتقلت فضيلة ٤٧ يوماً من قبل الأمن العسكري ليتم تحويلها بعدها إلى فرع فلسطين حيث مكثت أربعة أشهر هناك، كانت تصعق بالكهرباء وتجلد بأنابيب حديدية، وهناك تعرفت على اداة التعذيب التي عرفها كل المعتقلون السوريون وهي ما يدعي بـ”الأخضر الابراهيمي” الذي هو عبارة عن انبوب بلاستيكي سميك يستخدم في التمديدات الصحية بشكل طبيعي ويتم لفه بشريط اخضر، لكنه يستخدم كاداة تعذيب في معتقلات النظام السوري نظراً للآلام المبرحة التي يتسببها الضرب به، ولم تسلم أيضاً من الشبح، وذكرت فضيلة أنها علمت من مساجين أنهم يضعون أدوية تسبب العقم في الماء الذي كانوا يرغمون على شربه، وقد شربوه فهم لا حول ولا قوة لهم.
نقلت فضيلة إلى سجن عدرا حيث بقيت شهراً واحداً ومن ثم أخلي سبيها، خلال فترة اعتقالها لم يسأل عنها أحداً، فإخوتها يعيشون في مناطق سيطرة النظام، ولن يخاطروا بحياتهم في سبيل معرفة أحوال شقيقتهم، أما والديها فهما متوفيان، فضلاً عن أقاربها الذين ابتعدوا عنها منذ لحظة اعتقالها، لذلك لم تجد ان ثمة من يستحق أن تبحث عنه بعد خروجها سوى أولادها، وعددهم تسعة، كلهم متزوجون، باستئناء طفلين صغار يعيشون مع فضيلة، إضافة إلى قسم من بناتها وأطفالهن فإحداهن زوجها معتقل إلى الآن، وأخرى تزوجت من ليبي ينتمي لتنظيم داعش تركها مخلفاً وراءه طفلين، وثالثة تزوجت من رجل يعمل لدى قوات سورية الديمقراطية وهو مختف اليوم، ولديها طفلين.
تقول فضيلة ساخرة “أي نظرة للمجتمع تجاه المعتقلة سأشغل فكري بها، هذا من الرفاهيات، أمامي هذه العائلة الضخمة التي لا معيل لها، أطفال ونساء بلا أزواج نبحث عمن يعلينا، كنت أعيل طفلين وأحصل على راتبي، ولكن بعد خروجي من المعتقل، زاد عددنا وبات من الصعب أن نجد عملاً”.
تعيش فضيلة الآن في بناء لمدرسة في احدى قرى ريف دير الزور الغربي، الواقعة تحت سيطرة قسد، تضع بعض الفرشات الاسفنجية لإغلاق النوافذ، وتفترش الأرض ببعض البسط المهترئة، لا يزورها أحد سوى بعض الجيران و “أهل الخير” فهم من يقف إلى جانبها، تضيف وهي ترتب إحدى صفوف المدرسة الذي اتخذته منزلاً “صدقة الناس باتت تغنيني عن أي أقارب”.