جسر – متابعات
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريراً، تمحور حول وقوف بعض الدول العربية إلى جانب نظام الأسد في سوريا، وتحدث عن أسباب دعم هذه الدول للنظام خلال السنوات الماضية.
تقول المجلة إنه قبل عدة سنوات كان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، شخصاً غير مرغوب فيه في العالم العربي، لكن الآن بدأت عزلته تنتهي بالفعل، وأعادت بعض الدول العربية علاقتها معه.
عودة نظام الأسد للجامعة العربية مسألة وقت فقط. وأكدت أن المعارضين السابقين لعودة سوريا للجامعة أصبحوا يعاملونه أيضاً كحليف ضد طموحات الدول غير العربية في المنطقة، بما في ذلك تركيا وإيران.
وكانت الجامعة علقت عضوية سوريا في 2011.
خلال الشهور الماضية، وطدت الإمارات ومصر علاقاتها مع نظام الأسد. فقد فتحت الإمارات أبواب سفارتها في دمشق العام الماضي.
وأشارت المجلة إلى أنه مع دعم روسيا عسكرياً للنظام وتراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، مما يضمن بقاء الأسد، رآه الإماراتيون كعضو مفيد في تحالف مناهض لتركيا وجماعة الإخوان المسلمين.
وقال المحلل البارز في معهد نيولاينز، نيكولاس هيراس، إن “الدول العربية التي تشعر بالقلق من أن يصبح شعوبها مضطربة وتتحول إلى معارضة مسلحة ضدها، مهتمة الآن بتعلم الحرف التقليدية الاستبدادية من نظام الأسد”.
من جانبها، قدمت السعودية مبادرات لإغراء الأسد بعيداً عن شراكته الاستراتيجية مع إيران. كما وجدت الدول العربية الأسد حليفاً لمواجهة الإسلاميين السياسيين من جماعة الإخوان المسلمين، والحد من نفوذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وبحسب المجلة الأميركية، يريد السعوديون والإماراتيون دفع تكاليف إعادة إعمار سوريا والسعي إلى التعاون الاستخباراتي مع الأجهزة الأمنية السورية لاحتواء الإسلاميين السياسيين المحليين، فضلاً عن استخدام المساعدة المالية لمواجهة النفوذ الإيراني في الأراضي العربية.
و قال مستشار المخاطر الجيوسياسية في المملكة المتحدة، سامي حمدي، إن الأسد محبط بالفعل من تقويض نفوذه من قبل موسكو وطهران، مشيراً إلى أن هذه التحالفات الجديدة ستعطيه مساحة للعب ضد روسيا وإيران.
وأضاف حمدي “بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على نحو متزايد في تبني خطاب قومي عربي ويعتقد أنه قد يكون من الممكن كسر الروابط بين إيران وحلفائها العرب من خلال مناشدة القواسم المشتركة العربية المتمحورة حول العرق”. وتابع: “كما غيّر توسع تركيا أيضاً أولويات دول الخليج وجعل الأسد حليفاً محتملاً”.
وذكرت مراسلة المجلة في الشرق الأوسط، أنشال فوهرا، أن العديد من المسؤولين السوريين أخبروها في عام 2017 أن “الأشقاء العرب” سيدفعون الملايين اللازمة لإعادة الإعمار. وأضافت أنه بعد عام، أكد لها مصادر لبنانية مقربة من النظام السوري أن السعوديين بدأوا تعاوناً استخباراتياً مع الأسد.
في أوائل الشهر الماضي، كشفت تقارير عن اجتماع بين رئيس المخابرات العامة السعودية، الفريق الركن خالد الحميدان، ونظيره السوري اللواء علي مملوك.
وتعتبر قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تقف ضد الأسد، لكن الخبراء يقولون إنه حتى الدوحة تدرك أنه لا يوجد الكثير لتكسبه من معارضة الأسد.
وقال جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics، وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن، إنه لا يعتقد أن إدارة بايدن ستعاقب الحكومات العربية لقبول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. لكنه أضاف أنه لا يعتقد أيضاً أن بايدن سيرفع العقوبات بموجب قانون قيصر، ولن يسمح بالاستثمار في سوريا.
وتابع كافييرو: “نتيجة هذه العقوبات المعوقة التي فرضتها الولايات المتحدة على دمشق، أعتقد أن إيران ستكون في وضع قوي لاستغلال الوضع وتعزيز نفوذها في سوريا”. وأوضح “هذا سبب رئيسي لعدم ارتياح بعض دول مجلس التعاون الخليجي لاستمرار إدارة بايدن في فرض عقوبات عهد ترامب على دمشق”.
وذكر تقرير المجلة الذي ترجمه موقع “الحرّة” أن واشنطن “استسلمت بالفعل لحقيقة أنه لا توجد طرق قابلة للتطبيق للإطاحة بنظام الأسد”، وأشارت إلى أنها “تفكر في إنشاء نموذج العراق في سوريا، يُمنح فيه الأكراد الحكم الذاتي وبالتالي يكونون بمثابة نفوذ أميركي على السياسة السورية، بنفس الطريقة التي يعمل بها كردستان العراق كوسيلة ضغط أميركية على بغداد”.
وأكدت أن الانتخابات الأخيرة في سوريا المنقسمة أظهرت أن الأسد ربما يوافق على الوضع الراهن إذا أنهى ذلك وضعه المنبوذ.