جسر: متابعات
تناولت الصحف التركية اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب بقراءات مختلفة، اتفقت في معظمها على أنه جنّب تركيا وروسيا تصعيداً من شأنه إنهاء العصر الذهبي للعلاقات المشتركة ما بين البلدين.
نجاح دبلوماسي مهّد إليه الروس وسط مكاسب تركية:
واعتبر الصحفي والباحث السياسي التركي “أوكان مدرس أوغلو” في مقال نشرته صحيفة “صباح”، أن بنود الاتفاق مثّلت نجاحاً للجهود الدبلوماسية بين زعيمي البلدين في التوصل إلى الأهداف الرئيسية المرجوة من تلك القمة، وذلك بحسب ما ترجمه موقع “الجسر ترك”.
وتابع أن تخلي الروس عن موقفهم المتعلق بطريق “M4” الدولي، واتفاقهم على تسيير دوريات مشتركة مع الأتراك، مثّل نجاحاً آخر، بالنظر إلى إصرارهم على أن يبقى تحت سيطرة قوات النظام بشكل كلي في كافة المباحثات السابقة.
وأشار أوكان إلى أن موقف بوتين والتزامه الصمت حيال ما جرى في إدلب خلال الأيام الماضية، مهّد إلى بنود الاتفاق التي توصل إليها الطرفان، وحمل في طياته رسالة مبطنة إلى كل من أنقرة والنظام السوري.
وأضاف موضحاً أن بوتين أظهر للأسد من خلال صمته استحالة تمكنه من الصمود لأيام فيما لو قرر التخلي عنه، ووجه دعوةً إلى أنقرة لاتخاذ خطوات وتنفيذ حملة من شأنها أن تُطفئ غضب الانتقام المشتعل في صدور الأتراك، إثر مقتل جنودهم في إدلب.
رغبات مشتركة بالتعاون ورسائل مبطنة:
بدوره قال الصحفي “برهان الدين دوران” إن أردوغان وبوتين أظهرا رغبةً في التعاون ووقف إطلاق النار، من خلال انتقاء الكلمات التي استخدماها في خطابيهما.
وتابع أن حديث الرئيس الروسي عن خسائر النظام الجسيمة، أوحى برسالة إلى تركيا مفادها: “لقد حصلتم على انتقامكم، فلنعلن الآن وقف إطلاق النار”.
وأشار إلى أن الصورة الكبيرة لقمة الأمس، أظهرت رغبة بوتين في استمرار التعاون ما بين البلدين، وحرصه على عدم التفريط بعلاقاته مع أنقرة على حساب الأسد.
كما لفت الانتباه إلى تدمير القوات التركية أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتواجدة في أيدي قوات النظام خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن ذلك أظهر قوة أنقرة الميدانية بشكل واضح، وعزز من كونها صاحبة قرار في إدلب ومستقبل سوريا بشكل عام.
وختم الصحفي التركي مقاله بالإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني بالنتيجة إسدال الستار عن قضية إدلب، لافتاً الانتباه إلى تواجد أكثر من 3 ملايين مدني عالقين في مساحة ضيقة، وأهمية الدعم الأمريكي والأوروبي لتركيا في هذا الشأن.
غياب قرار المنطقة الآمنة، وغموض يكتنف مواقع نقاط المراقبة:
بدوره اعتبر الكاتب الصحفي “عبد القادر سلفي” في مقال نشرته صحيفة “حرييت”، أن قمة الأمس حالت دون تحول إدلب إلى أزمة تركية روسية تُعد الأخطر، منذ إسقاط الطائرة الروسية عام 2015، وجنّبت البلدين توتراً من شأنه إنهاء عصر العلاقات الثنائية المزدهرة.
وأردف أن اتفاق وقف إطلاق النار شكّل مكسباً كبيراً فيما يتعلق بإيقاف المجازر المرتكبة بحق المدنيين، وموجة الهجرة الكبيرة باتجاه الحدود التركية.
وأشار إلى أن غياب قرار المنطقة الآمنة عن نتائج القمة، شكّل وجه القصور الأكبر بالنسبة لتركيا.
ولفت الانتباه إلى عدم تطرق الجانبين لمواقع نقاط المراقبة التركية في إدلب، ما شكّل غموضاً بالنسبة للعديد من الصحفيين حول مصير تلك النقاط.
وعلى عكس ذلك، أشار الكاتب التركي إلى أن عدم تناول مواقع النقاط يعني بدوره التأكيد على الالتزام بمواقعها المحددة سابقاً بموجب اتفاق “سوتشي”، وانتصار لتركيا التي أبت أن تتراجع ولو خطوة واحدة إلى الوراء.
المصدر: الجسر ترك