جسر: متابعات:
كشفت صحيفة غلوب أند ميل الكندية في تقرير نشرته قبل أيام عن مجموعة من المحققين تعمل باسم “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” برئاسة محقق كندي قدمت مئات الآلاف من الوثائق والأدلة التي يتم استخدامها الآن ضد رأس النظام السوري بشار الأسد وأتباعه، وشخصيات بارزة في تنظيم داعش، قامت بتهريبها من سوريا والعراق خلال سنوات الحرب الدائرة.
لجنة العدالة والمساءلة الدولية، منظمة غير ربحية أنشأها المحقق الكندي “وليام ويلي” في عام 2012، وهي معروفة لدى الحكومات الغربية وخصوصاً كندا التي تقدم تمويلاً سنوياً بقيمة 8 ملايين دولار أمريكي لمحققي المجموعة البالغ عددهم أكثر من 150 محققاً، ويعمل معظمهم بشكل سري في سوريا والعراق.
وجاءت المنحة الأولى للجنة من الحكومة البريطانية، ثم أمسكت كندا زمام المبادرة منذ ذلك الحين، حيث زوّدتCIJA بمبلغ 3 ملايين دولار سنوياً منذ عام 2015.
ويمثل “ويليام ويلي” وفريقه قوة جديدة في مجال العدالة الدولية، وغالب عملهم منع ضياع الأدلة ضد الأسد، وتمثل ذلك بعدة صفقات مع المعارضة المسلحة، وتم الحصول على الكثير من المستندات الورقية بأعوام الحرب من المعارضة.
وتمتلك اللجنة وثائق توضح سلسلة قيادة النظام السوري، ومجلدات بسماكة مئات الصفحات لإثبات “الجرائم ضد الإنسانية” المرتكبة في معتقلات النظام، المتمثلة بالتعذيب والعنف الجنسي الشديد أثناء استجواب عشرات المعتقلين يومياً.
وتحتوي الملفات أدلة تثبت أن الأسد نفسه كان على علم بأعمال ضباطه، وموافق على تصرفاتهم، ما يجعله مسؤولاً جنائياً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها قواته.
والمجلدات عبارة عن عمليات ترجمة باللغة الإنجليزية لأكثر من 800 ألف صفحة تحتوي على أدلة باللغة العربية، ومن بينها آلاف الصور لجثث المعتقلين التي التقطها مصور النظام المنشق المعروف باسم “قيصر”، والتي تظهر الكثير منهم مشوهون بشدة، ما تعتبرها اللجنة بمثابة الدلائل الجاهزة للمقاضاة النهائية.
واستطاعت اللجنة من خلال أبحاثها حول جرائم الحرب، جمع قاعدة بيانات عن النظام السوري وأخرى عن تنظيم داعش، يمكن للحكومات الأوروبية استخدامها لدراسة خلفية اللاجئين والمهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا منذ عام 2015 والذين يزيد عددهم عن مليون شخص.
وتعتبر اللجنة أن تجاهل قواعد الحرب ساعد الأسد على تحقيق جزء من النصر بالحرب في سوريا، وبدأت قواته بدعم جوي روسي في شن هجوم على آخر منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة، في إشادة منه إلى محافظة إدلب شمال البلاد.
وقال رئيس لجنة العدالة والمساءلة الدولية “ويليام ويلي” في مقابلة مع صحيفة “غلوب اند ميل” الكندية استمرت أكثر من 4 ساعات، إن هذه الوثائق تعتبر أفضل دليل ضد نظام حاكم منذ تاريخ محاكمة المجرمين النازيين في المحكمة العسكرية في نورمبرغ عام 1942، التي تعتبر نموذجاً للعدالة الدولية، مضيفاً أنها أفضل بكثير مما قُدم ضد الزعيم الصربي “ميلوسوفيتش” المتهم بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في حروب البلقان في التسعينات.
وكشف المحقق عن مجموعة من المستندات التي تحمل توقيع الأسد، والتي تبين أنه ترأس شخصياً خلية إدارة الأزمات المركزية في البلاد، والتي تم إنشاؤها بعد وقت قصير من اندلاع المظاهرات الأولى ضد حكومة النظام في أوائل عام 2011، وجمعت كبار الضباط بالجيش والمخابرات.
وأضاف المحقق أن الأدلة تُظهر أن رد النظام القاسي على الاحتجاجات المبكرة، والتي شملت الاعتقالات الجماعية والتعذيب، واستخدام الرصاص الحي ضد الحشود غير المسلحة، ساعد احتضان الأسد للعنف في دفع البلاد إلى حرب لم تنتهي أودت بحياة مئات الاف الأشخاص ودفعت الملايين للفرار خارج البلاد.
وقال ويلي أنه أبرم اتفاقاً مع الجيش الحر للحصول على هذه الوثائق، بعد إقناع قيادة الجيش السوري الحر بأن أفضل طريقة للانتقام من النظام هي التأكد من استدعائها للمساءلة عما قامت به لمواطنيها.
وأشار المحقق إلى أن مقاتلي الجيش الحر كانوا لا يرون فائدة تذكر من الوثائق الرسمية الموجودة في المباني الحكومية التي يسيطرون عليها، فيقومون بتصوير أنفسهم وهم يعملون على إحراقها ويضعون المقاطع على اليوتيوب، مضيفاً: “كنت أتعرض لأزمة قلبية وأنا أراقب كل هذه الأدلة الظاهرة تحترق”.
وبحسب ويلي فإن الجيش الحر أصدر قرار يمنح مجموعته في سوريا اقتناء الأدلة التي يمكن استخدامها في إجراءات جنائية، لكن الأمر كان خطيراً للغاية، مشيراً إلى أن اثنين من أعضاء المجموعة قتلا خلال البحث عن الأدلة، أحدهما في عمليات إطلاق نار على قافلة للمعارضة من قبل قوات النظام، والآخر قبض عليه عناصر تنظيم داعش واختفى.
وأكد ويلي أن جميع المجلدات والوثائق الموجودة لدى اللجنة تم مسحها ضوئياً وإعطائها رمزاً ورقماً فردياً، وتم إيداع النسخ الأصلية في صناديق غرفة مغلقة.وعن الأدلة التي تدين روسيا وإيران على دعم نظام الأسد في الحرب ضد السوريين يقول ويلي إنه حتى لو حصل عليها، فلن تكون هناك فائدة في إقامة قضية ضد مسؤولين روس أو إيرانيين، لأن هناك عنصر سياسي في العدالة الدولية لا يمكن إنكاره، مشيراً إلى أن الأدلة ضد زعيم تنظيم داعش “البغدادي” أقل من الأسد مسؤول المجازر الكبرى، ولكن حكومة الولايات المتحدة تضغط لتقديم الأدلة بمقتل صحفيين ومواطنين أميركيين على يد تنظيم الدولة، وتريد القاء القبض على البغدادي حياً.
وأكد المحقق من خلال تجاربه في “رواندا ويوغوسلافيا” السابقة أن البحث عن العدالة في منطقة حرب دائماً ما ينطوي على التعاون مع جانب واحد في الصراع لجمع الأدلة ضد الآخر، وأنه من المعروف أن المعارضة هي التي تكون على حق بغالب الأحيان، لافتاً أن الحكومات الغربية تمول CIJA لأنهم يعتقدون أن نظام الأسد وداعش بحاجة إلى أن يكونوا مسؤولين عن جرائمهم المزعومة، مضيفاً أنه لا يرى أي شيء خطأ في ذلك، ولكن لا يوجد شيء يمنع منظمة غير حكومية أو سلطة عامة أخرى من التحقيق مع المعارضة السورية إذا لزم الأمر.
وختم ويلي حديثه بالقول: “لا شك في أن الأسد سيواجه العدالة، لا أعرف ما إذا كان الأمر سيستغرق خمس سنوات أو 10 سنوات لكنه سيواجهها”، مبيناً أن الحكومة البريطانية دربت الكثير من نشطاء حقوق الإنسان ليكونوا محققين في جرائم الحرب.
وقالت الصحيفة إن السلطات الألمانية ألقت القبض على الضابط “أنور رسلان” المقيم في ألمانيا بصفة لاجئ، بعد طلب أدلة من لجنة العدالة والمساءلة الدولية، تثبت توليه إدارة فرعين تابعين لإدارة المخابرات العامة قبل سنوات، وتورطه بتعذيب المعتقلين في معتقلات النظام في سوريا.
وبحسب اللجنة فإن لديها أيضًا “فريق تعقب” يراقب تحركات المشتبه بهم المحتملين في أوروبا، وأنها تلقت 170 طلباً للمساعدة خلال العام الماضي من الحكومات الغربية، معظمهم يطلبون معلومات حول مسؤولي نظام الأسد أو أعضاء داعش الذين يُعتقد أنهم الآن في أوروبا.
المصدر: صحيفة غلوب أند ميل الكندية ترجمة موقع صوت العاصمة