جسر: متابعات:
لم تفرض السلطات التركية بعد حظراً للتجول، وذلك رغم تسجيل البلاد لأعداد كبيرة بإصابات فيروس كورونا المستجد، وارتفاع عدد الضحايا إلى 131حالة وفاة.
وعلى الرغم من ارتفاع المخاوف الشعبية التركية، والمطالبات بفرض حظر تجول في البلاد للحد من انتشار الجائحة، لا تبدو الحكومة التركية في وارد الإعلان عن هذا الإجراء على المستوى المنظور، وذلك نظراً للتداعيات الكبيرة المُحتملة على الشق الاقتصادي المحلي.
فما هي التداعيات التي تحاول تركيا تجنبها، بعدم اللجوء إلى فرض حظر التجول، والاكتفاء بدلاً عن ذلك بالدعوات إلى العزل المجتمعي الطوعي، ورفع درجة التأهب لمواجهة كورونا؟
المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، قال إن فرض حظر التجول، يعد آخر إجراء قد تلجأ الحكومة التركية إلى فرضه، لمواجهة انتشار كورونا، موضحاً لـ”اقتصاد” أن “الصحة التركية لا زالت قادرة على التعامل مع أعداد الإصابات”.
وأضاف أن الحكومة التركية لا زالت تعول على وعي المواطن التركي، لتطبيق العزل الاجتماعي بشكل طوعي، وذلك تجنباً للآثار السلبية الكبيرة لفرض حظر التجول في عموم أنحاء البلاد.
وعن الآثار السلبية، قال أوغلو، إن الاقتصاد التركي يعمل بنسبة 20 في المئة من طاقته في الوقت الراهن، بسبب كورونا، وهذه النسبة تخص الصناعات الضرورية من مواد غذائية وطبية، والإعلان عن حظر للتجول يعني توقف هذه القطاعات عن العمل أيضاَ.
وتابع أن خسارة هذه النسبة الضئيلة التي لم تتوقف عن الإنتاج يلقي بأعباء كبيرة على الحكومة والشعب معاً، ما يعني أن الدولة لن تقدم على إعلان حظر التجول، إلا إذا كانت الضرورة قصوى.
الأمر الآخر، بحسب أوغلو، أن فترة الأزمة غير معروفة، مؤكداً “نحن نتعامل مع أزمة مبهمة، غير واضحة المعالم، ومن غير المعقول أن تعلن الدولة عن حظر للتجول، وتقوم بعد ذلك بشهر أو أكثر بتعليقه، والأزمة لا زالت موجودة، والوضع لا زال خارج السيطرة”.
واستدرك: “عموماً الدولة التركية شكلت خلية أزمة، وعلى الشعب التركي والجاليات الأجنبية المقيمة هنا، الالتزام بالتعليمات الصادرة عن الدولة، والامتثال المطلق لما تطالب السلطات به، وتحديداً الحد من الحركة، والحرص على عدم الاحتكاك مع الآخرين”.
الكاتب الصحفي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، قال بدوره، إن فرض حظر تجول شامل ليس بالأمر السهل، لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية كبيرة وشلل للحياة الاجتماعية والتجارية.
ورأى خلال حديثه لـ”اقتصاد”، أنه “ربما لا تستطيع دولة مثل تركيا تحمل تبعات هذا الإجراء، على المدى الطويل، ولا سيما أن التوقعات تشير إلى استمرار خطر الفيروس لمدة قد تزيد عن أشهر”.
وأضاف: “تسعى الحكومة إلى تقليل مخاطر الانتشار بالتزام الناس طوعياً، وتشديد الإجراءات مع ازدياد المخاطر، وحزمة اقتصادية بمقدار ١٠٠ مليار تركية في بلد عدد سكانه ٨٢ مليون بالتأكيد لا تساوي شيئاً مقابل حزم دعم بمليارات الدولارات في دول أصغر مساحة وسكاناً من تركيا”. وزاد بقوله: “فرض حظر تجول تام يعني أن على الدولة أن تعوض وتدعم مادياً الجميع حتى يستطيع الناس الاستمرار في الحياة”.
من محنة إلى منحة
وفي معرض رده عن وجود مخاوف حقيقية على الاقتصاد التركي، بسبب تداعيات كورونا، قال يوسف كاتب أوغلو، إن المؤشرات الاقتصادية التركية لا زالت قوية جداً، والاقتصاد التركي استوعب ما حصل للآن.
وأضاف أن “تركيا التي تستورد البترول، استفادت كثيراً من هبوط أسعاره مؤخراً، وكذلك هناك نشاط واضح للشركات الطبية المحلية، وهناك حركة طلب خارجي كبيرة على المنتجات التي تصنعها هذه الشركات”.
وبالبناء على ذلك، اعتبر أوغلو، أن تركيا قادرة على تحويل محنة كورونا إلى منحة، مستدركاً: “لكن بالمقابل ألقت الأزمة بظلالها على قطاعات عديدة، في مقدمتها القطاع السياحي، وشركات الطيران”.
وأنهى بقوله: “الوضع الاقتصادي لا زال مستقراً، وتأثيرات كورونا لا زالت بحاجة إلى تقييم حقيقي للحكم عليها”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد دعا المواطنين الأتراك، إلى تطبيق “الحجر الصحي الطوعي”، وعدم مغادرة منازلهم إلا لأسباب ضرورية، وأضاف الجمعة، أنه سيتم تخفيض عدد العاملين في المؤسسات الخاصة كما الحكومية إلى الحد الأدنى بتركيا.
المصدر: موقع اقتصاد