جسر: متابعات:
يصوّت مجلس الأمن الدولي، ليل الخميس/الجمعة، على مشروع قرار لتمديد العمل بآلية لإيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى أربعة ملايين شخص في سوريا، لكنّ النصّ مهدّد بالاصطدام بفيتو روسي، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.
وقالت المصادر إنّ جلسة التصويت ستعقد بطلب من ألمانيا وبلجيكا والكويت، التي صاغت مشروع قرار أول بهذا الشأن ثم عادت بعد أيام من النقاشات الصاخبة لتقدّمه بصيغة معدّلة في محاولة منها لإرضاء روسيا التي اعترضت بشدّة على الصيغة الأولى.
وينصّ مشروع القرار المعدّل الذي حصلت وكالة “فرانس برس” على نسخة منه على أن يمدّد لفترة سنة العمل بالآلية المعتمدة منذ 2014 لإيصال المساعدات الإنسانية الدولية لنحو 4 ملايين سوري عبر الحدود وخطوط الجبهة في سوريا.
وهذه الآلية التي تسمح بإيصال المساعدات عبر نقاط حدودية لا يسيطر عليها النظام السوري ينتهي مفعولها 10 كانون الثاني/يناير، لكنّ روسيا تعارض تمديد العمل بها بصيغتها الحالية لأنّها تسعى لتعزيز سيطرة حليفها، النظام السوري، على البلاد.
وتستخدم حالياً لإيصال المساعدات الأممية إلى محتاجيها في سوريا أربع نقاط حدودية: اثنتان عبر تركيا وواحدة عبر الاردن وواحدة عبر العراق.
وفي بداية الأمر حاولت ألمانيا وبلجيكا والكويت، الدول المكلّفة الشقّ الإنساني من الملف السوري، زيادة عدد هذه المعابر إلى خمسة من خلال استحداث نقطة حدودية جديدة عبر تركيا، الأمر الذي رفضته موسكو بشدة، مطالبة بالمقابل بخفض عدد المعابر إلى اثنين وبخفض مدة التمديد إلى ستة أشهر بدلاً من عام.
وفي ما اعتبر حلاً وسطاً فقد نصّ مشروع القرار في صيغته المعدّلة على خفض عدد المعابر إلى ثلاثة (اثنان عبر تركيا وواحد عبر العراق) أي بإلغاء معبر الرمثا الحدودي مع الأردن والذي قلّما يستخدم حالياً لإدخال المساعدات.
لكنّ مشروع القرار لحظ إمكانية إعادة فتح هذا المعبر بعد ستة أشهر إذا ما أوصى بذلك تقرير يعدّ بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وبحسب دبلوماسيين فقد عرضت روسيا على شركائها في مجلس الأمن، الإثنين، مشروع قرار مضادّ.
وموسكو، التي تعتبر أنّ الوضع الميداني تغيّر مع استعادة النظام السوري السيطرة على مزيد من الأراضي، تقترح في مشروع قرارها إلغاء اثنتين من نقاط العبور الأربع الحالية بدلاً من إضافة نقطة خامسة.
والمعبران اللذان تريد روسيا إغلاقهما هما معبر اليعربية، على الحدود بين سوريا والعراق، ومعبر الرمثا. كما تقترح موسكو تجديد القرار لمدة ستة أشهر فقط بدلاً من سنة.
وبالفعل فقد وضعت موسكو، بدعم من بكين، اللمسات الأخيرة على مشروع القرار الذي ستطرحه على التصويت مباشرة بعد التصويت على مشروع الدول الثلاث، ما يرجّح استخدام موسكو حق الفيتو ضدّ مشروع القرار الأول.
ولكي يتم اعتماده يتعيّن على المشروع الروسي أن يحصل على تسعة أصوات على الأقلّ من أصل 15، بشرط عدم استخدام أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس حقّ النقض علماً بأنّ ثلاثة من هذه الدول (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) تدعم النصّ الألماني- البلجيكي-الكويتي.
وكان السفير الألماني كريستوف هوسغن قال أمام الصحافيين في ختام اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن، الأربعاء، بطلب من موسكو حول هذه المسألة “لسنا متأثرين بأيّ تهديد باستخدام حقّ النقض”، في إشارة إلى الموقف الروسي الذي عبّر عنه قبله بقليل أمام الصحافيين أنفسهم نظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا.
وبحسب دبلوماسيين فإنّ كلا المعسكرين، الروسي والغربي، حدّد خلال الجلسة “خطوطاً حمراء”: بالنسبة لروسيا فإنّ سقف القرار هو تمديد لستة أشهر ولنقطتي عبور لا غير، بينما قالت واشنطن إنها لا تقبل بأقلّ من تمديد لسنة واحدة ولأربعة معابر، متنازلة بذلك عن مسألة فتح معبر خامس تطالب به أنقرة والأمم المتّحدة على حدّ سواء.
وأتت جلسة مجلس الأمن غداة توجيه الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي مناشدة رسمية إلى روسيا لعدم الاعتراض على تمديد العمل بالآلية لمدة عام.
وقالت الدول العشر (بلجيكا وألمانيا وأندونيسيا وجنوب أفريقيا وجمهورية الدومينيكان وساحل العاج وغينيا الاستوائية والكويت والبيرو وبولندا) في بيان تلي في مقرّ الأمم المتحدة إنّ “عواقب عدم تجديد الآلية ستكون كارثية”.
وأعربت موسكو عن أسفها للرفض الذي يتوقع أن يقابل به مجلس الأمن الدولي مشروعها لقرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، والذي يصوت عليه المجلس الخميس.
وقال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة: “تقدمت روسيا بمشروع قرار توفيقي خاص بالمساعدة الإنسانية عابرة الحدود في سوريا، وعدم تأييده من قبل شركائنا في مجلس الأمن سيظهر أن الأمر كان بالنسبة لهم عبارة عن لعبة سياسية أكثر من الرغبة في مساعدة سكان سوريا”.
في حين أعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن أمله في أن يوافق مجلس الأمن على مشروع القرار الروسي، مؤكدا أن المشروع الثلاثي الذي طرحته ألمانيا وبلجيكا والكويت، غير مقبول روسيّا. وشدد نيبينزيا على أن المشروع الروسي يدعو لزيادة الرقابة على المساعدات التي يجري إيصالها، “علما بأنه كانت هناك مشاكل في هذا الصدد في الماضي”، كما أشار المندوب الروسي إلى عدم جواز نقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا من دون موافقة الحكومة السورية.
وإذا رفض مجلس الأمن المشروع الروسي، واستخدمت موسكو حق النقض ضد المشروع الثلاثي، كما تتوقع مصادر دبلوماسية، فإن ذلك سيعني عدم تمديد آلية إيصال المساعدات التي ينتهي مفعولها يوم 10 كانون الثاني يناير المقبل.
(المدن)