جسر – صحافة
نشر الباحث الأميركي من أصل سوري دانيال ويلكوفسكي في موقع معهد البحث الذي يتعاون معه، newlinesmag ، نصاً بعنوان “الأسد يختبر صبر حليفته روسيا”، أرفقه بآخر ثانوي “لدى قراءة الفنجان في الصحافة الروسية وسواها من المصادر، يصبح واضحاً أن لبوتين حدوداً مع ديكتاتور دمشق”.
يقول الباحث أن رامي الشاعر نشر في “موقع بروباغندا الكرملين العالمي” RT نصاً تحدث فيه عن الواقع الفعلي للأسد اليوم في سوريا، واعتبر أن 20% من السوريين يؤيدون الأسد، و 50% يريدون تغييرات جذرية في النظام الحالي.
يتساءل دانيال ما إن كان نص رامي الشاعر يعبر عن إستياء روسيا من الأسد، ويشير إلى أن العالم الروسي فيتالي نعومكين (المسؤول العلمي عن معهد الإستشراق الروسي) سبق أن تساءل علناً ما إن كان الشاعر يبلغ عبر عمله “رسالة من الكرملين”. ويقول بأنه، وفي حديث عبر الواتس أب خلال الشهر الأخير من السنة الماضية، سأل الشاعر أين يعمل مستشاراً: في وزارة الخارجية أو في وزارة الدفاع أو في الكرملين. وفي رد غامض يمكن أن يعني أنه يعمل في الإدارات الرسمية الثلاث، قال الشاعر “في مؤسسات الدولة العاملة في السياسة الخارجية”. وأشار دانيال إلى أنه تلقى من الشاعر للتو صورة تظهره جالساً بجانب مبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، وعلى بعد مقعدين من وزير الخارجية سيرغي لافروف. ولم يقل الشاعر ما إن كان يلمح بذلك إلى قربه من الجسم الدبلوماسي الروسي.
وبعد أن يستعرض الباحث تاريخ أسرة الشاعر في سوريا وسبب مغادرتها، يعتبر أن التاريخ الشخصي للمهاجر الفلسطيني السوري رامي الشاعر يجعل منه “مرشحاً نموذجياً” لإبلاغ القيادة السورية رسائل من موسكو. فالشاعر كان مدرب الفروسية لأشقاء بشار باسل وبشرى في السبعينات، وعرف بشار طفلاً. ويشير إلى أن ماضي الشاعر، وكيف تتسق انتقاداته مع السياسة الروسية، وتذكيره المتعالي بأن النظام مدين ببقائه لروسيا، كل ذلك جعل الصحافة العربية تنظر إليه على أنه الناطق بإسم موسكو. ويؤكد بأنه لو أرادت السلطات الروسية تصحيح هذه النظرة لكانت حظرت على موقع RT نشر مقالاته.
يتوقف الباحث عند مقالة للشاعر نشرت العام 2019 بعد اختتام الجولة الثانية للجنة الدستور في جنيف، ويقول بأن الدبلوماسية الروسية أوجدت هذه الدينامية لتعجيل الإنتقال السياسي “مقلم الأظافر” الذي يبقي على النظام من دون المساس به. كما ينقل عن مقالة للشاعر الخريف المنصرم قولها بأن الإطار الدستوري الجديد هو الجسر الذي تعبر من خلاله الهياكل الحالية للنظام إلى سوريا الجديدة التي تحتضن جميع السوريين. وهذا لا يعني إطلاقا إنهاء دور من هم في السلطة اليوم ، ولا يعني انتقال السلطة إلى المعارضة في سوريا – “وهو ما لا تفهمه الأحزاب [المشاركة] “.
يقول الباحث أن إستخدام روسيا الإصلاحات الدستورية كمنصة إطلاق لقرار مجلس الأمن 2245 يشل القرار بتجاوزه مرحلة تشكل الهيئة الإنتقالية. وهذا يعني أن من المفترض ان يكون النظام السوري هو من يوافق على أية تغييرات دستورية، ومن ثم ينظم الإنتخابات مبتدئاً بالإنتقال السياسي المقر من الأمم المتحدة، والذي يبقي على الأسد في السلطة بشكل أو بآخر. وينقل عن مقالة للشاعر الخريف المنصرم قولها بأن الإطار الدستوري الجديد هو الجسر الذي تعبر من خلاله الهياكل الحالية للنظام إلى سوريا الجديدة التي تحتضن جميع السوريين. وهذا لا يعني إطلاقا إنهاء دور من هم في السلطة اليوم ، ولا يعني إنتقال السلطة إلى المعارضة في سوريا – “وهو ما لا تفهمه الأحزاب [المشاركة] “.
لكن الشاعر ليس الوحيد في المؤسسة الدبلوماسية الروسية الذي ينتقد الأسد لتجاهله المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة. وينقل دانيال عن Bloomberg قولها سابقاً أن بوتين يصر على أن يبدي الأسد مرونة أكثر في المفاوضات مع المعارضة بشأن التسوية السورية. ويقال بأن بوتين محبط من “رفض” زميله السوري التخلي عن أية سلطة مقابل إعتراف دولي أوسع ومليارات محتملة من دولارات المساعدة في إعادة بناء سوريا.
وينقل دانيال عن الشاعر قوله له منذ عامين بأنه “لو إستمعت القيادة السورية إلى ما كنا نقوله لها، وأخذت المبادرة في تنفيذ القرار 2254، من المحتمل أن يكون كل شبئ تغير إلى الأفضل منذ زمن بعيد، ولما كان وصل إلى هذه المرحلة، لكنه (الأسد) ومحيطه لا يريد الإقدام على أية تنازلات”.
وينتهي الباحث إلى المقارنة بين علاقة سوريا بروسيا الآن وعلاقتها بالإتحاد السوفياتي، ويقول بأن القليل قد تغير في هذه العلاقة. وينقل عن السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد تذكره تصريحاً في مؤتمر في بيروت العام 2018 للسفير السوفياتي السابق في سوريا نورالدين محي الدينوف، قال فيه بأن “سوريا تلقت من الإتحاد السوفياتي كل شيئ إلا النصائح”.
تواصلت “المدن” مع رامي الشاعر، فابدى موافقته على الإجابة على عدد من الأسئلة المنبثقة من نص الباحث الأميركي، لكنه عاد في البوم التالي، وعلى غير عادته، واعتذر عن الرد لأسباب لم يوضحها. تركزت الأسئلة حول ضرورة توضيح ما إن كانت إنتقاداته للأسد تعكس فعلاً الرأي الرسمي الروسي، ولماذا لا تنشر صحيفة الستالينيين الروس “زافترا” مقالاته إلا بعد أن تنشر في موقع بروباغندا الكرملين العالمي RT، وكيف ينظر إلى اعتبار الباحث الأميركي أن إنتقاداته للأسد تصب في نهاية المطاف بتعزيز شرعية الأسد.
كما تواصلت “المدن” أيضاً مع دانيال ويلكوفسكي الذي أجاب على إثنين من الأسئلة، واعتذر عن الرد على السؤال ما إن كان الإنتماء الفلسطيني السوري لرامي الشاعر هو الذي حدد إختياره من قبل الروس لإيصال رسائل للأسد، قائلاً “لا أعرف الجواب”.
في رده بالعربية على سؤاله لماذا ركزت المقالة على معرفة طبيعة علاقة الشاعر بالمؤسسات الروسية، وما إن كان توضيح هذه الطبيعة يغير في إنتقادات الأسد شيئاً، قال دانيال بانه يعتقد بأن طبيعة علاقة الشاعر بالمؤسسات الروسية تعزز الفرضية بأنه مكلف بتوجيه رسائل روسية الى الأسد. ونشر مقالات الشاعر في RT والمواقع الاخرى يشير إلى احتمال أنه مكلف بتوجيه الرسائل الروسية الى الأسد، ولكنه لا يشكل دليلا قاطعا على هذا الاحتمال. ويعتقد بأن علاقة الشاعر بالمؤسسات الروسية المعنية بالسياسة الخارجية، ومعرفته الشخصية بعائلة الأسد، تشكلان أدلة إضافية تعزز هذا الاحتمال كثيرا.
-
السؤال الأخير للباحث كان عن إعتراضه على تأكيد الشاعر بأن إعادة ربط التسوية السلمية السورية باللجنة الدستورية بدلاً من قرار مجلس الأمن 225، يبقى نظام الأسد في قيادة سورية ويحرم المعارضة من أية سلطة. رد دانيال بالقول أنه لا إعتراض لديه، بل أراد شرح هذا الموضوع للجمهور الغربي الذي قد لا يفهم أن اللجنة الدستورية هي بمثابة التفاف على ماهية القرار 2254 الداعي الى انتقال سياسي في سوريا.
- المصدر: موقع المدن