جسر: متابعات:
قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن أسماء، زوجة “الدكتاتور” السوري -كما وصفته الصحيفة- بشار الأسد؛ طورت شبكة الأعمال الخاصة بها، إلى درجة أن واشنطن شملتها بالعقوبات على النظام، ووصفتها بأنها “واحدة من أسوأ المستفيدين من الحرب” في بلادها.
وفي مدونته بالصحيفة، استعرض البروفيسور الفرنسي الخبير بشؤون الشرق الأوسط جان بيير فيليو حياة أسماء التي ولدت عام 1975 في عائلة سورية تقيم في العاصمة البريطانية لندن، ونشأت في ضاحية أستون الراقية، وتخرجت في كلية كينغز، لتصبح محللة مالية في جيه بي مورغان حتى زواجها.
وذكّر الكاتب بتهليل الصحافة البريطانية لأسماء الأسد، عندما سمتها “ديانا الشرق” أثناء زيارتها الرسمية للمملكة المتحدة عام 2002، معطية بذلك فرصة غير متوقعة للنظام السوري لتحسين صورته، في الوقت الذي خلف فيه بشار والده حافظ الأسد، سيد البلاد المطلق منذ عام 1970.
وبلغتها الإنجليزية الأرستقراطية، وأناقة نموذجها الأعلى –كما يقول الكاتب- بدت أسماء الأسد حديثة ومتطورة في الجمهورية الدكتاتورية الوحيدة ذات الطبيعة الوراثية في الشرق الأوسط.
وفي الاتجاه نفسه، أجرت مجلة باري ماتش مقابلة مع أسماء الأسد على هامش مأدبة غداء في فندق بريستول بباريس بين عائلتي الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والسوري بشار الأسد، وقارنتها مع كارلا بروني وميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
ومن أجل استكمال هذه الصورة، ذكّر الكاتب بالصورة بالغة الترويج التي رسمتها مجلة “فوغ” الأميركية بعد ذلك بأسابيع لأسماء الأسد التي اعتبرتها “وردة في الصحراء”.
السيدة الأولى للقمع
غير أن نشر مديح “فوغ” لأسماء في ربيع 2011 -كما يقول الكاتب- تزامن مع القمع الوحشي للاحتجاج السلمي على نظام الأسد، مما أجبر المجلة على الاعتراف بتعاونها في عملية علاقات عامة للنظام السوري، عبر شركة “اتصالات” أميركية باهظة الثمن، وأزالت التقرير المثير للجدل من موقعها.
وبعيدا عن “كليشيهات” صحافة المشاهير، تبين أن أسماء الأسد هي الزوجة الجديرة بمستبد دمشق، ومع أنها من عائلة سُنية من مدينة حمص، فقد شاهدت تدمير هذه المدينة التي أصبحت “عاصمة الثورة” من دون أن يطرف لها جفن، وخذلت بذلك من كانوا يعتقدون أن ارتباطها بالأسد قد يخفف شراسة النظام العلوي، إذ لم يجدوا فيها أكثر من فرد من قبيلة الأسد.
وكشفت صحيفة الغارديان البريطانية في مارس/آذار 2012 -في افتتاحية بعنوان “القتل والتسوق”- عن تبادل الأدوار بين بشار وأسماء الأسد، حيث تهتم هي بالتسوق على الإنترنت وتزيين مقر إقامتها الصيفية على الساحل السوري، في حين يتابع هو تفاصيل تدمير حمص.
وأصبحت جمعية أسماء الأسد الخيرية، المعروفة بالصندوق السوري للتنمية، وسيطًا إلزاميا للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث أجبروا على التعاون معه إذا أرادوا الحفاظ على أنشطتهم في الأراضي السورية، وكذلك أسهم رامي مخلوف، كبير ممولي النظام وابن عم رئيس الدولة، من خلاله في تمويل المليشيات الموالية للرئيس.
البطاقات الذكية
وفي أغسطس 2018، أعلنت الرئاسة السورية أن أسماء الأسد مصابة بسرطان الثدي، وتابعت وسائل الإعلام الرسمية علاجها الكيميائي في أحد المستشفيات العسكرية في دمشق، حتى الإعلان عن شفائها الكامل بعد أقل من عام.
ورافق عودة “السيدة الأولى” إلى العمل -كما يقول الكاتب- توسع في أنشطة منظمتها التي تقدم نفسها للمانحين الدوليين، كشريك رئيسي في “إعادة إعمار” دولة مدمرة.
وبوضع أسماء الأسد مهاراتها المكتسبة في لندن في خدمة طموحاتها التجارية، جعلت أحد أقاربها يسيطر، من خلال شركة “تكامل” على توزيع “البطاقات الذكية” التي أنشئت عام 2014 لإدارة توزيع البنزين المدعوم وزيت الوقود إلكترونيا، قبل أن يتم توسيعها هذا العام لتشمل المنتجات الغذائية الأساسية في بلد يعيش 83% من سكانه رسميا تحت خط الفقر.
ونبعد أن تمكنت أسماء الأسد من السيطرة على جزء كبير من التجارة مع الدولة، كان لا بد من المواجهة مع رامي مخلوف الذي تجرأ -بعد أن جُرد من جزء من ثروته- على عرض نزاعه مع سكان القصر الرئاسي على الجمهور، مما جعل أسماء تنضم إلى صهرها رئيس الحرس الجمهوري “المرعب” ماهر الأسد، المتورط هو الآخر بشكل كبير في التهريب لإقصاء رامي مخاوف.
ومع ذلك، فإن فوز “السيدة الأولى” في تسوية هذه الحسابات لم يخل من منغصات، حيث استهدفتها العقوبات الأميركية ضد نظام الأسد، واعتبرها رئيس الدبلوماسية الأميركية “من أسوأ المستفيدين من الحرب” في البلاد.
وخلص الكاتب إلى أن منطق المافيا وحده لا يفسر جشع أسماء الأسد وشبكاتها، إلا إذا كانت “السيدة الأولى”، تخطط -من خلال تعزيز قوتها الذاتية- لتأمين مستقبل أكبر أبنائها حافظ (19 عاما) لإعادة سيناريو وراثة بشار والده حافظ، كي يرث حافظ الصغير بشار، الذي ورث حافظ الكبير، للحفاظ على استمرار عائلة لا ترى في البلد بأكمله إلا محمية لها.
المصدر: الجزيرة نت 27 تموز 2020