جسر: خاص:
“شعرت بقسوة حياة اللجوء أكثر، في هذه المرحلة القاسية، كيف لا أستطيع السفر لرؤية ابني، وأكون بقربه، لنرعى بعضنا البعض؟”، بهذه الكلمات عبرت الفنانة السورية ليلى عوض، عن أكثر ما يؤلمها خلال هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم، مع تفشي فيروس كورونا.
تقيم ليلى في ألمانيا، بينما يعيش ابنها البالغ من العمر عشرين عاماً، في لبنان، الأمر الذي جعل هواجسها ومخاوفها، لا ترتبط بالقلق على نفسها بقدر قلقها، على ابنها، الذي لم تلقه منذ سنوات.
تقول “بعد انتشار فيروس كورونا ازداد قلقي على ولدي، أكثر بكثير عما كان في السابق، بسبب بعده عني، كونه يعيش في لبنان، والوضع الصحي هناك ليس بالمستوى المأمول، وفاق هذا الخوف خوفي على نفسي، وفكرت في حال أصبت بالفيروس، (لا سمح الله) لن أخشى من الموت، بقدر خشيتي من الألم الذي قد أتعرض له”.
مخاوف ليلى لم تقتصر على محيطها القريب، إذ عبرت عن قلق تعيشه أثناء تفكيرها، بسوريا، وما قد يعانيه السوريون، وخاصة المعتقلون، فتقول في حديثها لـ “جسر” “ازداد قلقي على أهلي في سوريا، وعلى المعتقلين الذين لا يتلقون الرعاية الصحية أساساً قبل وجود “كورونا”، فكيف سيكون وضعهم الصحي إذا داهمهم المرض اللعين لاسمح الله؟”.
وبالعودة إلى بدايات انتشار الفيروس، ووصوله إلى أوروبا، بينت ليلى أنها تلقت الأخبار الواردة، بالصدمة كغيرها من سكان العالم، لتبدأ بمجموعة من الإجراءات تمهيداً للدخول في الحجر الصحي الذي فرض في ألمانيا فتقول “بداية، كغيري، دخلت في رحلة البحث عن شراء السلع المهمة للحجر الصحي الذي سرى علينا، وبدأت المواد تنفذ يوماً بعد يوم، وخلال خمسة أيام استقرت الأوضاع، وبدأت أتأقلم مع الظرف الراهن، وباشرت باتخاذ الاجراءات الوقائية السريعة، فلم أعد أغادر المنزل الا للتسوق، وممارسة الرياضة (المشي أو ركوب الدراجة الهوائية) لمدة ساعة يومياً”.
وعن أوقاتها داخل المنزل قالت عوض “أمضي يومي بالاستيقاظ الساعة الثامنة بدلاً من الساعة السابعة وأحياناً التاسعة، وأجلس لأقرأ الأخبار الصباحية، وما استجد من أمور على الصعيد السياسي، وبعض التحليلات، وأطالع الكثير من المعلومات عن المرض الجديد الفايروس كوفيد 19، خاصة مع انتشار الكثير من الفيديوهات حول هذا الوباء”.
أشياء كثيرة تفتقدها ليلى، مقارنة بحياتها السابقة قبل كورونا، والتي كانت تقوم خلالها بنشاطات عديدة فتقول “كنت أستيقظ في الساعة السابعة للذهاب الى مكان يشبه المدرسة لنتحدث باللغة الألمانية، لأبقى على تواصل مع اللغة الجديدة التي بدأت تتطور بالنسبة لي منذ أربع سنوات، وهذا ما حرمني إياه الحجر الصحي، ليصبح التواصل عن طريق البريد، وحل الوظائف وتصحيحها، باستخدام الانترنت”.
ولفتت ليلى إلى أن الإجراءات الوقائية التي بدأ الناس بالتململ منها، كانت تتبعها قبيل انتشار الفيروس فتقول ” قبل وجود “كورونا” كنت أعتني كثيراً بنظافتي الشخصية، كما أني أتبع نظاماً صحياً، وأكثر من أكل الخضروات والفواكه وعلى الدوام”.
وعزز الحجر الصحي من فرص التواصل عن بعد لدى ليلى فتقول “ازداد تواصل الأصدقاء معي، أحسست بعودة الألفة مع أصدقاء كثر، أبعدتهم عني الأيام والمسافات، ولكن مع الأصدقاء المقربين، لم يطرأ أي تغيير على علاقتنا، فالتواصل موجود ولم ينقطع رغم بعد المسافات”.
إلا أنها بذات الوقت عبرت عن شعور بالحزن من حرمانها من التواصل مع الناس بشكل شخصي فتقول “أحسست بمدى العزلة التي فرضها علينا هذا الفيروس بين الأحبة والأصدقاء المقربين، الذين كنت أرى بعضهم بشكل يومي، لم أحب التعامل عن طريق الانترنت في هذه المرحلة العصيبة، لأني أحب رؤية الأشخاص للتفاعل معهم، وليس عن طريق ايميل، إلا أنه بذات الوقت أقول شكراً لوسائل التواصل الاجتماعي التي لولاها لكانت الأمور سيئة للغاية على صحتنا النفسية”.
وعلقت على دور الإعلام في التأثير على الحالة النفسية للناس بالقول “لقد مورس الكثير من التهويل على مواقع التواصل الاجتماعي للاعلان وتفسير هذا المرض، فالإعلام لعب دوراً سلبياً الى حدٍ ما لإيصال الرسالة التوعوية للناس، كي يتجنبوا ويقوا أنفسهم من هذا الفيروس اللعين”.
ورغم كل الأخبار المحزنة الواردة، إلا أن ليلى عبرت عن وجود إحساس لديها بأنه سيتم تجاوز هذه “المحنة”، بفضل وعي الحكومات الأوروبية وغالبية الدول، باتباع قواعد الحجر الصحي، وإجراءات العزل، وتجاوب المواطنين مع حكوماتهم.
وعن نظرتها لما هو قادم بعد كورونا، وكيف سترتب حياتها، قالت ليلى “إذا عدنا لحياتنا الطبيعية، ان شاء الله، سوف أعيد ترتيب أوراقي من جديد، الأولوية لصحتي وصحة ولدي، ولن أرهق نفسي بحمل أعباء عشرين سنة قادمة، سوف أعيش يومي وأستمتع بما منحني الله من نعم، لم أكن أقدرها ولم أستمتع بها كثيراً من قبل، أتمنى لي ولعائلتي وللجميع الصحة والسعادة وحياة مستقرة وهنيئة لا يشوبها القلق والمرض” .