جسر: ثقافة:
الأموريون أو العموريون من الأقوام السامية الأولى التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية باتجاه سورية1 حوالي عام 2500 قبل الميلاد. وقد خضعت معظم الأراضي السورية لسيادة الأموريين. ولم يقتصر الأموريون على تأسيس دولة في منطقة الفرات الأوسط ومد نفوذهم على سورية، وإنما سيطروا على معظم بلاد ما بين النهرين أيضاً وحكموها. وقامت في سورية العديد من الممالك الأمورية الشهيرة والتي منها مملكة يمحاض وعاصمتها حلب، ومملكة ماري (تل حريري) الواقعة إلى الشمال من مدينة البوكمال، بالإضافة إلى المراكز الحضارية الأخرى.
وتُشير الكثير من المصادر العائدة للألف الثالث قبل الميلاد إلى أن الأموريين كانوا عبارة عن جماعات تغلغلت من البادية السورية إلى أواسط بلاد الرافدين وغرب سورية، وتُطلق عليهم المدونات السومرية اسم مارتو Martu فيما تذكرهم النصوص الأكادية باسم أمُورُّم Amurrum وتعني أهل الغرب أو الغربيين. كما ذكرت النصوص الأثرية في ماري أيضاً أسماء الكثير من القبائل الأمورية مثل قبائل يخْرُرُم Yakhrurum ، ماريمينا أو بنو يمينا Mar-Yamina أي أبناء اليمين المنتشرين في مناطق الجزيرة شمال مملكة ماري وغربها، وقبائل بنو سمأل Bin-Samal أي أبناء الشمال في شمال حلب وشرقها، ويرأس كل قبيلة من هذه القبائل (شيخ) وللقبيلة مجلس الآباء (الشيوخ)، كما ظهرت العديد من الألقاب خلال الفترة البابلية مثل أمير الأموريين وكاتب الأموريين مما يدل على اندماج القبائل الأمورية في المدن والمراكز الحضرية واستقرارهم فيها.
وقد تأثر الأموريين الذين حلّوا في وادي الفرات بحضارة السومريين والأكاديين وتبنوها. وبلغت مملكة ماري درجة كبيرة من الازدهار بعد استيلائها على مدينة إيسن السومرية، إذ توالى على هذه المملكة حوالي ثلاثة عشر ملكاً، كان أشهرهم الملوك الثلاثة: (توراداجان، بوزور عشتار، إيشتوب إيلوم). وتشهد على ذلك التماثيل الثلاثة التي صُنعت لهم عندئذ، والتي نُقل منها اثنان منذ القديم إلى بابل بعد فتح ماري من قبل حمورابي، لينقلا أخيراً إلى متحف القسطنطينية، واكتُشف التمثال الثالث أثناء الحفريات التي جرت في ماري، ونُقل التمثال إلى المتحف الوطني بحلب.
وقد مكّنت سيطرة الأموريين على مدينة إيسن2 البعيدة عن ماري إشراف ملوك ماري على جميع البلاد الواقعة بين هاتين المدينتين. وقد دامت هذه السيطرة مدة تزيد عن قرنين تقريباً، من عام 2023 قبل الميلاد حتى سقوط مدينة إيسن بيد ملك لارسا العيلامي عام 1791 قبل الميلاد. كما أخذ نفوذ ماري بالانكماش منذ عام 1893 قبل الميلاد عند تأسيس الدولة البابلية القديمة على يد سومو ـ أبيل.
في عام 1791 قبل الميلاد سيطر الملك البابلي حمورابي والذي كان قائداً عسكرياً ومُشرّعاً وحاكماً مدنياً على معظم المناطق غرب العراق، ثم تقدم في الأراضي السورية مستولياً على مدينة ماري وغيرها من الأراضي في منطقة الفرات في السنة الـ 32 من حكمه وصولاً حتى البحر المتوسط، وباسطاً نفوذه بذلك على أراضي الجزيرة السورية بكاملها. ونتيجة لهذا التقدم فقد ألحق حمورابي بمدينة ماري الدمار في عام 1760 قبل الميلاد وحوّلها من عاصمة كبرى إلى مدينة عادية. وبعد دمار ماري قامت في ترقا (تل العشارة) مملكة قوية على يد الخانيين حيث عُرفت باسم مملكة خانا، والتي استمرت في أداء دورها القيادي في المنطقة حتى عام 1500 قبل الميلاد.
1 ـ يعتبر هذا القول محط خلاف الكثير من العلماء الآثاريين، إلا أن ذلك هو الرائج بين الأوساط العلمية.
2 ـ مدينة سومرية في جنوب العراق في محافظة القادسية اليوم، تقع بقاياها على بعد 200 كم إلى الجنوب الشرقي من بغداد، ذُكرت كثيراً في النصوص المسمارية العائدة للألف الثالث قبل الميلاد.