جسر:متابعات:
عقد في العاصمة الأردنية عمان يوم أمس قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في مطار الملكة علياء.
وركّزت القمة، التي تعقد للمرة الثالثة، بحسب بيانها الختامي، على قضايا التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الثلاث، إضافة إلى اعتماد أفضل السبل والآليات لترجمة العلاقات الاستراتيجية على أرض الواقع، وخاصة الاقتصادية والحيوية منها، كالربط الكهربائي، ومشاريع الطاقة، والمنطقة الاقتصادية المشتركة، “والاستفادة من الإمكانات الوطنية والسعي لتكامل الموارد بين البلدان الثلاثة الشقيقة”.
وتأتي القمة بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن، هي الأولى لمسؤول عراقي منذ العام 2017، حيث استقبل بحفاوة هناك، وأحيطت زيارته باهتمام وأضواء، وتناول العلاقات العراقية – الأميركية بتفاصيلها الواسعة، العسكرية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن نقاش “تحسين العلاقات مع الجوار”.
لكن الأبرز في زيارة الكاظمي إلى واشنطن، إعلانه هناك عن مشروع “الشام الجديد”، والذي وصف فيه مستقبل المنطقة العربية مع الاتحاد الأوروبي، مع تدفقات أكثر حرية لرؤوس الأموال والتكنولوجيا، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، وهو ما يتوافق مع مخرجات قمة عمان، التي لم يتم الإعلان فيها صراحة عن نقاش المشروع بين القادة المجتمعين.
فما هو مشروع “الشام الجديد”؟
يختلف مشروع “الشام الجديد” عن مشاريع سابقة طرحت لتحالفات دول منطقة الشرق الأوسط، فالمشروع من المفترض أن يربط العراق بمصر اقتصادياً من خلال الأردن، بحيث يكون نسخة مصغرة من الاتحاد الأوروبي.
بدأ المشروع كتفاهمات سياسية واقتصادية بين مصر والعراق، وانضمت له الأردن لاحقاً، ويعتمد في مبدئه على العراق ككتلة نفطية، وعلى مصر ككتلة بشرية، وعلى الأردن كحلقة وصل بين الكتلتين.
ووفق المشروع، سيُمدّ خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولاً إلى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر.
وتحصل كل من الأردن ومصر على النفط العراقي بخصومات تصل حتى 16 دولاراً للبرميل، في حين يستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، ويعمل على استقطاب الاستثمارات إلى العراق.
ويبلغ الناتج المحلي لكل من العراق ومصر والأردن مجتمعين نحو 500 مليار دولار، في حين تصل الكثافة البشرية فيها إلى نحو 150 مليون شخص.
وكان القيادي في “ائتلاف النصر العراقي”، عقيل الرديني، كشف قبل أيام عن التفاصيل الكاملة لمشروع “الشام الجديد”، في حديث مع وكالة “بغداد اليوم” العراقية.
وقال الرديني إن المشروع “ليس وليد اليوم، وإنما طُرح في زمن رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي”، مشيراً أن “المشروع العملاق يقوم على أساس التفاهمات الاقتصادية والسياسية بين العراق ومصر، ودخلت الأردن مؤخراً على خط المشروع”.
وأوضح الرديني أن “حكومة الكاظمي لديها نية لإكمال هذا المشروع، خصوصاً أن الأردن ومصر تعتمدان السياسة المعتدلة” وفق تعبيره.
لكن جذور المشروع تعود لما قبل تصريح الكاظمي وقمة عمان، حيث كان محوراً لدراسة أعدها “البنك الدولي” في آذار من العام 2014، لكن بخريطة جغرافية أوسع، واشتملت على دول الشرق الأوسط، سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تركيا والعراق ومصر، في مساحة جغرافية إجمالية تصل حتى 2.4 مليون كم مربع، وخزان بشري يفوق ربع مليار إنسان.
ويقول نص المشروع الذي أعده “البنك الدولي”، إنه يعتمد على طاقات المنطقة التجارية والاقتصادية والسياحية والخدماتية الكامنة، فضلاً عن قواسم تاريخية وثقافية مشتركة تجمع شعوبها، والتي من شأنها أن تجعلها منطقة اقتصادية ناجحة.
ويضاف إلى المشاريع السابقة، مشروع مختلف تماماً تحدثت عنه إسرائيل قبل عام، يقوم على جعل إسرائيل بوابة عربية نحو القارة الأوروبية والولايات المتحدة، بحيث تكون إسرائيل جسراً برياً، والأردن مركز نقل إقليمي، مع إقامة شبكة من السكك الحديدية تربط إسرائيل بدول الخليج، ولاحقاً العراق، تنقل البضائع والمسافرين بين المملكة المتحدة وأوروبا والبحر المتوسط شرقاً، وبين دول الخليج العربي والسعودية والعراق غرباً.
والمشروع بحسب ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الإسرائيلية، في حزيران من العام الماضي، “وسيلة لتعزيز السلام الإقليمي، وربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج العربي للسماح بزيادة التجارة وتحسين الاقتصادات المحلية”.
وتوقعت الوزارة أن حجم التجارة في المنطقة سيجعل المشروع مربحاً في غضون نحو عشر سنوات، وسيسهم في إنعاش اقتصاد دول المنطقة بما فيها العراق، وأوضحت أن حجم التجارة الإسرائيلية سيزيد بنسبة 400 % نتيجة لهذا المشروع.
لكن أبرز ما جاء في إعلان الخارجية الإسرائيلية، أن المشروع يهدف للالتفاف على المخاطر الأمنية التي تشكلها إيران على مضيقي هرمز وباب المندب، فضلاً عن استغناء دول الخليج عن مضيق هرمز، والذي يشكّل شرياناً رئيسياً لتصدير النفط والغاز، ويمر عبره ثلث إمدادات العالم من الطاقة، وهو في نفس الوقت ورقة ضغط بيد إيران على دول الخليج العربي والولايات المتحدة.
واعتبرت الوزارة أن المشروع “سيغير خريطة المنطقة، ويقوّي اقتصادات دولها ويساهم في تعزيز الاستقرار ودفع السلام خطوات للأمام”.