جسر – صحافة
وفي المشهد العادي جداً، ظهرت معمار مرتدية “روب الحمّام” مع الممثل اللبناني رورديغ سليمان بصدره العاري، من دون “قُبلات ساخنة” أو “حميمية زائدة” أو “بكيني مثير” قد يزعج حضورها العقول المحافظة المطالبة بـ”احترام قيم العائلة” في الدراما التلفزيونية، وهو ما كان حاضراً مؤخراً في مسلسلات مثل “شارع شيكاغو” الذي تبادلت فيه الممثلة سلاف فواخرجي القُبُلات مع زميلها مهيار خضور، أو في إعلان فيلم “الإفطار الأخير” الذي تبادلت فيه الممثلة كندا حنا القُبُلات مع زميلها عبد المنعم عمايري.
ويبدو أن المشكلة انطلقت من مواقع إلكترونية فنية وصفحات تتابع أخبار الدراما في “فايسبوك” و”تويتر” لواحد من سببين، الأول انزعاج أصحاب تلك المواقع والصفحات من “الجرأة الدرامية” في حد ذاتها، والثاني الرغبة في تحصيل أكبر عدد من المشاهدات والنقرات واللايكات حتى لو كان بأسلوب “الصحافة الصفراء”. وبما أن “الجنس يبيع” مع بقائه من المحرمات الاجتماعية والمحظورات الأخلاقية، فإن تحول ذلك “الإعلام” نحو لعب دور الرقيب الأخلاقي يصبح مفهوماً ضمن مجتمعات محافظة ومنغلقة على نفسها.
المثير للاهتمام أن البحث عن اسم سلافة معمار يحيل إلى دفاع واسع عنها بفعل سمعتها الطيبة كممثلة بارعة قبل أي شيء، على عكس ممثلات أخريات تلاحقهن الانتقادات بسبب كونهن “وجوهاً جميلة” فقط.
ولا يقتصر النقاش هنا على المواقع الفنية، لأن تلك الأخبار غير الدقيقة أصلاً تجد طريقها نحو وسائل الإعلام المستقطبة في البلاد بين الموالاة والمعارضة من أجل تقديم نقاشات سياسية. مواقع موالية على سبيل المثال تربط الانحدار الفني في الدراما السورية، رغم أنه ليس جديداً تماماً، بالثورة السورية نفسها، ويصبح انحدار الدراما العائلية واحداً من مفرزات الحرب الكونية على سوريا، ويصبح بقاء النظام واستقراره مدخلاً لإعادة الاستقرار لذلك الجانب في الحياة السورية حتى لو كان أقل أهمية من الجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية الأخرى ويتم الدلالة على ذلك بقرار نقابة الفنانين الصيف الماضي، بمنع عرض المسلسلات التي تحتوي على مشاهد جريئة وإيحاءات جنسية.
وفي المقلب المعارض، تنشر وسائل إعلام مناهضة لنظام الأسد الخبر مع ربطه بالتفلت الأخلاقي الذي يحرص النظام على نشره في المجتمع، من وجهة نظرها. ويصبح الممثلون/ات، مثل معمار، حتى لو كانوا بعيدين عن التعاطي في السياسة، أدوات لنشر الجدل وإبعاد الناس عن المشاكل الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
وفي الأعوام الأخيرة شهدت الدراما السورية انحداراً حاداً في المستوى الفني، لأسباب مختلفة منها الجمود الفكري أولاً وتشرذم صناع الدراما بعد الثورة في البلاد ثانياً. وخلال هذه الفترة باتت لغة المسلسلات تتضمن استخدام ألفاظ “نابية” للمرة الأولى، إضافة لعرض مشاهد “حميمة” مثل تبادل القبلات (شارع شيكاغو، سايكو،..) وكلها نقاط لا تعجب الجمهور المحافظ، حتى لو قدمها أصحابها، كالمخرج محمد عبد العزيز على أنها محاربة فكر “الإخوان” و”داعش” و”النصرة”.
المصدر: موقع المدن