جسر – خاص
“معتقلون ومغيبون – الفن يوثق والأرشيف يتحدث” هو عنوان كتاب، صدر حديثاً عن دار “رياض الريس” للنشر، وعلى يد فريق مشروع “ذاكرة ابداعية للثورة السورية”، يتناول قضية المعتقلين والمغيبين السوريين، ويقدمها بشكل مختلف يرتكز على الذاكرة السورية الحية.
ويرصد الكتاب القمع منذ مراحله الأولى وتصعيده بالحلول الأمنية والعسكرية في زمن الحدث السوري، منذ اندلاع شرارة الانتفاضة مع أولاد درعا والكتابة على الجدران “إجاك الدور يا دكتور”، والمظاهرات السلمية في دمشق والمدن السورية، وما رافقها خلال الثورة والحرب من مداهمات واعتقالات وخطف وتغييب قسري وإعدامات وموت تحت التعذيب وإضرابات في السجون، وانعكاس كل ذلك على الفنون، وتوثيق ما رافقها بالأغنية، والفن التشكيلي، والنحت، والتصوير الفوتوغرافي، والكاريكاتير، والمسرح والسينما، وانتشارها نشاطاتها على صفحات وسائل التواصل، كصفحة “بصمة سورية” و”كش ملك” و”كوميك من اجل سورية” و “الشعب عارف طريقه” وغيرها.
“معتقلون ومغيبون” يستعرض الثورة وفنونها، من خلال العودة إلى أرشيف هائل الحجم، يحفظ أعمال الفنانين، كوثيقة على مواكبة الفن لأحداث الثورة. ويؤرخ للفنانين المعتقلين والذين فقدوا حياتهم في السجن أو تحت التعذيب. ما يشكل ملفاً، ببعديه السياسي والحقوقي، يأتي ليكمل ما بدأته الدعاوى والأحكام القضائية في بلدان أوروبا من بلدان اللجوء، ضد المسؤولين في الجيش والأجهزة الأمنية ومفاصل الدولة، باتهامات تشمل مرتكبي الانتهاكات في عموم سوريا، ولا تستثني سلطات الأمر الواقع، ولا تنظيم الدولة والقاعدة والنصرة والميليشيات بأنواعها.
ويتطرق الكتاب إلى سجن صيدنايا باعتباره “المسلخ البشري” الأشهر في سوريا، والذي شهد آلاف عمليات الإعدام بين عامي 2011 و2015، والتي ما زالت مستمرة حتى هذا اليوم.
يسهم الكتاب في التعرف على واقعنا السوري خلال فترة دامت ما يزيد عن عشر سنوات، من خلال البحث والتنقيب في المصادر، وجمعها وأرشفتها، كما يرصد الحملات الإنسانية في الداخل والخارج، والتحرّكات الدولية، والمبادرات في الداخل والخارج، خاصة دول اللجوء، وصولاً إلى جهود تدويل القضية السورية سعياً نحو تحقيق العدالة، وما أصابها من التجاذبات السياسية، ولا يغفل نشاطات أدت إلى المحاكمات الدولية، مع توخي الموضوعية والحيادية، في عمل يحفظ مسيرة الثورة والابداع من الضياع.
ويضم الكتاب مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية من رسم تشكيلي وكاريكاتير وبوسترات وأغلفة كتب، وهي مجرد نماذج فنية وثقافية، توثق للحركة الإبداعية مستلهمة الثورة، بالاعتماد على أرشيف هائل من المصادر تشمل الجرائد والمواقع الالكترونية وصفحات مجموعات الناشطين والإعلام بأنواعه، استمدت منه وقائع انتهاك حقوق الانسان، ومسيرة الثورة وتجليات نشاطات المعارضين من المثقفين والفنانين.