جسر: ترجمة:
فيما يبدو أنه بوادر خلاف بين الحليفين التاريخيين، تصاعدت في اﻵونة اﻷخيرة الضغوط التي يمارسها ديبلوماسيون ومشرعون أمريكيون على السعودية لدفعها إلى خفض انتاجها من النفط بعد التدهور الذي طرأ على أسعاره إثر زيادة المملكة من انتاجها، ما بات يهدد جهات منتجة من ضمنها شركات النفط الصخري اﻷمريكية.
جسر ترجمت التقرير التالي عن الفارسية*، والذي يوضح ربما اﻷسباب الكامنة وراء إصرار السعودية على زيادة اﻹنتاج وتهديد أسعار النفط وبالتالي المخاطرة باستقرار علاقاتها مع شركاء استراتيجيين كالولايات المتحدة اﻷمريكية بحسب أعضاء جمهوريين بارزين في مجلس الشيوخ:
لطالما تلقت سوريا شحنات النفط من إيران خلال تسع سنوات من الحرب الأهلية، التي بدأت في وقت واحد تقريبا مع العقوبات الغربية ضد إيران، لكن الإحصاءات الجديدة تشير إلى أن شحنات النفط الإيرانية إلى البلاد بلغت ذروتها.
من غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت سورية تدفع المال مقابل النفط الإيراني أم لا، لكن هذا البلد يعتمد بشكل كبير على إيران لتوريد النفط، وبسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية ضد حكومة بشار الأسد، فإن الجمهورية الإسلامية وحدها كانت تمدّ هذا البلد بالنفط لعدة سنوات.
قبل الحرب الأهلية، كانت سوريا تنتج 390 ألف برميل من النفط يوميا وتصدّر 150 ألف برميل، على الرغم من أنها استوردت سابقا 40 ألف برميل من المشتقات النفطية، مثل البنزين والديزل، لكنها الآن في حاجة ماسة إلى واردات النفط.
تُظهر إحصائيات شركات تتبع ناقلات النفط ومعلومات الطاقة مثل “كلبر” و”تانكر تركرز” أن إيران سلمت 45 ألف برميل من النفط يوميا إلى سوريا في عام 2017، وذلك قبل أن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفي عام 2018 بلغ الامداد 35 ألف برميل.
في هذين العامين (2018-2017)، كان إجمالي النفط الإيراني الذي تم تسليمه إلى سوريا أقل من 2% من إجمالي صادرات إيران النفطية.
في عام 2019، عندما اشتدت العقوبات الأمريكية على إيران، وسلمت الجمهورية الإسلامية 59 ألف برميل من النفط يوميا إلى سوريا، وهو ما يعادل 8% من إجمالي صادرات إيران النفطية ذلك العام. وفي الأشهر الأربعة الأولى من العام نفسه، انخفض إجمالي شحنات النفط الإيرانية إلى الأسواق الخارجية إلى 173 ألف برميل يوميا، ذهب معظمها إلى سوريا وبعضها إلى الصين.
عادة، تستغرق الشحنات المُحملة من إيران أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع للوصول إلى سوريا والصين، لذلك في منتصف أبريل، يمكن تقدير كمية النفط الإيراني الذي يتم تسليمه إلى هذه الدول طوال الشهر بأكمله.
تقول شركة “تانكر تركرز” إن ست ناقلات إيرانية تتجه حاليا إلى سوريا بإجمالي 6.8 مليون برميل.
قبل تطبيق العقوبات، كانت الصين تستورد 620 ألف برميل من النفط الإيراني يوميا، ولكن في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، كانت الجمهورية الإسلامية تصدر 82 ألف برميل يوميا إلى الصين؛ من غير المعروف هل كانت الصين تدفع الأموال لإيران مقابل هذا النفط، لأن شركات “ساينوبك” و “سي ان بي سي” الصينية استثمرت 5 مليارات دولار في حقلي “يادآفاران” و”آزادغان” النفطيين في إيران، وبموجب الاتفاقية، يجب على إيران تسوية ديونها عن طريق تسليم النفط، ومن المرجح أن ترسل الشحنات إلى الصين لسدادها.
تراجع صادرات النفط الإيرانية
قبل العقوبات الأمريكية، صدّرت إيران أكثر من 2.5 مليون برميل يوميا من مكثفات النفط والغاز؛ لكن هذا الرقم انخفض. وبحسب تقرير نشره صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء 17 نيسان/أبريل 2016، فمن المتوقع أن تصل صادرات النفط الإيرانية إلى 340 ألف برميل يوميا هذا العام.
لكن تصدير 340 ألف برميل يبدو رقما متفائلا جدا، حيث قدرت منظمة أوبك في تقرير صدر يوم الخميس 17 نيسان/أبريل إنتاج إيران من النفط الخام في آذار/مارس بـ2 مليون و18 ألف برميل، ونظرا لأن استهلاك إيران المحلي 1.8 مليون برميل من النفط يوميا، تنتج إيران فعليا حوالي 200 ألف برميل من فائض النفط للتصدير، وهو ما يتوافق مع إحصاءات شركات تتبع ناقلات النفط.
كان إنتاج إيران من النفط قبل العقوبات 3.8 مليون برميل.
في هذه الأثناء، تضمنت ميزانية هذا العام تصدير مليون برميل من النفط الخام يوميا بقيمة 50 دولارا للبرميل الواحد، ويقدر إجمالي عائدات صادرات النفط في البلاد بما يعادل 18 مليار دولار و250 مليون دولار.
ولكن مع انتشار فيروس كورونا، انخفضت أسعار النفط بشكل حاد في الأسواق العالمية، وبلغ سعر النفط الإيراني الآن حوالي 25 دولارا للبرميل، وإذا استمر هذا الوضع، فستكون عائدات النفط الإيرانية أقل من 2 مليار دولار، حتى إذا تلقت إيران أموالا لتسليمها النفط إلى سوريا والصين.
يقول صندوق النقد الدولي، لكي لا تواجه الحكومة الإيرانية عجزا في الميزانية، فإنها بحاجة إلى أن تكون أسعار النفط في الأسواق العالمية أعلى من 389 دولارا، وهو ما يزيد عن 15 ضعف الأسعار الحالية.
إذا لم يحدث ذلك، يتوقع الصندوق أن الميزانية الإجمالية لإيران ستشهد عجزا بنسبة 9.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران هذا العام.
وقُدر الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنحو 490 مليار دولار للعام الماضي، وسوف ينخفض إلى 439 مليار دولار هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي. وبالتالي، من المتوقع أن يبلغ إجمالي عجز الميزانية حوالي 43.5 مليار دولار.
آفاق الاقتصاد الإيراني
كما يتوقع الصندوق أن يرتفع صافي الدين للحكومة الإيرانية بنسبة 22.5% هذا العام، أو حوالي 44% من الناتج المحلي الإجمالي، أي سيصل إلى ذروته (148 مليار دولار)، وأن ينخفض احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بنسبة 19% أي ما يعادل 85 مليار دولار. كما ستواجه إيران أيضا ميزانا تجاريا خارجيا سلبيا للمرة الأولى، مما يعني أن وارداتها ستكون أعلى من صادراتها.
قبل تطبيق العقوبات الأمريكية، كان إجمالي صادرات إيران أكثر من 110 مليار دولار، منها 60 مليار دولار صادرات النفط الخام.
لكن الصندوق يقول إنه من المتوقع وصول إجمالي صادرات إيران إلى حوالي 46 مليار دولار في عام 2020، مع واردات بقيمة 64 مليار و600 مليون دولار. وبالتالي، ستواجه إيران ميزانا تجاريا سلبيا قدره 16.6 مليار دولار.
كانت احتياطيات النقد الأجنبي الإيرانية تصل لأكثر من 108 مليار دولار في فترة ما قبل العقوبات.
من المتوقع للعام القادم أن يصل إجمالي صادرات إيران إلى46.7 مليار دولار، وأن تصل وارداتها إلى 63.3 مليار دولار. وستنخفض احتياطيات النقد الأجنبي الإيرانية إلى حوالي 69 مليار دولار في عام 2021، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وفقا لصندوق النقد الدولي، سيشهد العام الجاري انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الإيراني غير النفطي بنسبة 6%، وإنتاج إيران النفطي بنسبة 5.9%. وإجمالا، سينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 6%.
في العام الماضي، انكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 7.6%، وفي عام 2018 انكمش بنسبة 5.4%.
*تقرير مترجم عن الموقع اﻷلماني DW فارسي، للقراءة في المصدر اضغط هنا