جسر: متابعات:
أكّدت مصادر عسكرية وأمنية وسياسية عراقية أن واشنطن نجحت في اختراق الدوائر الضيقة لمتعاونين مع إيران في سورية والعراق من مواطني البلدين، اﻷمر الذي سهل تحديد موعد وصول اللواء قاسم سليماني والطائرة التي كان يستقلها إلى مطار بغداد.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن المصادر، أن واشنطن تمكنت من تحديد السيارة التي جاءت إلى مدرج الهبوط في مطار بغداد لتقلّ سليماني، إضافة لسيارة أخرى خصصت لمساعديه، ليتم استهدافهم بعد خروجهم من حرم المطار المزدحم بالمسافرين، في منطقة تكاد تخلو من المدنيين.
وأوضحت المصادر أن سليماني وصل إلى مطار بغداد عند الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة من ليل الخميس/الجمعة، قادما من دمشق على متن إحدى طائرات شركة “أجنحة الشام للطيران” السورية، في رحلة صحبه فيها زوج ابنته، الضابط بالحرس الثوري، إضافة إلى شخصية أخرى، تعذر التعرف عليها في حينه بسبب تشوه ملامح الوجه نتيجة للضربة.
وأضافت المصادر، أن محمد الشيباني وحيدر علي وآخرين، كانوا مع المهندس وزوج ابنته محمد رضا، رئيس تشريفات “الحشد الشعبي”، الذي ظهر معه في حصار السفارة الأميركية قبل أيام، في استقبال سليماني على مدرج طائرات الشحن القديم، وهو مدرج صغير كان مغلقا قبل أن يُعاد افتتاحه وتخصيصه للطائرات الخاصة والصغيرة التي يستخدمها المسؤولون في العراق عادة.
وبعد نزول سليماني ومن معه، توزعوا على سيارتين من طراز ميني باص “ستار إكس” كانت بانتظارهم، وغادروا المطار من بوابة الخدمات دون المرور بالبوابات الأمنية أو حتى الجوازات.
وقبيل اجتياز السيارتين ساحة عباس بن فرناس، أول مفترقات الطرق المؤدية إلى مطار بغداد، وعند مدخل أمني للتفتيش على بعد نحو 300 متر من الساحة، تم استهداف السيارتين في وقت متزامن، وفي لحظة خلو المكان سوى من السيارتين، بحسب المصادر التي أضافت أن أول نداء من نقطة المراقبة الأمنية المسماة “سيطرة 4” التابعة للشرطة الاتحادية، تحدث عن سقوط صواريخ كاتيوشا أصاب أحدها سيارة، ولنحو خمسة دقائق استمر اعتماد هذا النداء لدى قيادة عمليات بغداد، في ظل توقعات برد وشيك للفصائل على ضربة القائم.
وأوضحت المصادر، لوهلة ساد اعتقاد أن معسكر القوات اﻷمريكية الملاصق للمطار يتعرض لهجوم آخر كهجمات سابقة بالكاتيوشا تعرض لها، غير أن وصول قوات الأمن إلى المكان غيّر النداء بعد إخماد النيران في السيارتين والجثث التي تفحم بعضها، وبعد نحو 20 دقيقة تم التعرف على هويات القتلى من قبل أبو منتظر الحسيني، أحد قيادات “الحشد” المقربة من سليماني والذي كان على علم بوصوله.
ونقلت “العربي الجديد” عن مسؤول أمن عراقي رفيع في بغداد قوله، إن غالبية جثث القتلى غير مكتملة بسبب الصواريخ التي استهدفت السيارتين وأحدثت حفرا في إسفلت الشارع، مضيفا “آخر ما كنا نتوقعه هو هجوم أميركي في بغداد وأن يكون المستهدف هو أبو مهدي المهندس وضيفه قاسم سليماني”.
وأكد المصدر المسؤول، أن هاتف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، كان مغلقا ولم يعلم بالموضوع إلا بعد ساعات، فيما تولى مدير مكتبه العسكري الاتصالات والتنسيق، لفهم طبيعة الهجوم والتنسيق مع القوات الأمنية والاستفسار من الأميركيين حول الهجوم.
وكشف المصدر أن اتهامات بتسريب معلومات قادت إلى اعتقال شخص سوري وآخر عراقي، فضلا عن إجراء تحقيق مع طاقم الطائرة التي أقلت سليماني وموظف استخبارات عراقي في المطار.
وأضاف المصدر، أن المرجح هو معرفة الأميركيين بمغادرة سليماني منذ إقلاعه من سورية قادما إلى العراق، مشيرا إلى أن الانطباع العام هو نجاح الأميركيين في اختراق دوائر طهران الضيقة في سورية والعراق، ووصولهم إلى سليماني ومعرفة كل تحركاته خلال الفترة الأخيرة.
من جهته، قال قيادي في تحالف الفتح”، الجناح السياسي لمليشيات “الحشد الشعبي”، إن وصول سليماني إلى بغداد لم يكن كما قيل لتنظيم هجوم على الأميركيين بل من أجل حسم ملف تشكيل الحكومة الجديد وإنهاء الخلافات بين قادة الكتل السياسية.
وأضاف القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه: “كانت الزيارة هي الرابعة في أقل من شهرين، يبقى عدة أيام ويغادر”، موضحا أنه كان مقررا عقد اجتماع، مساء أمس الجمعة، بين سليماني وقادة الكتل السياسية لحسم الخلاف والاتفاق على اسم من الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، ومن أبرزها عبد الغني الأسدي، توفيق الياسري، محمد توفيق علاوي، وعماد الحسيني.
إلا أن مصادر سياسية في بغداد قالت إن الزيارة كانت مفاجئة، ولا يعلم بها أي من قادة الكتل السياسية الأقرب إلى إيران، فقط قيادات محدودة في “الحشد الشعبي”، وهذا يعني أن زيارته ذات طابع عسكري وتتعلق بالهجوم على السفارة الأميركية ومن قبلها الضربة الجوية الأميركية في القائم على الحدود مع سورية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن زيارته إلى سوريا كانت تتعلق بملف الحدود ومحاولة دفع قوات من نظام الأسد إلى الشريط الحدودي العراقي السوري لتحل محل الفصائل التي تم استهدافها.
إلى ذلك نقلت “روسيا اليوم” عن مصدر عراقي مطلع أنه “لم يكن للسلطات العراقية أي علم بوجود شخصية رفيعة أو مهمة على متن الطائرة” مؤكدا أنها وصلت متأخرة عن موعدها بسبب تأخر إقلاعها من سوريا.
وأكد المصدر جهل السلطات العراقية بهوية المسافرين أو المستهدفين موضحا أن السلطات الأمنية في المطار سألت المسافرين بشكل غير رسمي “هل هناك شخصية مهمة في الطائرة؟ فأجاب بعضهم بنعم رأينا قاسم سليماني”، مشيرا إلى أن “السلطات الأمنية في المطار بدأت التحقيق مع بعض المسافرين في ذات الساعة ومع ممثل الشركة الذي قال لا يمكن أن أعرف المسافرين، فهم مسافرون مثلهم مثل غيرهم”.