جسر: متابعات:
نفت مديرية الصحة في إدلب، أي وجود للإصابة بفيروس كورونا المستجد خلال الحالات الثماني التي تم فحصها، حتى يوم الجمعة.
ويبدو أن فائدة الحصار الوحيدة، إن كان للحصار من فوائد، هو عدم الاختلاط وإغلاق المعابر التجارية مع النظام لعدم نقل الفيروس. وبقيت إدلب مفتوحة على ثلاثة معابر، معبر باب الهوى التجاري وفيه، يجري تعقيم الحاويات التجارية على الجانب التركي ولا تدخل أي حاوية بدون تعقيم، حسب ما أفاد أحد التجار لـ”القدس العربي” وأوقفت السلطات التركية خروج ودخول التجار السوريين من سوريا إلى تركيا والعكس وأوقفت دخول الحالات الطبية الباردة، فيما تركت باب حالات الإسعاف مفتوحا فقط. وتقوم النقطة الطبية بإدخال المصابين بحذر شديد وتطبيق إجراءات السلامة. وتقوم النقطة الطبية في معبر باب الهوى من الجهة السورية بفحص عمال تفريغ البضائع وسائقي الشاحنات بجهاز الفحص الحراري، وكذلك على نقطة الجندرما التي يجري عندها تفريغ الشاحنات. وتجري الاختبارت نفسها بين منطقة عفرين وإدلب في معبر الغزاوية التجاري ومعبر دير البلوط الخاص بالمدنيين.
وأكد مدير مختبر الترصد الوبائي في إدلب الدكتور شهم مكي، أن “المختبر حصل على المواد الأولية للفحوص وأن 900 عينة وصلت من وحدة تنسيق الدعم، و300 عبر منظمة الصحة العالمية، يوم الجمعة” مشيرا إلى أنه تم إرسال نتائج الفحوص إلى شبكة الإنذار المبكر والأوبئة التي تجري المقارنات بدورها وتقوم بالإعلان النهائي. مضيفا “الطاقة الاستيعابية للمختبر هي بين عشرة إلى عشرين مريضا في اليوم” واصفا العدد بالقليل وغير الكافي في حال انتشار الوباء، وطالب المنظمات الدولية “تزويد المركز بمخابر إضافية”.
في السياق، قال مدير “بنك الدم” في إدلب، الطبيب المخبري حسن قدور: “الكيت هو علبة المادة المخبرية اللازمة للفحص، وتكفي 96 اختبارا، يستخدم منها من أربع إلى ست عينات تقريبا للمراقبة وضبط الجهاز والتجريب، وتبقى مادة كافية لنحو 90 فحصا” مشيرا إلى وجود “جهاز واحد في كل الشمال السوري لفحص المادة الصبغية للفيروس” ما وصفه “غير كافي، نحتاج لأكثر من جهاز ونحتاج تدريب فنيين للعمل على الجهاز بشكل عاجل وسريع، وتوفير مواد الفحص حسب خطة طويلة”.
ويعاني القطاع الطبي في إدلب من نقص حاد في الكوادر الطبية نتيجة القصف الجوي للقوات الروسية على المرافق الطبية، حيث خسر القطاع 76 منشأة طبية خلال عام واحد في منطقة شمال غرب سوريا، ويعاني من شح في الموارد المالية وتراجع الدعم المقدم من المانحين بشكل عام، إضافة إلى نقص في الموارد البشرية المتاحة نتيجة قتل الكوادر الطبية أو اعتقالها أو هجرتها بسبب الظروف الأمنية.
هذا وأوقف عدد من المنظمات الدولية دعم المؤسسات الصحية الحكومية في كل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام منذ حوالي ستة أشهر، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في إضعاف القطاع الصحي وقدرته على الاستجابة والتعامل مع الكوارث.
وحذر مدير الصحة في إدلب الدكتور منذر خليل من وفاة أكثر من 100 ألف شخص في حال لم تكن هناك إجراءات وقائية شديدة للحد من الانتشار السريع للفيروس. وأشار في اتصال مع “القدس العربي” إلى أن نسبة إصابة الفيروس “في حال انتشر بشكل انفجاري فإنه قد يصيب 60-70 في المئة من الكتلة البشرية الموجودة ضمن إدلب، وأن نسبة الوفيات قد تصل لأكثر من 3 في المئة”.
وعن تضافر جهود القطاع الطبي، أشار إلى أنه “شُكل فريق عمل مع منظمة الصحة العالمية، وبعض المنظمات وتم الاتفاق على تخصيص ثلاثة مشافي لاستقبال الحالات المصابة بكورونا” ويعتقد أنها ستكون جاهزة خلال أسبوع، وفي هذه الفترة سيتم استقبال الحالات ضمن الامكانيات المتاحة، إضاقة إلى 28 مركز عزل مجتمعي يتم التحضير لها ومهمة هذه المراكز هي استقبال الإصابات الخفيفة ومراقبة المرضى بحيث يتم تحويل الحالات المتقدمة باتجاه المشافي، إضافة إلى تجهيز المخبر الوبائي المركزي في إدلب.
ونوه إلى أن عدد أسرة العناية المشددة في منطقة شمال سوريا “حوالي 201 سريرا فقط، والحاجة المتوقعة هي عشرات الآلاف في حال الانتشار الكبير للفيروس، إضافة إلى نقص الأدوية اللازمة للعنايات والأوكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي”.
على الصعيد ذاته، قال عبد الرحمن العمر كبير الاستشاريين الصحيين في المنظمة الطبية السورية الأمريكية لـ”القدس العربي”: “تعتبر الكثافة السكانية التحدي الأبرز، وتحديدا المخيمات، فمثلاً في بلدة أطمة الحدودية وحدها يوجد 148 مخيما، يسكنها قرابة 35 ألف عائلة، ويبلغ تعداد أفرادها تقريبا 190 ألف نسمة. وعلينا أن نتخيل عند ظهور حالة واحدة في المخيمات بالطبع ستتحول إلى آلاف الإصابات خلال أيام، لتصل إلى نسبة 70 في المئة من القاطنين”. وحول الاستعدادات ومقارنتها بمقدرة المنظمات الطبية على استيعاب صدمة الوباء، لفت العمر إلى أنه “في حال انتشار الوباء فنتوقع أعداد المحتاجين إلى أسرة عناية في الحد الأدنى 2500 مريض. ونحن لا نملك 100 سرير”.
وأوضح “أن منظمة الصحة العالمية تسعى إلى فتح ثلاثة مراكز استشفاء بطاقة 30 مركزا. وهذا يعني أننا أمام كارثة غير متوقعة”. وشدد على أن “السلاح الوحيد أمامنا في إدلب هو الوقاية، الذي بدأناه عبر عمال الصحة المجتمعية”.
وحول توفر المادة اللازمة لعملية التحليل المخبري، قدمت وحدة تنسيق الدعم المواد اللازمة لمركز الترصد الوبائي كمية يوم الجمعة، بلغت ثلاثة أضعاف الكمية التي سلمتها منظمة الصحة العالمية، والتي وعدت بتقديم خمسة آلاف عينة مخبرية.
وتنسق الوحدة عبر شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة مع وزارة الصحة التركية وبواسطتها رشح ثلاثة أطباء للتدريب على بروتوكول التعامل المخبري مع الفيروس، وتعمل الشبكة على نقل خبرتها المكتسبة في أنقرة إلى الفرق الميدانية، إلا أن طبيبا مخبريا واحدا هو أحد الأطباء الثلاثة المتدربين في أنقرة هو من يقوم بالتحليل في الوقت الحالي إلى حين تدريب المزيد من الكوادر.
في سياق منفصل، أطلق عدد من الفنانين والنشطاء والمنظمات الإنسانية حملة “لنحمي بعض” من أجل مساعدة النازحين الذين يعانون أوضاعا قاسية، والتخفيف عن معيلي الأسر بسبب الحجر الصحي المفروض عليها للوقاية من تفشي فيروس كورونا. وتهدف الحملة لتأمين الغذاء والمعقمات للعوائل الأكثر فقرا.
ويواجه القطاع الطبي والمنظمات والدفاع المدني والنشطاء حائطا مسدودا في مناشداتهم من أجل الحجر المنزلي، فأغلب النازحين يعانون من أوضاع اقتصادية سيئة للغاية، وأكثر من نصفهم فقد سبل العيش بعد عمليات التهجير الأخيرة التي بدأت منذ نهاية نيسان (أبريل) 2019 مع الهجوم على ريف حماة الشمالي، حيث تقدر الأمم المتحدة أعداد المهجرين قرابة 1.2 مليون مهجر.
ومن غير المتوقع التزام النازحين في في شمال غرب سوريا منازلهم، وفي حال ظهور حالة واحدة فهذا يعني أن ما يعرف بعدوى القطيع هي القدر المحتوم على أربعة ملايين ونصف منتشرين في شمال سوريا، وثلاثة ملايين منهم معرضون للإصابة وما لا يقل عن 300 ألف وفاة حسب النسبة العالمية للوفيات.
المصدر: القدس العربي