جسر – متابعات
قدّم ناجون سوريون بالتعاون مع مؤسسات سورية، شكوى جنائية في فرنسا، بهدف فتح تحقيق في هجوم الأسلحة الكيميائية الذي شنه نظام “الأسد” بغوطة دمشق الشرقي، عام 2013.
ونشر “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” بياناً، اليوم الثلاثاء، جاء فيه أن مجموعة من الناجين والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، بدعم من مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والأرشيف السوري، يسعون لفتح تحقيق جنائي في فرنسا حول هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا، ودعماً لجهود الناجين من الهجمات الكيماوية في محاربة الإفلات من العقاب.
وأكد البيان أنه تم تقديم شكوى جنائية أمام قضاة التحقيق في فرنسا بشأن الهجمات بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما والغوطة الشرقية في آب/ أغسطس لعام 2013، وتتضمن الشكوى شهادات مستفيضة من العديد من الناجين من تلك الهجمات، على أمل أن يؤدي التحقيق الفرنسي في هذه الجرائم إلى محاسبة كل من، أمر بتنفيذ وعمل على تنفيذ هذه الهجمات التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص بينهم العديد من الأطفال.
وأشار البيان إلى أنه بالإضافة إلى الشهادات المباشرة، فإن الشكوى التي تأخذ طابع إدعاء الطرف مدني تتضمن تحليلاً شاملاً ودقيقاً لسلسلة القيادة العسكرية السورية والمئات من الأدلة الموثقة، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو. كما تزود هذه الشكوى القضاة بمعلومات وخيوط تحقيق جديدة، وتزعم الشكوى والأدلة المقدمة إلى مسؤولية الحكومة السورية في تنفيذ هذه الهجمات التي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وصرح “هادي الخطيب” مؤسس ومدير الأرشيف السوري قائلاً: “لقد قمنا بجمع أدلة شاملة تحدد بدقة المسؤول عن هذه الهجمات في دوما والغوطة الشرقية، والتي حتى اليوم، لا تزال آثارها المروعة وعواقبها تؤثر على الناجين، لم تفصح أو تقر الحكومة السورية بعد عن إنتاجها للأسلحة الكيميائية واستخدامها وتخزينها، مما يعني أنها لا تزال تشكل تهديداً على مواطنيها المدنيين في سوريا، فضلاً عن السلم والأمن الدوليين. ويجب أن تخضع للمسائلة والمحاسبة”.
وأردف: “إنه من غير المقبول أن يمر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين من دون محاسبة. لأننا إن سمحنا بذلك، فلن تحدث مثل هذه الهجمات مرة أخرى فحسب، بل سنعرض البشرية جمعاء لمخاطر حقيقية.” أضاف مازن درويش مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. “إن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم في سوريا لن يوفر فقط قدراً من العدالة المستحقة لضحاياهم، ولكنه يضمن أيضاً قدراً أكبر من السلام والأمن العالميين. لهذا السبب، وبالإضافة إلى التحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها عند توافر الاختصاص القضائي، يجب على الدول التعاون أيضاً لإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم”.
مضيفاً: “إننا نحث القضاة الفرنسيين على إجراء تحقيق مشترك مع المدعي العام الألماني بشأن الهجمات على الغوطة الشرقية. إذ أنه من خلال حشد الموارد والجهود، ستتمكن الدول من جمع أدلة قوية ضد المسؤولين السوريين المتورطين بشكل مباشر بهذه الهجمات بسهولة أكبر” صرح ستيف كوستاس، المحامي في مبادرة العدالة. “وهذا من شأنه أن يسمح للسلطات القضائية في مختلف البلدان بإقامة دعاوى جنائية جاهزة للنظر فيها، لمحاسبة هؤلاء المسؤولين السوريين بمجرد أن يتم اعتقالهم”.
وبحسب البيان المنشور فإن مبدأ الولاية القضائية خارج الإقليم يخول المحاكم الفرنسية بالتحقيق في الجرائم الدولية التي يرتكبها رعايا أجانب على أرض أجنبية ومقاضاة مرتكبيها. في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، قامت مبادرة العدالة والأرشيف السوري والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير بتقديم شكوى مماثلة أمام مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني بشأن هجمات السارين التي شنتها الحكومة السورية في عامي 2013 و2017 على الغوطة الشرقية وخان شيخون. وتتضمن الشكاوى في فرنسا وألمانيا معاً أدلة من التحقيقات الأكثر تفصيلاً حتى الآن حول هذه الهجمات.
وأضاف أن فرنسا تقود الشراكة الدولية لمناهضة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيماوية وكانت قد نددت بشدة باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. كما طالبت فرنسا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) بتعليق “حقوق وامتيازات” سوريا والتي ستشمل حقوقها في التصويت في المنظمة، وذلك لعدم الوفاء بمهلة تموز/ يوليو 2020 المحددة للإعلان عن الأسلحة الكيميائية المستخدمة في هجمات 2017 على بلدة اللطامنة والكشف عن مخزونها الكيميائي. ومن المتوقع أن تناقش فرنسا اقتراحها المدعوم من قبل أكثر من 40 دولة، خلال اجتماع ربيع 2021 للدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW).
ويمثل الأطراف المدنية في هذه القضية المحاميان “جان سولزر” و”كليمانس ويت” المسجلين في نقابة المحامين في باريس.