جسر: متابعات:
توقَّف بارك هيون لالتقاط أنفاسه بعد أن صعد بضع درجات تؤدي إلى مدخل كلية الهندسة بجامعة بوسان الوطنية التي يُدرِّس فيها. ورغم ما يشعر به من لهاث، فهو يستخدم الدرج ويتحاشى المصاعد.
كان بارك هو “المريض رقم 47” في بوسان، إذْ أصبح واحداً من أكثر من 5000 كوري جنوبي كُتب لهم الشفاء من عدوى فيروس كورونا غير أنَّه لا يزال، بعد 25 يوماً من التأكد من سلبية الاختبارات للمرة الثانية، يخوضُ معركة جديدة مع وصمة الإصابة بالفيروس.
وقال بارك: “أتفهم مخاوف زملائي وجيراني وقلقهم لذلك أصعد على السلم في مبنى هذه الجامعة، بل وإلى شقتي في الدور التاسع”.
أمضى بارك (47 عاماً)، تسعة أيام، في عنبر خاص قبل السماح له بالخروج، ثم أمضى 14 يومًا في عزلة، بالإضافة إلى عشرة أيام أخرى، لكي يسترد عافيته، لكنه يقول إن كثيرين حوله ما زالوا يفكرون في المرض قبل أي شيء آخر.
وخلال فترة إقامة بارك في المستشفى، سمعت والدته أحد الجيران يصيح أمام بيت الأسرة: “سنموت كلنا بسبب ابن في هذه العائلة”.
وقال بارك إنه يعتقد أنَّ ثمَّة شكوكاً عميقة في المجتمع، لأن أغلبيّة كبيرة من أوائل المصابين بالمرض، كانت بين أفراد طائفة دينية محاطة بالكتمان، وتختلف حولها الآراء في مدينة دايجو التي تبعد 100 كيلومتر شمال غربي بوسان.
ويقول بارك إنه قرر أن يروي رحلته مع العدوى والعلاج، للمساهمة في تبديد ما يكتنف هذا الوباء من غموض. ومن ثم فقد سجل كل مراحل معركته مع المرض بحلوها ومرها على فيسبوك منذ اليوم الأول.
وأضاف بارك: “بالكشف عن هويتي، اعتقدت أن الناس ستدرك أنني لا أنشر أخباراً زائفة. أوجه الغموض كثيرة جداً. ومشاعر القلق وليدة الغموض”.
وتباطأت وتيرة انتشار المرض في كوريا الجنوبية منذ الزيادة الكبيرة في الحالات خلال فبراير /شباط وأوائل مارس/ آذار.
وبلغ عدد الحالات حتى اليوم الثلاثاء 9786 حالة. وقد خرج 5408 مرضى من المستشفيات بعد التأكد من خلوهم من الفيروس.
ورحب زملاء بارك بعودته للعمل يوم الاثنين، لكن دون أحضان أو مصافحة. ويتناول بارك غداءه في المعمل مع زملائه، غير أنه يجلس على مائدة منفصلة تبعد عنهم عدة أمتار.
ويقول إنه إذا كان بينهم من يقلقهم وجوده، فهم لا يظهرون ذلك في حضوره.
وقال بارك الذي يتنقل وعلى وجهه كمامة طوال الوقت: “بعض الناس جاءت فحوصهم إيجابية بعد الشفاء التام. وأنا أهتم بمن هم حولي”.
وقال المركز الكوري للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، إن الحالات التي يعاود فيها المرض الظهور على من شفي منه، تحتاج للمزيد من الدراسة.
وقال زميله آهن سيوك يونج، الأستاذ بالجامعة نفسها: “عدنا إلى الوضع الطبيعي لكن الأمور لم تعد كما كانت. فقد اعتدنا النقاش ونحن نجلس بعضنا بالقرب من بعضنا الآخر ونستخدم لوحة مفاتيح واحدة، وهو ما لم يعد ممكناً منذ تفشي المرض”.
وكانت أول مهمة لبارك بعد استئناف العمل، هي صنع علب الصابون باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد للتبرع بها مع الصابون لكبار السن في بوسان ومدن أخرى ظهر فيها المرض.
وقال بارك: “كثيرون من كبار السن في مدينتي يعيشون على حد الفقر ويجدون صعوبة في شراء مطهرات اليد. وسنرسل الصابون والعلب أيضاً إلى دايجو ومناطق أخرى تأثرت بشدة بالمرض”.