جسر: متابعات
قال رئيس هيئة التفاوض السورية التابعة للمعارضة، نصر الحريري، “إن إعداد الدستور لوحده لا يحل مشاكل سوريا، مشددا على ضرورة توفير بيئة آمنة ومحادية تُشعر المواطن أن شيئا يتغير”.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع الحريري في اسطنبول، قبيل توجه وفد المعارضة السورية إلى مدينة جنيف السويسرية، للمشاركة في أعمال الجلسة الأولى للجنة صياغة الدستور في 30 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وفي 23 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، ضمن الجهود المتواصلة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2011.
وتتألف اللجنة من هيئة موسعة (هدفها الإقرار) من 150 عضواً يعين النظام والمعارضة الثلثين، بحيث تسمي كل جهة 50 عضوًا، بينما يختار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن الثلث الأخير من المثقفين ومندوبي منظمات من المجتمع المدني السوري.
الحريري استهل المقابلة بالحديث عن اجتماعات المعارضة في الرياض التي بدأت في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قائلا: “اجتماع الرياض كان موسعا ضم هيئة المفاوضات وأعضاء اللجنة الدستورية وعددا كبيرا من المستشارين، وناقشنا خلاله قضايا كثيرة”.
وأضاف أن “إحدى أهم النقاط التي تمت في اجتماع الرياض، تسمية هادي البحرة رئيسا مشتركا للجنة الدستورية، إضافة إلى الاتفاق على الأسماء الـ15 للصياغة والرئاسة المشتركة للجنة”.
وعن المباحثات مع المبعوث الأممي بيدرسن، قال الحريري “تحدثنا معه عن تحضيرات الجلسة الأولى للجنة، وكيفية عقد اجتماع المجموعة الموسعة (150 عضوا)، ثم الانتقال للمجموعة المصغرة (45 عضوا)، وفق القواعد الإجرائية المتفق عليها”.
وأردف “كما ناقشنا بشكل مستفيض سلامة أعضاء اللجنة الدستورية، خاصة وأن العضو محمد علي الصايغ، من هيئة التنسيق الوطنية داخل سوريا، تم اعتقاله لدى مغادرته دمشق على الحدود اللبنانية، وجرى الإفراج عنه بعد مساع أممية بعد ساعات”.
وردا على سؤال حول كفاية القواعد الإجرائية الأممية لعمل اللجنة الدستورية، أوضح الحريري أن القواعد الإجرائية تم الاتفاق عليها بمفاوضات الأطراف السورية بالرياض، وهي تخدم العملية الدستورية داخل هيئة المفاوضات.
وأضاف “لدينا أيضا قواعد إجرائية أخرى ربما يتم الحديث عنها لاحقا، تتعلق بتنظيم الاجتماعات اليومية، وطريقة إدارة الجلسات سواء ضمن المجموعة المصغرة أو الموسعة، بما يضمن سير العملية بشكل فعال ودون إضاعة الوقت”.
الحريري أوضح أن تحضيرات الجلسة الأولى للجنة لا زالت جارية، وهناك تواصل مباشر بين بيدرسن وهيئة المفاوضات والرئيس المشترك، فيما توقع التوصل لتصور واضح خلال الأيام المقبلة.
واعتبر المعارض السوري أن الجلسة الافتتاحية ستكون بمثابة إعلان أممي لبدء عمل لجنة صياغة الدستور الجديد.
وأضاف أن اجتماع المجموعة الموسعة، ربما يستمر عدة أيام يكون فيها نقاشات عامة، ثم يترك المجال للمجموعة المصغرة لتواصل أعمالها وتضع أجندة واضحة للخوض في مختلف القضايا والمضامين الدستورية.
وفيما يخص رؤية المعارضة لعمل اللجنة الدستورية، قال الحريري “في عيون الشعب السوري لا توجد مصداقية لأحد، وحجم المعاناة التي تعرض لها الشعب يفسر هذا الموقف، ما يحتاجه المواطنون الثقة بوجود مصداقية للعملية الدستورية”.
وأضاف أنه لابد للشعب السوري أن يرى شيئا ملموسا، وهو لا يطلب شيئا مستحيلا خارجا عن القانون.
وأوضح أنهم يحملون قضايا إنسانية فوق تفاوضية، منها إطلاق سراح جميع المعتقلين في سوريا.
وتابع “نعمل مع الأمم المتحدة، لتسليط الضوء على ملف المعتقلين وتفعيله بالتوازي مع إطلاق اللجنة الدستورية، على الأقل إطلاق دفعة جيدة من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى والجرحى”.
ولفت إلى أن المعارضة السورية تحث الخطى لمناقشة باقي القضايا المتعلقة بالقرار الأممي 2254، وهي “حكم ذو مصداقية في السلة الأولى، الدستور في السلة الثانية، والانتخابات في السلة الثالثة”.
وأضاف أن “إعداد الدستور لوحده لا يحل الأزمة السورية، ولا يمكن الذهاب للانتخابات دون بيئة آمنة ومحادية، تؤمنها هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات وفق الدستور الجديد، ليشعر المواطن أن شيئا تغير، وأن صوته يمكن أن يحدث تغيرا”.
وعن انعكاسات التطورات الميدانية في إدلب على العملية السياسية، ذهب الحريري إلى أن “التطورات على الأرض ستنعكس على العملية السياسية، إذ لا يمكن تصور انطلاق العملية السياسية، فيما لا تزال البندقية تعمل على الأرض”.
واستدرك بالقول “لكن بنفس الوقت لا يمكن أن نترك العملية السياسية مرهونة بالتطورات على الأرض، لأن هناك أطراف لا زالت تعول على الحل العسكري، وستجد في التصعيد فرصة لوقف العملية السياسية وتدميرها، وضمان عدم وصول العملية السياسية لأي نتيجة”.
وأشار الحريري إلى أنه “لا أحد ينكر أن هناك حاجة سورية أساسية قبل أن تكون حاجة أممية، للقضاء على التنظيمات الإرهابية، ولا يمكن الوصول إلى حل سياسي طالما هناك ميليشيات أو أجندات إيديولوجية إرهابية أو انفصالية تعمل على الأرض”.
وتابع: “لكن في كل المواقع يجب حماية المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني، وتأمين المتطلبات الأساسية لكل المواطنين”.
الحريري واصل حديثه بالقول “نحن نؤمن بالحل السياسي ونعمل لأجله، ونقول لا نريد ولا يمكن أن يكون الحل عسكريا، لكن النظام وداعميه مصرون على الحل العسكري”.
وأضاف أن “أي تقدم في العملية السياسية والعملية الدستورية وأي احتمال للوصول لحل يمكن أن ينقذ السوريين، يحتاج إلى 3 طبقات من التوافق، التواق السوري السوري، والإقليمي، والدولي”.
وتابع موضحا “نحن في هيئة المفاوضات لن نذهب إلى جنيف إلا من أجل نجاح اللجنة الدستورية كخطوة أولية، وبوابة لتطبيق كافة بنود قرار مجلس الأمن، بما يضمن انتقال سلمي حقيقي للسطلة”.
وأردف “نتمنى من الأطراف الأخرى سواء من النظام، أو الأطراف الإقليمية والدولية أن تساعدنا في جهودنا هذه، وجهود بيدرسن لإحراز تقدم حقيقي في اللجنة الدستورية”.
وختم بالقول: “واجبنا السياسي يحتم علينا تطبيق القرارات الأممية، والخطوة الأولى فيها العملية الدستورية، وتوقعاتي من خلال تجاربي السابقة، أن يكون هناك محاولة تعطيل وعرقلة وإعاقة من قبل النظام، أو من قبل بعض الدول التي تدعمه، وأتمنى أن أكون مخطئا”.
المصدر: الأناضول/ ٢١ تشرين الأول ٢٠١٩