محمد حسان/ نقلا عن المدن
بثت مُعرفات “هيئة تحرير الشام”، ليل الخميس/الجمعة، بياناً أعلنت فيه تنفيذ عملية أمنية استهدفت ضباطاً تابعين لقوات النظام في محافظة ديرالزور.
وقال بيان “تحرير الشام”، إنه في 25 أذار/مارس، وبعد “الرصد والمتابعة لمجموعة من الضباط التابعين للفرقة الرابعة في جيش النظام المجرم بديرالزور، تمكنت فرقة من مجاهدي خلف الخطوط من تنفيذ عملية محكمة ضد عناصر الفرقة الرابعة، ما أدى إلى قتل وجرح عدد منهم”.
تفاصيل العملية
عملية “هيئة تحرير الشام”، جاءت بعد رصد تحركات مجموعة من ضباط النظام في محيط بلدة بقرص بريف ديرالزور الشرقي. وتسلل عناصر من قوات “سرايا خلف الخطوط”، إلى نقطة تابعة لـ”الفرقة الرابعة” جنوبي البلدة، والاشتباك معها قرابة الساعة.
مسؤول العلاقات الإعلامية في “تحرير الشام” عماد الدين مجاهد، قال لـ”المدن”، إن “العملية الأمنية للهيئة في ديرالزور، أفضت إلى قتل الملازم أول في جيش النظام يونس الناعم المنحدر من قرية العزيزية في سهل الغاب، والمجند غدير الراشد المنحدر من قرية الدردارية في ريف حمص الغربي وجرح آخرين”.
وأضاف مجاهد: “العملية هي جزء من سلسلة عمليات عسكرية أمنية ضد قوات النظام وحلفائها، تحت مسمى (ويشف صدور قوم مؤمنين)، والتي كبَّدت قوات النظام خسائر كبيرة بالعتاد والأرواح في معظم الأراضي السورية خلال الأشهر الماضية”.
سرايا خلف الخطوط
تعتبر “سرايا خلف الخطوط”، من أهم التشكيلات الأمنية التي رافقت “جبهة النصرة” خلال مراحل تطورها. ويعود تبلور التشكيل العسكري للسرايا بشكله الحالي، إلى مرحلة ما بعد الإعلان عن تشكيل “هيئة تحرير الشام” في النصف الثاني من العام 2017.
وتتكون السرايا من مقاتلين جندتهم “الهيئة” بشكل سري في مناطق سيطرة النظام، وترتبط السرايا بالجهاز الأمني لـ”الهيئة”، وهو المسؤول عن أعمالها.
مصدر عسكري من “هيئة تحرير الشام”، قال لـ”المدن”، إن “سرايا خلف الخطوط تنتشر في حماة وحمص ودمشق ودرعا وحلب، ومؤخراً هناك توجه لدعم تواجدها في محافظتي الرقة وديرالزور”.
أضاف المصدر: “العدد التقريبي لعناصر السرايا يقدر بأكثر من 400 عنصر، مزودين بأسلحة فردية ورشاشات نصف آلية ومسدسات كاتمة للصوت وبعض المواد المتفجرة، التي تستخدم في عمليات خاصة ضد أهداف معينة”.
وتتمتع السرايا بدعم مادي كبير من الهيئة، ويتم تمويل عناصرها عبر عمليات تحويل معقدة، تتم غالباً عبر تفاهمات مع شركات تحويل أموال محلية، من دون إدراجها في البيانات الرسمية تخوفاً من الملاحقة.
البحث عن موطئ قدم
تسعى “هيئة تحرير الشام” من خلال عملها الأمني، إلى إيجاد موطئ قدم لها في الشرق السوري، خاصة ديرالزور والرقة، مستغلة الانفلات الأمني في مناطق سيطرة النظام و”قوات سوريا الديموقراطية”.
مساعي “الهيئة” للعودة إلى الشرق السوري، تأتي ضمن خطط مدروسة وعلى مراحل، أولها إيجاد خلايا أمنية تابعة، خاصة في المناطق التي مثّلت حاضنة شعبية لـ”جبهة النصرة” قبل طردها على يد “داعش”.
وتعتمد “الهيئة” في صناعة مجموعاتها الأمنية على شبكة العلاقات التي يوفرها العناصر المحليون المنتسبون لها من الشرق السوري، وبينهم قادة بارزون مثل مظهر الويس، وابو البراء الهجر، وابو مصعب الشحيل، من أبناء ديرالزور.
وكذلك على وجود جمهور لها في تلك المناطق، كان قد اضطر للصمت أو حتى موالاة تنظيم “الدولة الإسلامية” أثناء فترة سيطرته. ومع زوال “داعش”، يمكن الآن لتلك الحاضنة أن تُعاود التحرك، بما أن “الهيئة” قادرة تنظيمياً على استيعابها.
ويُضاف إلى ذلك، أنه مع تحطم البنية التنظيمية لـ”داعش” فقد باتت فلول مقاتليه في المنطقة بحاجة لمظلة لهم، وهو ما توفره “الهيئة” التي ستحاول الاستفادة من كوادر التنظيم عالية التأهيل.
محاولة “الهيئة” إيجاد موطئ قدم لها في الشرق السوري، ليست الأولى، فقد سبقها محاولة في نهاية العام 2017 عندما فاوضت تنظيم “الدولة الإسلامية” على تسليمها المناطق غربي الفرات في الرقة وديرالزور، أثناء تقدم قوات النظام إليها، لكن التنظيم رفض الأمر وقتها.
وكانت “الهيئة” تنوي إدخال قواتها من ريف حماة الشرقي إلى باديتي الرقة وديرالزور عبر منطقة عقيربات، لكن قادة التنظيم رفضوا الأمر وقاموا بتسليم المنطقة للروس خشية هجوم “الهيئة” عليهم في تلك المنطقة.
عوائق العودة
عودة “الهيئة” إلى الشرق السوري، عسكرياً، تعتبر أمراً صعباً جداً بسبب الوجود الأميركي شرقي الفرات والروسي غربه. كما يحول دون ذلك الرفض العشائري لها بسبب خلافات سابقة على غرار حادثة قتال قرية المسرب بين عشيرة العساف و”جبهة النصرة”، و مثلها مع أهالي قريتي ذيبان والزر، أو بسبب تحميلها مسؤولية القتال العبثي مع تنظيم “الدولة” من قبل أبناء المنطقة.
لذا، فقد يكون لعملها الأمني فرصة للنجاح في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لأسباب أهمها إمكانية توفير الحماية لخلاياها الأمنية من قبل المجتمعات المحلية بسبب حالة العداء للنظام وحليفه الإيراني الذي يسعى لنشر التشيّع. فيما سيكون مصير خلاياها في مناطق “قسد”، رهين شكل علاقة المجتمعات المحلية مع السلطة القائمة حالياً، والمفتوح على احتمالات الاستقرار أو التوتر.