جسر – صحافة
شهدت الأيام الأخيرة الماضية عودة الحراك المناهض للنظام إلى محافظة درعا، بالتزامن مع الذكرى الحادية عشرة لانطلاقة الثورة السورية التي كانت المحافظة مهدها عام 2011.
وإلى جانب المظاهرات التي شهدتها درعا، وشملت أجزاء واسعة من الريف، فقد سجلت أربعة هجمات مسلحة استهدفت قوات النظام، ما أدى الى مقتل وإصابة أكثر من عشرة عناصر بينهم ضباط.
خطة أميركية
وكشفت مصادر في المعارضة ل”المدن”، عن وجود خطة أميركية لإحياء الدعم والتعاون مع قوى المعارضة المسلحة في جنوب سوريا، بهدف “إثارة المتاعب لروسيا المتحكمة بملف المنطقة بشكل كامل”.
ومنذ عام 2018 أوقفت الولايات المتحدة بشكل نهائي العمل بغرفة الدعم العسكري المخصص لقوات المعارضة في جنوب سوريا المعروفة ب”الموك” ومقرها الأردن، بعد اتفاق مع روسيا على إخراج إيران من المنطقة المحاذية للأراضي المحتلة من قبل اسرائيل، حيث تخشى الأخيرة من تمركز حزب الله اللبناني وفصائل تابعة للحرس الثوري الإيراني فيها.
ومنذ بدء غزوها أوكرانيا قبل أربعة أسابيع، دأبت روسيا على التحذير من خطط أميركية وغربية لضرب استقرار المناطق الخاضعة لسيطرة النظام “عبر التعاون مع جماعات المعارضة لتنفيذ هجمات ضد قوات النظام والعسكريين الروس والإيرانيين في هذه المناطق” حسب بيان سابق للمخابرات الروسية.
لكن مصادر في المعارضة كشفت ل”المدن”، أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل اتصالاتها مع أطراف مختلفة في المعارضة من أجل هذا الهدف، وهو ما كان جزءاً من جدول أعمال الزيارة التي نفذها مسؤولون أميركيون إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق البلاد.
وحسب هذه المصادر، فقد شملت الاتصالات الأميركية أيضاً قادة سابقين في الجيش الحر، وكذلك مجموعات مناهضة للنظام في السويداء، موضحة أن ردود فعل هذه الأطراف كانت حذرة، وخاصة “قسد” التي ترتبط بعلاقات جيدة مع موسكو وهو ملف تريد واشنطن حسمه.
هجمات مستمرة
وسقط عدد من عناصر قوات النظام بين قتيل وجريح نتيجة استهداف دوريتَين أمنيتَين تابعتَين لفرع الأمن السياسي بعبوات ناسفة على طريق دمشق-درعا الدولي صباح الخميس، وذلك بعد يومين من وقوع قتلى للنظام جراء اقتحام مدينة جاسم “بهدف اعتقال مطلوبين”.
وسقط عدد من عناصر قوات النظام بين قتيل وجريح نتيجة استهداف دوريتَين أمنيتَين تابعتَين لفرع الأمن السياسي بعبوات ناسفة على طريق دمشق-درعا الدولي صباح الخميس، وذلك بعد يومين من وقوع قتلى للنظام جراء اقتحام مدينة جاسم “بهدف اعتقال مطلوبين”.
وكانت دورية أمنية مشتركة لقوات النظام اقتحمت مدينة جاسم فجر الثلاثاء بهدف شن عمليات اعتقال في المدينة، الأمر الذي أسفر عن حدوث اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة مع مقاتلين محليين، أدت إلى مقتل وجرح أكثر من 10 لقوات النظام وأسر 5 آخرين، بالإضافة إلى عطب ثلاث آليات للنظام.
رد فعل
وبينما لم يستبعد ناشطون من درعا تواصلت معهم “المدن” أن تكون بعض الهجمات ناتجة عن صراع داخلي بين أجهزة النظام، يضع أيمن أبو محمود المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” المعارض هذه الحوادث في إطار “ردود الفعل” على التجاوزات التي ترتكبها قوات النظام أو أجهزته الأمنية في المحافظة.
ويقول: “ليس هناك أي مؤشر على استئناف الدعم أو التعاون بين القوى المناهضة للنظام في حوران وبين الولايات المتحدة، وعلى الرغم من الحديث المتجدد عن إحياء غرفة “الموك” إلا أن ذلك على ما يبدو لمجرد الضغط الإعلامي على روسيا والنظام”.
وأضاف في تصريح ل”المدن”، أن “العمليات المسلحة التي تستهدف قوات النظام أو الميليشيات التابعة له هي ردود فعل على الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكب بحق السكان، وخاصة من التيار المدعوم من إيران داخل النظام، وبالتحديد عمليات الاقتحام والمداهمة للمناطق الخاضعة لاتفاقية التسوية التي تنص على عدم انتشار الجيش والأمن في المناطق السكنية، وتنفيذ اعتقالات وغير ذلك من الانتهاكات التي تدفع بعض الشباب للقيام بعمليات انتقامية على النحو الذي جرى نهاية الاسبوع الماضي في خربة غزالة وجاسم وغيرها من ضواحي درعا”.
بدوره، يضع عضو هيئة التفاوض المعارضة إبراهيم جباوي الهجمات الآخيرة في إطار “عمليات فردية دافعها الانتقام ورد الفعل على التجاوزات المستمرة لقوات النظام في درعا وريفها”. ويضيف في حديث ل”المدن”، أن “العمليات لم تتوقف على أية حال منذ توقيع اتفاقية التسوية عام 2018، وبالتالي فإن ربطها بالحديث عن حراك أميركي غير صحيح وغير مقبول أيضاً”.
جباوي، وهو عميد منشق عن شرطة النظام وينحدر من محافظة درعا، قال إن “هذه الهجمات ليست بتوجيه من أحد وغير مدعومة من أي طرف، بل هي عمليات ينفذها شباب غاضب مما يجري في قراهم وبلداتهم، وهؤلاء لا ينتظرون تعليمات أو تحفيزات من أي دولة لكي يقوموا بها”.
بينما تتحدث جهات في المعارضة عن بدء الولايات المتحدة عمليات التشاور وجس النبض مع أطراف في المعارضة من أجل استئناف العمل المسلح ضد النظام وحلفائه في سوريا، انطلاقاً من الجنوب في درعا والسويداء، ضمن إطار التصعيد الذي يستهدف روسيا رداً على غزو جيشها لأوكرانيا، وذلك يشمل الأكراد أيضاً، تؤكد جهات أخرى أن هذه المساعي لن يكتب لها النجاح، أو لن تكون سهلة على الأقل، بسبب التحفظات الكبيرة على الموقف الأميركي لدى المعارضة التي فقدت الثقة بواشنطن.
المصدر: موقع المدن