جسر: صحافة:
أسئلة كثيرة خلّفتها زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد الأخيرة إلى مدينة القرداحة، أبرزها: هل نجح الأسد في مسعاه بردم هوة الخلاف بين عائلته، وعائلة مخلوف؟، بعد تأزم العلاقة بينهما على خلفية الحجز على ممتلكات عديدة لابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف.
وقالت مصادر مطلعة ل”المدن”، إن مهمة الأسد خلال الزيارة التي شهدت لقاءات بين الأسد ووجهاء عائلتي الأسد ومخلوف، لم تكن صعبة، بالنظر إلى صلات القربى التي تربط العائلتين.
كان يُفترض أن لا تكون مهمة الأسد سهلة، بحكم السطوة الاقتصادية لمخلوف في الساحل السوري والثقل الذي تحظى به عائلته، لكن يبدو أن المصالح الاقتصادية هي التي باتت تحكم العلاقات بين الطائفة العلوية، من دون الالتفات إلى الحسابات العائلية.
وعائلة مخلوف، تعد من أبرز العائلات العلوية، ويلتف حولها عدد من عائلات القرداحة (معقل الأسد)، على خلفية سطوتها الاقتصادية والسياسية المتصاعدة منذ عقود.
لكن الخطوة المتمثلة بإعادة بعض الامتيازات لإيهاب مخلوف، شقيق رامي، ومنها عقد تشغيل “الأسواق الحرة”، يبدو انها أعادت بعضاً من الصفاء إلى الأجواء المُعكّرة، وهو ما يتفق معه مدير مركز “شام لدراسات الديموقراطية وحقوق الإنسان”، المعارض العلوي أكثم نعيسة الذي يرى أن “تسليم إيهاب بعضاً من شركات شقيقه رامي، أسهم في تعديل مزاج عائلة مخلوف، إذ أعادت الخطوة إليها شيئاً من الامتيازات الكبيرة التي كانت في مهب الريح”.
ويضيف نعيسة أن الدفع بإيهاب ب”شخصيته الضعيفة”، إلى صدارة عائلة مخلوف، يعطي الأسد أريحية في صراعه غير المعلن مع رامي. ويقول ل”المدن”: “يتمتع رامي بشعبية لا بأس بها لدى الطائفة العلوية، بفضل مساعدات جمعية البستان لفقراء الطائفة، وبدأ موقفه يتعزز نتيجة تآكل شعبية بشار، بعد النتائج المخزية التي حصدتها الطائفة من فقر وجوع مقابل الأثمان الباهظة التي دفعتها في حرب بشار”.
تلك المعطيات تؤكد لنعيسة أن زيارة الأسد كانت ناجحة على مستوى ترميم العلاقات العائلية، معتبراً أن “الزيارة محاولة لإعادة العلاقات مع عائلة مخلوف، وأيضاً لإعادة ترتيب وتقوية العلاقة التي أصابها بعض التلف مع أهالي مدينة القرداحة، ولئن أفلح في تحقيق بعض أهدافها، فإنها لم تسهم في رفع منسوب شعبية الأسد في الأوساط العلوية”.
لكن قرارات آخرى للزيارة ترى أن قضية مخلوف بأكملها لا تستحق بالنسبة للأسد القيام بمسعىً شخصي لحلحلتها، على أساس أن مخلوف لطالما كان موظفاً لدى عائلته، وهو من عاداته تغيير الموظفين من دون تقديم تبريرات. ويقول الكاتب الصحافي، بسام اليوسف، وهو معارض سوري من الطائفة العلوية، إن ربط زيارة الأسد للقرداحة بالنزاع مع مخلوف، فرضية لا تدعمها الوقائع على الأرض، معتبراً خلال حديثه ل”المدن”، أن خلاف الأسد- مخلوف لا يستحق زيارة مصالحات.
ويرى أنه إذا كان الأسد يريد مصالحة عائلة مخلوف، فإنه قادرٌ على إرسال مندوب عنه، ويقول: “اليوم بعد كل ما جرى، باتت عائلة مخلوف أضعف من أن يقوم الأسد بزيارتها للمصالحة، وعموماً ليس في كل الطائفة العلوية اليوم شخصيات تشكل عقبة للأسد”.
ويضيف “رامي مخلوف انتهى إلى غير رجعة، وحتى عائلته لم تعد تريد الدفاع عنه، ولا اعتبارات اليوم عند النظام والدائرة الحاكمة لمسألة العائلات العلوية، وإنما الاعتبار اليوم للمال والمصالح الشخصية”.
يذكر أن خلاف بشار ورامي كان قد ظهر في وسائل الإعلام، بعد مطالبة النظام بدفع ضرائب متراكمة على استثمارات مخلوف، وفي مقدمتها شركة اتصالات “سيرتيل”، لينتهي الخلاف بالحجز على أموال رامي مخلوف، واعتقال كبار موظفي شركاته.
المدن ٢٨ آب/اغسطس ٢٠٢٠