وبحسب المصدر، فإن الفيديو الأخير للبغدادي في نهاية نيسان/أبريل، جرى تصويره في المقر المستهدف ذاته، والوسائد التي كان يجلس عليها البغدادي وأتباعه في الفيديو هي ذاتها الموجودة في المنزل المدمر، وهي وسائد بألوان وأشكال تقليدية معروفة لدى أهالي ريفي حلب وادلب وتستخدم في فرش البيوت الريفية. وبحسب المصدر، أن الفيديو الأخير للبغدادي في نيسان/أبريل كان بمثابة الرسالة لخلايا التنظيم بأنه قد وصل بالفعل إلى ادلب والمنطقة القريبة من الحدود التركية تحديداً، وهي بداية مرحلة جديدة مفترضة.
وبحسب المصدر، فإن موقع منزل البغدادي لا يثير الشبهة، وتنتشر حوله الكثير من المزارع والمنازل الريفية وخيام للنازحين والرعاة البدو. والمنطقة لم تشهد الكثير من العمليات الأمنية لخلايا تنظيم “الدولة” على عكس باقي مناطق ادلب وغربي حلب، لذلك لم تكن هدفاً للمداهمات والعمليات الأمنية للجهاز الأمني في “هيئة تحرير الشام”، على الرغم من أنها منطقة نفوذ واسعة لـ”تحرير الشام” وفيها انتشار كبير لمقاتليها وعائلاتهم ويتبع المجلس المحلي في القرية لحكومتها “الإنقاذ”.
مقر البغدادي المستهدف لم يكن في المناطق الوعرة بل كان في الضواحي القريبة من القرية، وبين بساتين أشجار الزيتون الممتدة على جانبي الطريق المتجه نحو قرية حتان في الجنوب الغربي. وقد تم بناء المقر خلال العامين 2018/2019، وأشيع في المنطقة أن مالك المنزل هو نازح من حلب يدعى “أبو محمد سلامة”. ولإختيار هذا الاسم أهمية كبيرة لإبعاد الشبهات والمتطفلين، وأمنيي “تحرير الشام” عن الموقع، إذ أن عدداً كبيراً من ابناء عائلة سلامة الحلبية يقاتلون في صفوف “الهيئة”، و”أبو إبراهيم سلامة” هو أمير قطاع حلب في “الهيئة” وأحد أبرز قادتها الحاليين. وبعد مقتل البغدادي تعددت الروايات حول هوية مالك المنزل، بعضها قال أن اسمه “أبو محمد الحلبي” ويدعى “أبو البراء”.
الجهاديون المناهضون لـ”تحرير الشام”، قالوا إن قيادة “الهيئة” كانت تعرف بمكان البغدادي وتراقب تحركاته وتحركات أتباعه بشكل دقيق، وهي من سهلت دخوله إلى ادلب قبل أشهر قادماً من شرق سوريا مروراً بمناطق سيطرة “وحدات حماية الشعب” الكردية، ومناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” في ريف حلب. وبحسب المناهضين للهيئة، لا يمكن لعملاء الاستخبارات الأميركية وغيرهم تحديد الموقع بهذه الدقة من دون مساعدة “الهيئة”، لأن العمل بحرية للعملاء في منطقة حارم صعب للغاية بسبب التشديد الأمني والانتشار الكبير لعناصر “الهيئة”.
ويقول الجهاديون إن قيادة “الهيئة” طلبت من عناصرها وحواجزها المنتشرة في المنطقة قبل عملية الإنزال الجوي بوقت قصير الابتعاد عن منطقة العملية وعدم استهداف الطائرات المروحية، والتي تم تحديد هويتها في التعميم المفترض، بأنها طائرات تابعة للجيش التركي ولديها مهام فنية في نقاط المراقبة في ريف ادلب. واستمرت العملية لساعات ولم تتخذ “الهيئة” أي اجراء عدائي ضد المروحيات في منطقة العمل، الأمر الذي يثبت اشتراكها في العملية. ويقول الجهاديون إن “الهيئة” تريد من خلال مساعدة الأميركيين في قتل البغدادي أن تظهر بمظهر المحارب للإرهاب، للحصول على الرضا الأميركي، ضمن مجموعة خدمات أمنية تقدمها “الهيئة” بشكل مستمر حول قادة التنظيم وقادة “القاعدة” في “حراس الدين” والتنظيمات المتشددة.
أنصار “الهيئة” ردوا على الاتهامات، ونفوا اشتراك قيادتهم في عملية قتل البغدادي، ونفوا معرفتهم بموقعه وكيفية وصوله إلى ادلب، واتهموا أنصار التنظيمات بالكذب والتدليس. الشرعي الفلسطيني في “الهيئة” الزبير أبو عبد الرحمن، قال: “لماذا الطعن بهيئة تحرير الشام، لماذا لا تلوموا حواجز الاكراد ثم الجيش الوطني ثم حواجز الأتراك في عفرين، الجهاز الأمني اعتقل أكثر من 1500 من جنود البغدادي خلال فترة، وخاضت الهيئة حرباً ضروساً ايام البادية قدمت فيها الغالي والنفيس”.
الجدل توسع حول مشروعية الابتهاج بمقتل البغدادي. أنصار “الهيئة” قالوا: “نفرح لمقتل البغدادي، وفي الوقت نفسه لا نفرح بظهور الكفار عليه لانه مسلم خارجي فكنا نرجو أن يكون قتله على يد أهل السنة، فيجتمع الفرح والحزن في قلب المؤمن كما يجتمع الحب والبغض”. أنصار “القاعدة”، قالوا إن “قتيل الخوارج إن مات في سبيل الله وفي المعركة في جهاد شرعي ضد الكفرة والصليبيين والزنادقة، فيقال له شهيد، وتُعمل به أحكام الشهداء من دفنه بلا غسل وبلا صلاة”.