جسر: متابعات:
يهدف قانون قيصر الذي دخل يوم أمس حيز التنفيذ إلى حرمان رأس نظام اﻷسد من استثمار النصر العسكري الذي حققه على الأرض بدعم من روسيا وإيران في تكريس سلطته وتعزيز فرص بقائه في الحكم إلى أجل غير مسمى. إضافة إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي يعانيها النظام أصلا ومحاصرة ومعاقبة حلفائه من أجل إجباره على القبول بالحل السياسي على أساس قرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار رقم 2254.
وتطال العقوبات كل الجهات الدولية والإقليمية التي تتعاون مع نظام الأسد، مما يؤدي إلى حرمانه من فرصة تجاوز هذه العقوبات أو الالتفاف عليها، حيث ستطال العقوبات تلقائيا أي نشاط اقتصادي ﻷي من الأطراف والجهات الإقليمية والدولية في حال فكرت بالاستثمار في سوريا أو التعامل مع إيران.
وتستهدف العقوبات بشكل خاص الكيانات التي تعمل لصالح الأسد في أربعة قطاعات وهي: النفط والغاز الطبيعي، والطائرات، والبناء، والهندسة، ويشمل ذلك الدعم المباشر وغير المباشر للنظام، مثل دعم الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا العاملة في سوريا.
ويطالب القانون الإدارة الأمريكية بتحديد ما إذا كان البنك المركزي السوري هو كيان من النوع الذي يشكل “مصدر قلق رئيسي بشأن غسيل الأموال”؛ ما يوسع دائرة العقوبات لتشمل البنك المركزي نفسه، وهذا ستكون له عواقب كبيرة ليس فقط على الوضع المالي الداخلي، ولكن أيضا على تعاملات سوريا الخارجية، ما يفاقم من أزمة النظام الداخلية ويؤدي إلى تزايد فرصة اندلاع المزيد من اﻻاحتجاجات الشعبية.
وتساءل تقرير نشره مركز اﻹمارات للدراسات والبحوث اﻻستراتيجية اليوم، عن مدى إمكانية تحقيق القانون لأهدافه؛ بالنظر إلى قوانين وعقوبات أمريكية شديدة طبقت على دول أخرى، كما هي الحال بالنسبة لإيران ولم تحقق أهدافها الرئيسية حتى بعد مرور سنوات على تطبيقها؟ فما الذي يضمن تحقيق هذا القانون لأهدافه؟
وللإجابة على ذلك أشار التقرير إلى أن المقارنة بشكل عام قد تساعد على مقاربة أو فهم أفضل؛ مستدركا أن هذا القانون يبدو مختلف ليس فقط من حيث التأثير الاقتصادي الذي سيتركه على النظام، ولكن أيضاً من جهة تبعاته الاجتماعية الداخلية، بالإضافة إلى تأثيراته على الدول الداعمة لنظام بشار الأسد أو الجهات التي تتعامل معه.
وأضاف التقرير أن تأثير القانون على الاقتصاد السوري ظهر حتى قبل بدء تطبيقه؛ حيث تراجعت الليرة السورية بشكل حاد منذ تبني القانون ووصلت إلى مستويات قياسية تاريخية وتجاوزت الـ 3200 مقابل الدولار؛ وهو ما انعكس بشكل كبير على كل فئات الشعب السوري الذي يعاني أصلا ظروفا اقتصادية صعبة جدا بسبب الحرب المستمرة منذ عشر سنوات؛ وعمّق من أزمة السوريين الذين تعيش غالبيتهم العظمى تحت خط الفقر.
كما سيؤثر القانون بلا شك على الدول الداعمة للأسد، خاصة روسيا وإيران؛ والدول المجاورة، وخاصة لبنان التي ترتبط بعلاقات اقتصادية قوية مع سوريا، حيث تقدر قيمة الودائع السورية في المصارف اللبنانية بـ 50 مليار دولار أمريكي من إجمالي 170 مليار دولار من قيمة الودائع في المصارف اللبنانية؛ كما تعتبر المصارف اللبنانية وجهة مفضلة لرجال الأعمال والشركات السورية، ومن ثم قد تتراجع هذه الودائع؛ وهناك بالفعل من يربط تدهور الليرة اللبنانية مؤخرا بتحويل مبالغ ضخمة من لبنان إلى سوريا، بحسب التقرير.
وفيما يتعلق بالتساؤل الخاص بمدى قدرة هذا القانون على إخضاع الأسد أو إجباره على التنحي، ختم التقرير بأن الحديث عن ذلك يبدو سابقا لأوانه، ويعتمد على مدى الالتزام بالعقوبات التي يفرضها القانون، وكذلك على استمرار الدعم الروسي والإيراني المتوقع؛ حيث يمكن للنظام في ظل دعم هاتين الدولتين التكيف مع العقوبات وكذلك التحايل عليها.