جسر: رأي:
في انتظار انقضاء مهلة الـ120 ساعة التي منحتها تركيا لقوات سوريا الديمقراطية قبل استئناف عملية “نبع السلام”، يلتقي الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في “سوتشي” اليوم الثلاثاء 22 تشرين اﻷول/أكتوبر.
وقال إردوغان أمس اﻻثنين، في تصريحات جدد فيها رفض بلاده التفاوض مع “إرهابيين” في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية، إنه سيبحث مع بوتين الثلاثاء مستجدات الأوضاع في سوريا، و”بعد ذلك سنُقدم على الخطوات اللازمة”. وكان الرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب، قد حث نظيره التركي على التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية بغية إقناعها بالانسحاب إلى ما وراء الطريق الدولي M4 “حلب-أربيل”.
ويأتي لقاء الرئيسين التركي والروسي بعد قرار نظيرهما اﻷمريكي بإبقاء قوة قوامها 200 جندي أمريكي في سوريا، قالت مصادر في اﻹدارة اﻷمريكية إنها ستنتشر على الحدود مع العراق؛ للاستمرار في مكافحة داعش، ومنع أي تقدم للنظام وحلفائه، إضافة إلى مساعدة اﻷكراد في حماية آبار النفط شمال شرق البلاد، والتي تبدو في مركز اهتمام جميع اﻷطراف.
فمع وصول الرئيس التركي إلى سوتشي قالت وزارة الخارجية الروسية “إنه من الضروري أن يوضح اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، الطرف الذي سيشرف على مناطق إنتاج النفط في شمال سوريا”، فيما قال بوتين لدى استقباله نظيره التركي: “ندرك بوجود متغيرات كثيرة في أوضاع المنطقة، ونؤمن بأن هذه اللقاءات ستكون مثمرة للغاية”.
من جانبه أعرب الرئيس التركي عن أمله في أن يوفر اللقاء فرصة لبحث عملية السلام في سوريا، في وقت يبحث فيه مستشارون عسكريون روس، وصلوا إلى مطار القامشلي أمس، مع قياديين في قوات سوريا الديمقراطية مشروع تفاهم بين “قسد” والنظام يهدف إلى نشر دوريات مشتركة بين الطرفين على طول مناطق التماس مع قوات “نبع السلام” من الدرباسية إلى المالكية مروراً بالقامشلي تحت رعاية وإشراف روسيين.
مصادر محلية أشارت إلى أن مفاوضات اﻷمس انتهت دون التوصل لاتفاق على أن تستأنف اليوم، فيما وجه النظام تعزيزات جديدة من قواته في “الفوج الخامس-هجانة” المتمركز وسط مدينة الحسكة إلى محيط بلدة تل تمر التي دخلتها قواته بعد اﻻتفاق مع “قسد”، المصادر أشارت إلى أن القوات تمركزت في قرية الكوزلية، الواقعة على الطريق الدولي M4 “حلب-الحسكة”، 12 كم غرب تل تمر.
وانتشرت صباح اليوم صور لبشار اﻷسد، قالت صفحات ومواقع موالية أنها في الهبيط، على نقاط التماس بين فصائل المعارضة وقوات النظام، في ريف إدلب الجنوبي، ونقلت الصفحات عن اﻷسد تصريحات قالها في حشد من قواته هاجم فيها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووصفه باللص.
وبعد توارد أنباء ليل أمس عن سعي روسي لضمه إلى لقاء الرئيسين في سوتشي، فيما يبدو محاولة روسية للاستثمار في الليونة التي أبداها الرئيس التركي حيال عودة قوات النظام إلى منبج، صعد اﻷسد اليوم من لهجته تجاه تركيا وعملية “نبع السلام”، فقال إن “إدلب كانت بالنسبة لهم مخفرا متقدما، والمخفر المتقدم يكون في الخط الأمامي عادة، لكن في هذه الحالة المعركة في الشرق والمخفر المتقدم في الغرب لتشتيت قوات الجيش العربي السوري”، في إشارة إلى أن زيارته هذه تأتي في سياق “التصدي للعدوان التركي”.
يلتقي الرئيسان التركي والروسي في ظرف شديد التعقيد تمر به المنطقة بعد انطلاق العملية التركية والانسحاب اﻷمريكي، وإضافة للانتقادات التي وجهها حلفاء أوروبيون وأمريكيون لكلا الحدثين والرئيسن المسؤولين عنهما، ترامب وإردوغان، تواردت اﻷنباء أمس عن مطالبات أطلقها سياسيون ألمانيون ينتمون لحزب المستشارة أنجيلا ميريكل بضرورة تدخل اﻷوروبيين عسكرياً شمال شرق سوريا قبل أن يتحولوا إلى ألعوبة.
المتغيرات، كما قال الرئيس الروسي، كثيرة؛ لكن التعامل معها لن يكفيه لقاء بنظيره التركي، خصوصاً أن كثيراً من هذه المتغيرات يرتبط بأوراق يديرها لاعبون أهم وأكثر تأثيراً في المنطقة وعلى رأسهم اﻷمريكيون، الذين وضعوا حماية النفط بالتعاون مع “قسد”، المستمرة بمفاوضة النظام في القامشلي على دوريات مشتركة، على رأس قائمة أوليات القوة التي سيحتفظون بها شمال شرق سوريا، فأي ثمار سيقطف الرئيسان باجتماعهما؟ وهل سينجحان بانتزاع نفط سوريا من اﻷمريكيين؟ ولمن سيسلمانه حال نجاحهما؟