جسر:مقالات:
مرّ خبر منح شركة “وومكو أسوشيتس دوو” الصربية، عقد استخراج وتصدير الفوسفات السوري، الذي أقره “برلمان الأسد” قبل أيام، من دون أن يأخذ حقه على مستويين.
الأول، استمرار بيع نظام الأسد ثروات وحقوق سورية، ليجني ولو مالاً بخساً، يستر عبره عورة الإفلاس، بعد العجز، حتى عن استيراد الطحين والمشتقات النفطية، إذ ما تشهده سورية من عدوى الطوابير، مصدر قلق، وإن صحت مقولة إن بشار الأسد وزوجته، يتابعون إذلال عالسوريين بالضحك والنكات.
وأما الأمر الآخر، فهو تهافت الدول والشركات للتعاقد مع بشار الأسد، رغم خطورة ديمومة وسلامة الاستثمار بواقع استحالة إعادة إنتاج “السيد الرئيس”.
وأيضاً، رغم ما تحمله تلك الاستثمارات من مجازفة جراء العقوبات والحصار، حتى لمن يتعامل مع الأسد، وما قانون قيصر سوى مثال.
لذا السؤال هنا، ماهي الأسرار في جذب الأسد شركات عالمية كبرى ودولاً، ليست بوارد الاصطدام مع واشنطن أو منافسة موسكو، والقصة على ما يبدو، أبعد من مطرح استثماري مضمون الربح وذي دورة رأسمال سريعة.
قصارى القول: ربما، أو قلما ركز أحد على احتواء الفوسفات السوري على عناصر مشعة كاليورانيوم ووالثوريوم والموليبيديوم، ومجالات استخداماتها غير الصناعية الحميدة، أي دورها بصناعة غازات الأعصاب وأسلحة التدمير الشامل، هذا إن لم نسلط الضوء على الاحتياطي الهائل بسورية، والذي يصنف ضمن الأكثر احتواء للمواد المشعة.
فسورية ومن ثرواتها التي لم تستثمر خلال حكم الأسدين، كان الفوسفات، فهي حتى اليوم، وبعد الاستخراج لعقود، لم تزل تملك ثلاثة مليارات طن، أي تحتل المرتبة الرابعة عالمياً، فضلاً عن أن الفوسفات السوري لا يبتعد عن سطح الأرض، أكثر من 10 أمتار بأهم مواقعه “خنيفيس والشرقية والرخيم” هذا إن لم نأت على المواقع الأخرى، إن بهضبة الحماد “الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري” أو ما تم اكتشافه أخيرة بالمنطقة الساحلية “حمام القراحلة وعين التينة وليون”.
لذا، أمام هذا الاحتياطي الهائل والمواصفات وقلة تكاليف الاستخراج، وجدنا روسيا تستميت عام 2018 وتتعامل مع الفوسفات “نكون أو لا نكون” وتطرد إيران بعد اتفاقها مع الأسد عام 2016، على تأسيس شركة مشتركة للاستخراج والغسيل والتصدير.
ما يستدعي هنا السؤال، كيف سكتت روسيا عن الشركة الصربية، بمعنى هل لأن صخور الفوسفات بمواقع عقد الصرب، عميقة لنحو ستين متراً وتكاليف الاستخراج مرتفعة ولا مصلحة لموسكو باستثمارات مشكوك بجدواها، أم ترى الشركة الصربية برمتها، ليست إلا مساهم صغير بشركة “ستروري ترانس غاز” التي استحوذت على فوسفات مناجم “الشرقية” ولخمسين عاماً لاستخراج 2.2 مليون طن سنوياً.
نهاية القول: يقول التاريخ السوري القريب، إن حافظ الأسد، وعندما زاره نائب رئيس الوزراء الروسي، أوليغ سوسلوفيتش، عام 1994 لإبرام صفقة الفوسفات والمواد المشعة وما يمكن أن يتلوها من “أحلام نووية” باع الروس بموقف “إنساني وشائي” وتواصل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمويل المشروع، ليحصل على نقطة أمريكية وقتذاك.
ولكن، وعلى ما يبدو، لم ينس الروس تلك الصفعة من الأب، فاستغلوا ضعف الابن وعادوا ليضعوا اليد على ثروة هائلة تشع يورانيوم، ولم يستثمر منها أكثر من 0.17% من الاحتياطي المدمر الكبير.
المصدر:زمان الوصل