جسر: دولي:
في مقالة ومقابلة لمجلة فورين بوليسي …
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إنه “بينما تحاول طالبان إحكام سيطرتها على أفغانستان، يبدو أن التاريخ سيعيد نفسه، حيث لا يزال وادي بانجشير، شمال شرق كابول، غير خاضع لسيطرة المتطرفين، على الرغم من أنهم حاصروه إلى حد كبير، وانقطعت الاتصالات، واستمر القتال العنيف في ضواحيه.
وفي الوادي، الذي يقع في التلال المرتفعة لجبال هندو كوش، ارتدى أحمد مسعود حذاء والده الشهير – وقبعة باكول الصوفية الشهيرة – لإثبات نفسه كزعيم لحركة مقاومة ناشئة ضد طالبان.
وحسب المجلة فإن والد “مسعود” المدعو “أحمد شاه مسعود”، أحد قادة التحالف الشمالي، أكد أن وادي بنجشير لم يتم الاستيلاء عليه من قبل طالبان خلال حكمهم 1996-2001 ، لكنه قُتل على يد القاعدة قبل يومين من 11 سبتمبر، إلا أن ابنه يريد إبقاء جمر المقاومة على قيد الحياة في الوادي الأسطوري.
وأعلن مسعود أن الوادي ملاذ آمن من حكام البلاد العنيفين الجدد، وقال إنه يفعل ذلك بناءً على طلب شعبه، الطاجيك المستقلين بشدة الذين أبقوا الوادي مغلقاً بشكل فعال أمام معظم الغرباء منذ أن تفاوضت إدارة الرئيس دونالد ترامب على صفقة مع طالبان في عام 2020 منحتهم الشرعية، وقوضت الحكومة الأفغانية والجيش، وساهمت في انتصار المتمردين في 15 أغسطس.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن متمردي بنجشير، الذين يطلقون على أنفسهم جبهة المقاومة الوطنية، لديهم عدة آلاف من المقاتلين، بالإضافة إلى معدات عسكرية لدعم معركتهم من أجل الحكم الذاتي، حيث وصلت المفاوضات مع طالبان لإدراجها في حكومة مستقبلية إلى طريق مسدود، مع عدم استعداد أي من الجانبين لتقديم تنازلات.
ويؤكد مسعود أنه لم يحصل على أي دعم خارجي، إلا أن السناتور ليندسي الأمريكي جراهام والنائب مايك والتز، وكلاهما جمهوريان، طالبا الولايات المتحدة بالاعتراف بمسعود ونائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح كحكومة شرعية لأفغانستان.
و”صالح” هو بنجشيري عمل مع مقاومة أحمد شاه مسعود، ومنذ عودته إلى الوادي في 15 أغسطس أعلن نفسه الرئيس الشرعي للبلاد.
ونقلت “فورين بوليسي” عن مسعود أنه لا يريد حربًا أهلية، بل يريد حكومة كاملة، تمثل العدالة، والمساواة لجميع الجماعات العرقية والدينية في أفغانستان، وتضع حداً للتدخل الخارجي.
وأضاف مسعود في إجابة عن سؤال للمجلة عن خططه بعد سيطرة طالبان: “خطتي هي السعي لتحقيق السلام أولاً وإيجاد طريقة لتجنب الحرب والصراع، مضيفاً “لقد كان نضالنا طوال الخمسين عاماً الماضية من أجل السلام، والحرب كانت دائماً مفروضة علينا، ومع ذلك، فإن السلام لا يعني الاستسلام والسماح باستمرار الظلم وعدم المساواة في أفغانستان”.
وتابع: “إذا كانت طالبان مستعدة للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة حيث يتم توزيع السلطة بالتساوي وتكون لامركزية، عندها يمكننا التحرك نحو تسوية مقبولة للجميع، أي شيء أقل من هذا لن نقبله، وسنواصل نضالنا ومقاومتنا حتى نحقق العدل والمساواة والحرية”.
واستطرد: “لدي دعم شعبي. لن يسمح شعبنا للمعتدين بغزو مقاطعتهم والسماح لهم بإخضاعنا. لهذا السبب، طلب مني الناس بدء التعبئة قبل عامين، في 5 سبتمبر 2019، عندما عرفوا أن عملية السلام في الدوحة (صفقة توسطت فيها إدارة ترامب وكادت أوقفتها هجوم على قاعدة عسكرية أمريكية في كابول في 5 سبتمبر 2019 ، التي قتلت 12 شخصاً على الأقل، من بينهم جندي أمريكي) ستؤدي في النهاية إلى الوضع الحالي. بدون دعم شعبي، لم تكن المقاومة لتتشكل في هذا الوادي”.
وفي إجابة عن سؤال المجلة عن احتمالية غرق أفغانستان في حرب أهلية قال مسعود: “أنا لا أرى هذا على أنه حرب أهلية، هذه الحرب فرضت علينا من قبل مجموعة تعتمد على دول كثيرة وليست حركة وطنية مستقلة. إذا كانت طالبان على استعداد لتقاسم السلطة مع الجميع وكانت على استعداد لإقامة العدل ومنح حقوق وحريات متساوية لكل أفغانستان، فسأستقيل وأترك السياسة”.
وأردف أن “للصراع في أفغانستان أبعاد إقليمية وعالمية. تستخدم دول المنطقة أفغانستان في منافساتها مع بعضها البعض، وكانت على استعداد لتمويل الوكلاء للقتال ضد بعضهم البعض في أفغانستان نيابة عنهم”، مشيراً إلى أن “الجانب العالمي لهذه الحرب هو عودة ظهور الإرهاب الدولي. إن الكفاح ضد الإرهاب الدولي يجعل هذا الكفاح عالمي، ولهذا نؤكد على حاجة المجتمع الدولي للبقاء منخرطاً في أفغانستان”.
وأكمل متحدثاً عن رؤيته للوضع المستقبلي في أفغانستان: “حدثت عمليات إعادة التنظيم في السنوات القليلة الماضية. دفعت حكومة [الرئيس الأفغاني المخلوع أشرف غني] العديد من دول المنطقة إلى جانب طالبان. من خطابها القومي العرقي إلى سياساتها المائية، استفزت جيراننا وأثارت عداءهم، واقتربوا أكثر من طالبان”.
وأشار مسعود إلى أن “السبب الآخر الذي جعلهم يقتربون من طالبان هو وجود الولايات المتحدة وأنهم كانوا قادرين على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من خلال دعم التمرد. تنظر الصين إلى طالبان على أنها عامل استقرار وأفغانستان كدولة يمكن أن تكون بمثابة جسر بري لربطها بإيران بسهولة. تعتقد الصين أن بإمكانها ممارسة نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتحدي الولايات المتحدة إذا كانت مرتبطة بإيران عبر أفغانستان. لهذا السبب ، فهم على استعداد للاعتراف بحركة طالبان ودعمها”.
وبين مسعود أنه لايتلقى أي مساعدة من أي دولة أجنبية، معرباً عن أمله في يكون أفغانستان “بلد يتم فيه توزيع السلطة والموارد بالتساوي، ويتمتع المواطنون بجميع حقوقهم وحرياتهم، ويتم إقامة العدالة الاجتماعية، وإحياء الإسلام العقلاني، وتعزيز التعددية السياسية والثقافية، والحفاظ على الديمقراطية”.
وختم مقابلته مع المجلة بالقول: “أعتقد أنه لا يزال هناك أمل في أن يتحقق كل هذا في المستقبل وأن المقاومة ستكون قادرة على تحقيق حلم والدي في أفغانستان”.