أسسه الرائد جميل الصالح بعد انشقاقه عن قوات الأسد أوائل عام 2012، بداية باسم لواء “شهداء اللطامنة” نسبة إلى مدينة الصالح، وقد ولد الرائد جميل بمدينة اللطامنة (شمال غرب حماه) عام 1975، وشارك مع لوائه بعدّة عمليات نوعية ضد قوات الأسد في العام نفسه كـ “اقتحام حاجز قرية لطمين وتحرير قرية حصرايا في 18 كانون الأول”، و”تحرير مدينة كرناز في 31 كانون الثاني عام 2013″، الأمر الذي أدى إلى دخول أعداد جديدة من المقاتلين في صفوف اللواء، أغلبهم من الريف الشمالي لحماه كـ “مورك وكفرزيتا وخطاب وكرناز”، ليكتسب اللواء اسماً جديداً عرف بـ “تجمع كتائب وألوية العزة” وضم وقتها قرابة (1000 مقاتل) بينهم عدد من الضباط المنشقين.
(الرائد جميل الصالح قائد جيش العزة)
في كانون الأول عام 2015 أعلن عن تأسيس جيش العزة، من التشكيلات السابقة إضافة لأعداد جديدة من المنتسبين، وتكوّن من عدة فرق عسكرية أهمها فرقة المهام الخاصة وفرقة المشاة وفوج المدفعية، وبلغت أعداد المنضوين فيه قرابة 3500 مقاتلاً، واتخذ من مدينة اللطامنة وريف حماه لشمالي مركزاً لنفوذه ليتوسع باتجاه مناطق واسعة من سهل الغاب وريف اللاذقية، إضافة إلى حلب وإدلب.
ولجيش العزة، منذ تأسيسه، هيكلية إدارية انقسمت إلى عدة أقسام رئيسية: منظومة القيادة العسكرية والمعلومات، مجلس الشورى، مكتب العلاقات العامة في الداخل والخارج، وألوية وكتائب المشاة، والقوات الخاصة، والتأمين الإداري والطبي والفني، والتأمين الالكتروني والاتصالات والاستطلاع، والقوة الأمنية والإعلاميين، بالإضافة لبعض التشكيلات الاخرى.
خاض العديد من المعارك في المنطقة ضد قوات الأسد وقدّم الكثير من الشهداء والقياديين، منهم “أبو علي رحمون” من مدينة حلفايا الذي استشهد على أطراف بلدة معردس بريف حماة في 17 تشرين الأول من عام 2016، وهو ثالث أشقائه الذين استشهدوا على يد قوات الأسد وينحدر من بلدة حلفايا عمل قائدًا عسكريًا في ألوية أبو العلمين قبل أن ينضوي في جيش العزة. “ابراهيم عواد” قائد لواء شهداء شيزر وهو من قرية شيزر بريف حماه، والذي استشهد في آذار عام 2017 أثناء تحرير قلعة قريته.
“نصر عزكور” من قرية حصرايا بريف حماه استشهد في 7 من نيسان عام 2018 بانفجار عبوة ناسفة في سيارته على طريق مدينة خان شيخون جنوبي إدلب. والقيادي “صدام الشيخ” صاحب لقب الشهيد الحي الذي تم نعيه بتاريخ 22أيار 2019 ضمن ثلة من شهداء في معركة تل هواش شمال حماة بعد انفجار لغم بسيارتهم خلال توجههم إلى المعركة، وتم العثور على عشرة جثث متفحمة ومحروقة بالكامل تم دفنها في ذات المكان، وظن المتواجدين هناك أن صدام ورفيقه قد أصبحوا اشلاء من قوة الانفجار، ليعود الشيخ إلى المناطق المحررة بعد ثلاثة أيام زحفاً وعليه آثار حروق وجروح.
وكان أخر القادة العسكريين الذين استشهدوا من جيش العزة “عبد الباسط الساروت من مواليد حمص عام 1992” وهوَ الحارس السابق لنادي الكرامَة ومنتخب سوريا للشباب، ويُعتبر أحد أبرز قادة المظاهرات في مدينة حمص انضم لجيش العزة أواخر عام 2017 مع مئات المقاتلين المهجّرين من حمص، وأُصيب 6 حزيران 2019 أثناء مشاركته في الاشتباكات الدائرة شمال غرب حماة ليلقى حتفه في المشافي التركية في 8 حزيران 2019.
يعد جيش العزة أحد أقوى الفصائل العسكرية في الشمال السوري المحرر، وتميّز بإقامة معسكرات تدريبية على حمل السلاح والتكتيك العسكري لأي شاب يرغب بالانضمام في صفوفه، والتي طورها في الأشهر القليلة الماضية لتشمل دورات قوات خاصة يتدرب فيها على كافة الأسلحة من المسدس إلى الدبابة ودورات تأهيلية لتعليمهم تكتيك القتال ورفع اللياقة البدنية والتأهيل الشرعي.
يقول العقيد الطيار مصطفى البكور القيادي في جيش العزة “إن إقبالاً كبيراً تشهده تلك المعسكرات لما فيها من فائدة للمقاتلين أثناء لقاء العدو، إذ يخضع المنتسب لدورة التأهيل ومدتها من شهر وحتى شهرين ونصف الشهر، أما دورات القوات الخاصة فتكون مدتها خمسة أشهر ومهمتهم العمل داخل خطوط العدو الخلفية وتنفيذ المهام الخاصة”.
توقف الدعم عن جيش العزة في آب من عام 2017 من قبل غرفة “الموم” وهي (مركز ارتباط عسكري تديره الولايات المتحدة تأسست مطلع عام 2014 وتضم دولاً عدة تدعم الجيش السوري الحر في شمال سورية)، وهو ما أدى إلى توقف رواتب المقاتلين، يقول البكور الذي أضاف أنه وبالرغم من توقف الدعم فإن أعداداً كبيرة من الراغبين تطلب الانتساب إلى صفوف جيش العزة الذي لا يمتلك القدرة على استيعاب جميع المطالبين بالانتساب.
وكانت غرفة الموم قد اشترطت على جيش العزة التوقف عن مهاجمة قوات النظام في ريف حماة الشمالي مقابل عودة الدعم، إلا أن الأخير رفض وأعلن استمراره في مسيرته على الرغم من قطع الدعم عنه، ويعتمد جيش العزة في تذخير عناصره ومعاركه على الغنائم من قوات الأسد عبر العمليات الخاصة التي يقوم بها.
انسحب جيش العزة من الاجتماع الأول الذي عقد في العاصمة الكازاخستانية “أستانة” في 23 يناير 2017 بسبب استهداف مقراته في ريف حماة الشمالي من قبل المقاتلات الروسية خلال الاجتماع، واصفاً المؤتمر بـ “الجنين الذي وُلِدَ متوفياً وأنه التفاف على اتفاق جنيف”، وأن العنوانين الرئيسيين لمؤتمر أستانة (المعتقلين وخفض التصعيد) لم يطبق أيَّ منهما، كما رفض بنود اتفاق المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، بسبب فرض إنشاء المنطقة العازلة ضمن مناطق المعارضة فقط دون سحب السلاح من طرف النظام، يقول النقيب مصطفى معراتي ممثل جيش العزة في الاجتماع.
بحسب البكور، لا يمتلك جيش العزة مشروعاً سياسياً ولا يطمح أن يكون بديلاً عن أحد، وإنما هو فصيل مقاتل يسعى لرفع الظلم عن السوريين وتحرير الأرض السورية من الاحتلال الروسي، وهو ما دفعه للابتعاد عن الخلافات الفصائلية التي “نخرت جسد الثورة السورية” موجهاً سلاحه نحو النظام فقط.
وكان جيش العزة أول فصيل استهدفته المقاتلات الروسية لدى تدخلها في سوريا، في 30 أيلول 2015، وبالرغم من تكرار الاستهداف لمواقعه إلا أنه تابع مسيرته عبر شن عمليات نوعية كان آخرها عملية نوعية في قرية عين الكروم التابعة لناحية السقيلبية في الرابع من حزيران العام الحالي، والتي تقع في عمق مواقع النظام قتل على إثرها عدد من عناصر الأخير، بحسب فيديو بثه المكتب الإعلامي للعزة على المعرفات الرسمية.
يعرف جيش العزة بمهارة مقاتليه باستخدام الصواريخ الموجهة تاو، وكان له عدة استهدافات نوعية دمر خلالها أكثر من 450 هدفاً عسكرياً تابعاً لقوات الأسد كان أشهرها حوامة “Gazelle” الهجومية في الثاني من شهر أيلول عام 2016، وقتل على إثرها عناصر من روسيا في ذلك الوقت، ومن أهم رماته أبو عمر تاو الذي لديه ما يزيد عن 270 هدفاً من دبابات وعربات وتجمعات لقوات الأسد.
شارك جيش العزة في معارك عديدة منذ بدء العمل المسلح، كان أهمها معركة في سبيل الله نمضي التي تم الإعلان عنها بتاريخ 15 تشرين الأول 2016، على حواجز قوات النظام بريف حماة الشمالي الغربي. وساهم بتحرير مدينتي حلفايا وصوران وطيبة الإمام. و في 17 كانون الأول 2017 تم الإعلان عن المرحلة الثانية بالهجوم على قرى الزلاقيات ومنطقة زلين شمال مدينة حماة ومعارك شرق السكة أوائل عام 2018، وجبل التركمان وحلب وأريافها، ومعارك ريف حمص من خلال لواء العاصفات في تلبيسة الذي انضم للعزة في شهر تشرين الثاني من عام 2016، وآخر معاركه كانت معركة كسر العظم في ٦ يونيو لتأتي المرحلة الثانية ضمن غرفة عمليات مشتركة مع الفصائل العسكرية في الجبهة الوطنية تحت مسمى الفتح المبين التي تم الإعلان عنها في يوم الجمعة 7 حزيران 2019، والتي يشارك بها الآن مع باقي الفصائل على محاور الجبين وتل ملح شمال حماة، بعد انحسار تواجده في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي بغية الصمود والتماسك الكبير في بنية الجيش.
المصدر : فوكس حلب ١٨ حزيران/يونيو ٢٠١٩