من الخوف إلى الأمل.. كشك قهوة على أنقاض حاجز أمني بدير الزور

شارك

جسر – دير الزور (شام الحمود)

في قلب سوريا، حيث كانت الحواجز الأمنية قبل أسابيع قليلة، مصدر الخوف والقيود، نشأت قصة تحمل في طياتها معاني التغيير والأمل، فعند الجسر المعلق بمدينة دير الزور، الذي كان شاهداً على سنوات من التوتر والمعاناة، تحول أحد الحواجز الأمنية السابقة إلى كشك بسيط لبيع القهوة والشاي، غير شكل المكان الذي كان نقطة تفتيش تخيف المارة.

الشاب سليمان قدوري، الذي يدير هذا الكشك اليوم، لم يكن يوماً يتخيل أنه سيعود إلى هذا المكان بصفته صاحب مشروع، فقد كان هذا الموقع ذاته سبباً في اعتقاله عام 2023. حينها، كان سليمان في زيارة للجسر المعلق، المكان الأقرب إلى قلبه، عندما أوقفته قوات الأمن السياسي واعتقلته بتهمة الفرار من الشرطة وكونه مقاتلًا سابقاً في صفوف الجيش الحر.

لم يسمح له وضعه العائلي بمغادرة البلاد، حيث كانت والدة سليمان مريضة وأخوه الأصغر بحاجة إليه، وعندما ذهب شقيقه للسؤال عنه، اعتُقل هو الآخر.

تنقل سليمان بين السجون، من الأمن العسكري إلى صيدنايا، حتى أُطلق سراحه بعد سقوط النظام السابق. وعندها، قرر زيارة الجسر المعلق برفقة صديقه مهند العزاوي، في محاولة لاستعادة الذكريات، لكن زيارتهما تلك تحولت إلى بداية مشروع جديد.

وقرر الصديقان معاً إنشاء كشك صغير لبيع القهوة والشاي، ليس فقط كمصدر للرزق، بل أيضاً لإضفاء حياة جديدة على هذا المكان الذي كان يوماً ما يرمز للخوف والاعتقال.

يقول مهند العزاوي: “نريد أن نحول هذا المكان من رمز للقيود إلى مساحة تنبض بالحب والسلام.. نريد للناس أن يتوقفوا هنا للاستمتاع بالقهوة والشاي بدلًا من أن يكونوا مجبرين على التوقف خوفاً من التفتيش والاعتقال والترهيب”.

ورغم فرح سليمان بهذا المشروع، فإنه يواجه تحديات عديدة، أبرزها عدم استتباب الأمن بشكل كامل، حيث يضطر يومياً إلى نقل بضاعته إلى المنزل بعد إغلاق الكشك خشية السرقة أو المصادرة.

ويقول الشاب إنه لا يزال في انتظار الحصول على ترخيص رسمي، إذ لا يملك سوى ورقة موقعة من الهيئة تمنع مساءلته.

ويأمل سليمان أن تصدر قرارات جديدة لتنظيم هذه المشاريع الصغيرة، وطالب خلال حديثه لـ”جسر”، بوضع نقاط أمنية لحماية المنطقة، خصوصاً في المواقع المقطوعة مثل الجسر المعلق.

اليوم، في المكان الذي كان يوماً رمزاً للخوف في دير الزور، يستطيع الناس الجلوس بهدوء واحتساء الشاي على أنغام أغنيات ياس خضر، وكأن هذا الكشك الصغير يروي قصة تحول سوريا خلال الأسابيع الماضية، من القيود إلى الحرية، ومن الخوف إلى الأمل.

شارك