جسر – هبة الشوباش
في قلب العاصمة السورية دمشق، يشهد جسر الحرية – المعروف سابقاً باسم “جسر الرئيس حافظ الأسد” – مرحلة جديدة تجسد التحولات السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.
وكان الجسر سابقاً نقطة تجمع رئيسية ومعلماً يعكس نبض الحياة اليومية للسكان، ومع انطلاقة الثورة السورية وتغير الواقع السياسي، أطلق عليه البعض اسم “جسر الساروت” تكريماً للمنشد والثائر عبد الباسط الساروت، أحد أبرز رموز الحراك الشعبي، واليوم، أصبح يحمل اسمه الرسمي الجديد: “جسر الحرية”، في دلالة رمزية على التحولات الجارية وسعي الشعب نحو مستقبل جديد.
مشروع تجميلي شامل بروح شبابية
في خطوة نحو إعادة إحياء الجسر وتعزيز جماليته، انطلقت أعمال تجميل شاملة تهدف إلى تحسين مظهر الجسر والمنطقة المحيطة به. المشروع يشمل الطلاء، تحسين الإضاءة، وزراعة الأشجار حول الجسر، ليعود هذا المعلم الحيوي أكثر إشراقاً وتنظيماً.
شركة “أرابيسك للمقاولات” كانت في مقدمة المنفذين، حيث استخدمت تقنيات حديثة في التنظيف والترميم، بالإضافة إلى تحسينات في البنية الجمالية للجسر.
مدير المشروع، المهندس محمد خليل نصري، أشار إلى أن الخطة الأولية كانت تجميلية بحتة، ولكن بعد الكشف على البنية التحتية، تبيّن أن الجسر يعاني من تشققات في أعمدته تتطلب ترميماً وتأهيلاً شاملاً.
وأضاف نصري أن “المشروع سيتضمن أيضاً لمسات فنية مستوحاة من التراث السوري، ليكون الجسر مرآةً لهوية العاصمة وتاريخها”.
تحديات جمّة تواجه الفريق
رائد صقر، المدير التنفيذي للمشروع، تحدث عن التحديات التي تواجه سير العمل، مشيراً إلى صعوبات كبيرة في تأمين المعدات والموارد بسبب القيود اللوجستية، فضلاً عن تأثيرات الطقس المتقلب، الذي تسبب بتأخير بعض مراحل التنفيذ.
كما أن العمل في منطقة مزدحمة وعلى ارتفاعات عالية تطلب اتخاذ تدابير أمان إضافية.
ومن أكبر التحديات التي يواجهها الفريق، وفقاً لصقر، هو “التخريب السريع الذي يتعرض له الجسر بعد تنظيفه وتجميله، مما استدعى حملة توعية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة النظافة والحفاظ على المرافق العامة”.
تنظيم محكم وشراكات واسعة
نجاح المشروع لم يكن عشوائياً، بل ثمرة تخطيط محكم وخطوات مدروسة. فقد بدأ الفريق بتحديد الأهداف والاحتياجات، وأجرى لقاءات ميدانية واستبيانات لجمع آراء السكان وتشجيعهم على المشاركة، وتواصلت الجهات المنفذة مع البلديات ومحافظة دمشق ورجال الأعمال للحصول على الدعم اللوجستي والمالي.
وتم وضع جدول زمني واضح للتنفيذ وتحديد الموارد المطلوبة بدقة، كما تم تنظيم فريق من المتطوعين وتوزيع المهام بينهم لضمان التنسيق المثالي بين الجهود.
جهد محلي بروح وطنية
يندرج هذا المشروع ضمن جهود وطنية أوسع لتحسين البنية التحتية وتعزيز جمال المدينة، بالتعاون بين محافظة دمشق وجهاز الأمن العام، وهو امتداد لمبادرات سابقة شهدتها محافظات سورية أخرى، شملت إعادة تأهيل الحدائق العامة، تجميل الساحات، وتزيين الجدران برسومات مستوحاة من الثقافة المحلية، بهدف رفع الروح المعنوية للسكان وتعزيز الانتماء للمكان.
إن مشروع تجميل جسر الحرية لا يقتصر على إعادة إحياء معلم عمراني، بل يعكس طموحات السوريين في بناء بيئة حضرية أجمل وأكثر إنسانية، تنبض بروح الأمل والعمل المشترك.