في الشهور الأخيرة كَثُرت الجنازات الجماعية لقتلى “قسد”، سواء في الرقة أو في ديرالزور أو الحسكة، مع الاكتفاء بالقول إنهم: “فقدوا أرواحهم في الحرب على بقايا تنظيم داعش وتخليص المنطقة من الإرهاب”.
ومعظم هؤلاء القتلى من العرب، من أهالي ريفي ديرالزور والحسكة، ما يُرجّح وجود عملية استهداف ممنهجة لهؤلاء من قبل خلايا “داعش” التي لا تزال نشطة وتُصعّدُ عملياتها ضد المنخرطين في “قسد” أو المرتبطين بها بوظائف مدنية. آخر تلك العمليات كانت محاولة اغتيال رئيس لجنة العلاقات العامة في “مجلس الديرالزور المدني” نوري الحميش.
وغير الاحتفال الرسمي المتواضع لا شيء تقريباً يُشيرُ إلى هذه الحوادث اليومية. ويبدو أن ثمة سياسة تكتم تعتمدها “قسد” في ما يخص الضحايا الذين يسقطون أثناء عملهم معها، ربما لعدم تنفير الشبان الراغبين بالانتساب، ولعدم اظهار “قسد” في موقف العاجز عن الدفاع عن نفسه.
لكن، ما يحاول أن يخفيه إعلام “الإدارة الذاتية” تكشف عنه “مقابر الشهداء”، التي تركتها قسد خلفها ابتداء من القامشلي وعامودا مرورا بعين العرب “كوباني” وصولاً إلى منبج والرقة. وهي المناطق التي خاضت فيها معارك مع تنظيم “داعش” في السنوات الماضية. وأحدثها هي مقبرة حقل العمر، التي أقيمت بعد سيطرة “قسد” على الحقل النفطي الشهير 2018، واتخذت مكاناً لدفن قتلى “قسد” في ديرالزور، كبديل عن مقبرة بلدة الشدادي “مقبرة المشاتل” في ريف الحسكة الجنوبي.
مصدر عسكري مطلع في “قسد” قال لـ”المدن”، إن “مقبرة الشهداء” في حقل العمر باتت تضم 1400 قبر، غالبيتهم الساحقة من المكون العربي، فيما ينقل قتلى الأكراد إلى شمال الحسكة ليدفنوا في مقابر “الشهداء” في القامشلي وعامودا وغيرهما من البلدات الكردية.
المصدر أضاف أن المقبرة لا تضم رفات كافة القتلى. إذ تعرض “قسد” على ذوي القتلى دفنهم في “مقبرة الشهداء” مقابل منحهم صفة “شهيد”، وما يترتب عليها من منح واعانات ورواتب. ومع ذلك، تُفضّلُ كثير من الأسر دفن أبنائها في مقابر عائلية.