أعاد “الأمن العسكري” و”الأمن السياسي”، منذ منتصف تموز/يوليو، إشارات الحجز الموضوعة على أملاك مطلوبي أحداث العام 1982 في مدينة حماة، التي سبق ورُفعت مع انطلاق الثورة السورية 2011.
ولاحظ أهالي حماة مؤخراً توافداً لتجار العقارات إلى فرع “الأمن العسكري” حيث طُلب منهم ببيع البيوت المستملكة، كون مالكيها مصنفين “إرهابيين” و”مطلوبين” في سجلات الدولة.
“الأمن العسكري” وضع اشارة حجز على منزل محمود، المطلوب أمنياً منذ العام 1982، والممنوع من دخول سوريا. وأنذر “الأمن العسكري” قاطني المنزل بضرورة إخلائه على الفور. وكان البيت مصادراً من “الامن العسكري” منذ العام 1982، ورفعت إشارة الحجز عنه وأعيد لأصحابه في العام 2011.
أبو عمار، سجين سابق على خلفية أحداث العام 1982، قال لـ”المدن”، إن بيت أهله حُجزَ بسبب إخوته المقيمين في السعودية منذ العام 1982. ووضع “الأمن السياسي” اشارات حجز على املاك العائلة، ووضع اسماء الإخوة في قائمة المطلوبين. ومنذ ذلك الوقت والبيوت مستملكة من قبل “الأمن السياسي” الذي قام بتأجيرها. في العام 2013، استدعى “الأمن السياسي” أبو عمار، وأعطوه مفاتيح البيوت المستملكة، وأخبروه برفع الاشارات عن الاملاك، وطلبوا منه دعوة إخوته للعودة إلى المدينة.
وبعد مرور سنوات على إعادة المنازل للعائلة، وردهم بلاغ من “الأمن العسكري” في منتصف تموز/يوليو 2019، لإخلاء المنازل باعتبارها مباعة لأحد تجار العقارات. وعندما سأل أبو عمار عن سبب الإخلاء وبيع المنازل، كانت الإجابة بأن أصحاب المنازل “إرهابيون” خارج البلد.
أم غيث، أعطيت مهلة اسبوع لإفراغ بيت أخيها، والذي وصفه الأمن بأنه من “الإخوان” الذين دمروا حماة في العام 1982، وطال الحجز كافة أملاكه المنقولة وغير المنقولة. واضطرت أم غيث لمغادرة المنزل، ليسكن فيه حالياً عناصر من “الأمن”.
ولم تقتصر عمليات المصادرة على المنازل فقط، بل شملت جميع ممتلكات مطلوبي عام 1982. منذر، تحدّث لـ”المدن”، عن مصادرة مستودعات تعود لعائلته. وقال: “جاءني عنصر من قوات النظام الى منزلي، وأبلغني بضرورة مراجعة فرع الأمن السياسي في المدينة على طريق حلب. وعند المراجعة، استقبلني أحد الضابط بعبارة: ما عاد تبطلوا ارهاب، ما قلنالك من بداية الأزمة تخبروا اخواتك يبتعدوا عن الإرهاب والنيل من هيبة الدولة”. وبعد الشتيمة والضرب، أخبره الضابط منذراً، بأنهم سيقومون بالحجز على كافة املاك أخوته، مهدداً بسجنهم في حال عودتهم إلى سوريا، وأنه تم تعميم اسمائهم على كافة المطارات والحواجز.
وأضاف منذر: “طلبوا مني مفاتيح مزرعة ومستودعات لأخوتي، وقالوا بإن جميع الأملاك محجوزة وسيتم بيعها”، وشمل ذلك بيت العائلة بعدما عجز منذر عن الحصول على ورقة “حصر إرث”، بسبب اخوته الهاربين من سوريا منذ العام 1982، “رغم أنهم لم يفعلوا شيئاً حينها”.
وعن موضوع المصادرات والحجوزات بذريعة “الإرهاب”، قال عضو “هيئة القانونيين السوريين” المحامي عبدالناصر حوشان، لـ”المدن”، إن النظام يتبع في سبيل مصادرة أو حجز أملاك المعارضين، المنقولة وغير المنقولة، إحدى طريقتين؛ “قرارات الحجز خارج اطار القضاء، يخرج من مكتب الامن القومي بموجب لوائح تتضمن اسماء المراد حجز أموالهم، تقوم وزارة المالية بتنفيذه على أملاك الأشخاص”. والطريقة الثانية هي عبر القضاء؛ “بصدور فقرة ضمن الأحكام الخاصة بقضايا الإرهاب، تنص على منع المحكوم عليه من ممارسة حقوقه السياسية والمدنية لمدة معينة، والحجز على امواله المنقولة وغير المنقولة، ومصادرتها”.
وأضاف الحوشان، أن هناك طرقاً أخرى إدارية يتبعها النظام للاستيلاء على أملاك معارضيه ومصادرتها، كما في القانون رقم 10 للعام 2018، عن طريق مجالس المحافظات والمدن، وباقي الوحدات الادارية، وكذلك هناك قانون الاستملاك وقانون الاستيلاء.
كما أن الأجهزة الأمنية تستولي على الأملاك الخاصة من دون حاجة الى قرار قضائي أو إداري، وانما بأوامر أمنية صادرة عن رؤساء فروع الأجهزة الأمنية وضباط المخابرات.
المدن ٩ آب/ اغسطس ٢٠١٩