جسر: متابعات
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري في حوارٍ خاصٍ مع وكالة “نورث برس” إنّ ” قوات سوريا الديموقراطية كانت أوّل من استجاب لدعوة الولايات المتحدة لمقاتلة تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف الذي دمّر عدوانه سوريا ووصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان لقتالها كجماعةٍ محليةٍ للتنظيم دوراً فاعلاً في هزيمة الفكر المتطرف الذي أراد التنظيم بثّه، وعلى الرغم من هزيمته على الأرض.
وأكد جيفري إنّ الولايات المتحدة ترى المعركة مع التنظيم طويلةً وممتدةً ولذلك تعتزم إبقاء عددٍ من القوات لأجلٍ غير محددٍ لدعمٍ مستدامٍ لتجربة – قوات سوريا الديمقراطية – بشقيها العسكري والمدني كي لا يخلق الخروج الأمريكي أي قدرةٍ لدى التنظيمات المتطرفة على العودة لاستهداف السوريين واتخاذ سوريا كقاعدة انطلاقٍ لبثّ التطرف في العالم.
وأشار جيفري إلى أنّ قناعة الولايات المتحدة راسخةٌ بالحفاظ على التجربة الناجحة مع – قسد – في دحر الإرهاب حيث انتقل تنسيق الولايات المتحدة مع – قسد – من التعاون المحلي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تمكينٍ مستدامٍ لقوى الأمن المحلي من تدريبٍ ودعمٍ وتقديم المساعدة الفنية المدنية لضمان الاحتفاظ بالمكاسب التي حققها الطرفان.
وأكّد جيفري على أنّ المؤشرات التي ترصدها الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة تدفعهم إلى التمسك بالبقاء حيث يُظهر التنظيم المتطرف رغبةً وجهوداً حثيثة للعودة بتجربة بناء دولةٍ داخل دولة انطلاقاً من البدء بعملياتٍ خاطفةٍ ما يدفع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس الولايات المتحدة لمواصلة الضغط ومد جميع دول العالم المشاركة في التحالف بالموارد اللازمة وكل ما هو ضروري لضمان هزيمةٍ دائمةٍ للتنظيم الذي يشكّل خطراً على المنطقة والولايات المتحدة.
المنطقة الآمنة
وحول المنطقة الأمنة قال السفير جيفري؛ خلال حديثه مع “نورث برس” دخلنا منذ البداية لتحقيق “آلية أمنة” في المنطقة تضمن تحقيق هدفنا الأساسي في دحر تنظيم “الدولة الإسلامية” ورؤيتنا الثابتة هي أنّ دحر التنظيم المتطرف وحماية حلفائنا على الأرض في – قسد – لمواصلة مكافحة الإرهاب وعدم التخلي عن دعمهم، لكي لا نترك فراغاً ومنطقةً (رخوةً) يملأها التطرف، “وهو الهدف والسبيل الآمن الوحيد الذي نراه مع مراعاة مخاوف حلفائنا مثل تركيا”.
ولفت جيفري إلى أنّ الولايات المتحدة تتمسك بـ “أولوياتها بعدم ترك سوريا كملاذٍ آمنٍ لإيران وميليشياتها”، مؤكّداً على تمسك الولايات المتحدة بمنع الأسد وحلفاءه من تحقيق ما أرادوه من بسط سيطرتهم وتحكمهم بسوريا من خلال الحلّ العسكري الذي قال إنّه “فشل”.
الحوار…
في ضوء تصاعد التحذيرات من قبل قيادات (قسد) ومن مسؤولين أمريكيين حول استمرار وجود خطر يهدد المنطقة من تنظيم “الدولة الإسلامية” هل لازلتم تملكون نفس العزم لمحاربة التنظيم المتطرف أمام دعوات أخرى للانسحاب والانعزالية ؟
جيمس جيفري: نوضح مراراً وتكراراً أنه حتى بعد هزيمة “داعش” على الأرض ودحر التنظيم من المناطق التي احتلها، عودة “داعش” لا تزال خطراً يهدد سوريا والعراق وهذا أمر ندركه جيداً.
ويتابع: في هذه المرحلة تحديداً رغم عدم امتلاك تنظيم “الدولة الإسلامية” لأي منطقة نفوذ، إلا أننا ندرك وجود خطر لافت من عودة التنظيم، حيث تقوم خلاياه بخطوات عملية وتكتيكات هدفها الأساسي هو العودة لبناء دولة داخل دولة.
– كيف تواجهون هذا الخطر؟
يقول جيفري: لا يزال التحالف يدعم شركائنا على الأرض في سوريا والعراق وهناك عمليات يومية تجري لاقتلاع هذه الخلايا المتبقية ومواجهة العمليات التي تقوم بها الخلايا.
هناك عملية تطهير عميقة وواسعة النطاق ومنظمة تجري لمنع الهجمات المحتملة وتحقيق استقرار مستدام للسكان المحليين.
حتى الرئيس ترامب ووزير الخارجية بومبيو يوضحون بقوة أننا سنواصل الضغط وننفذ ما بدأناه وجعله مكسباً مستدام.
كما تعهد الرئيس ووزير الخارجية بمواصلة الضغط ومد المنطقة وجميع دول العالم المقاتلة لتنظيم “الدولة الإسلامية” بكل ما هو ضروري لضمان هزيمة دائمة لهذه المجموعة التي تشكل خطراً على وطننا (الولايات المتحدة) وعلى أمن شركائنا.
-من مؤشرات خطر بقاء القناعة صامدة عند بعض الجماعات بفكر “الدولة الإسلامية” ما نراه من مشاهد ينشرها الإعلام من مخيم “الهول” وهو يضم عشرات الآلاف من بقايا التنظيم.. كيف تتعاملون مع هذا الخطر؟
جيفري: يمثل مخيم الهول وغيره من مخيمات اللاجئين في شمال شرق سوريا مصدر قلق حقيقي لنا ندرك أنه تحدي أمني طويل الأمد إضافة إلى كونه مأساة إنسانية كبيرة تتطلب توافقاً دولياً وجهوداً عالمية مشتركة تتظافر لإيجاد حلول مستدامة وهذا أحد الأدلة على وجوب استمرار تماسك التحالف وتركيزه على الهدف الأساسي بدحر التطرف.
نقدم مساعدات إنسانية وتشاركنا سلطات الأمن المحلية من قوات سوريا الديمقراطية بمحاولة الإبقاء على الأمن مستتب في المخيم ولكن ليس لنا سلطة مباشرة على هذا المخيم.
شركاء الولايات المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى يقومون بجهود الاستجابة للمأساة الإنسانية إثر التدفق الكبير للاجئين خلال الشتاء الماضي. الظروف تصبح أفضل في المخيمات مع تحسن الوضع الإنساني وزيادة الخدمات. يوجد الآن ثلاث مستشفيات ميدانية وعيادات صحية ومرافق صرف صحي أفضل ومناطق لتأمين نوع من الأنشطة الترفيهية للأطفال.
المعضلة الأخرى في “الهول” هو أنه يضم الضحايا والمجرمين، المؤمنين بتنظيم “الدولة الإسلامية” ومعهم سجناء هذا التنظيم وضحاياه من الأطفال.
الخطة هي تشجيع إعادة دمج الأبرياء في المخيم مع مجتمعاتهم الأصلية لاحقاً في سوريا والعراق وغيرها من الدول ولكن الأمر يتطلب تعاوناً من المجتمع الدولي.
– كيف تشرح وصول ظاهرة “الدولة الإسلامية” وأفكارها إلى داخل المجتمعات الغربية والأمريكية لتقنع مواطنين غربيين بشن عمليات باسم التنظيم، وهل تعتقد أن قتال التطرف من قبل جماعة بغالبيتها مسلمة وشرق أوسطية هي -قوات سوريا الديمقراطية- ودحره تسهم في إضعاف قدرة التنظيم على تصدير هذه البروباغندا؟
جيفري: خلال السنوات الخمس الماضية، حققنا نجاحًا هائلاً ضد التنظيم المتطرف ليس فقط على الأرض ولكن هزمنا أفكاره بمساعدة الحلفاء المحليين -قسد- لارتباطهم بجذور المنطقة.
تقلصت قدرات “الدولة الإسلامية” بشكل عميق مع هزيمتها في أرض المعركة. وفي حرب الأفكار قامت الولايات المتحدة بالتعاون مع الحلفاء في سوريا وحكومات الدول الشريكة بشن حملات واسعة لهزيمة التنظيم فكرياً. كما نتعاون مع القطاع الخاص حيث نما بشكل كبير وجودنا على الانترنت لفضح الدعاية الكاذبة للتنظيم ودحض الإرهاب الفكري الذي يبثه عبر الانترنت. أنشأنا وسائل متطورة لمحاربة الفكر المتطرف في لندن والإمارات والمملكة العربية السعودية وماليزيا لتسخير إبداع وخبرات الفاعلين من السكان المحليين لتوليد محتوى إيجابي يتحدى الرؤية العدمية لـ”الدولة الإسلامية” وداعميها.
من ناحية القطاع الخاص، نعمل عن كثب مع شركات مثل “غوغل” و”فيسبوك” و”تلغرام” وغيرها لتوخي الحذر وإزالة فورية للمحتوى المتطرف العنيف من منصاتهم التي تنتهك شروط الخدمات المقدمة من هذه الشركات.
منذ أغسطس ٢٠١٥ قام تويتر بحذف أكثر من /١.٢/ مليون حساب مرتبط بالإرهابيين أو تابع لهم الأمر الذي يثبت إساءة استخدام المنصات في حين أن هذا يمثل تحدياً معقداً لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به عبر تضافر الجهود.
نريد خلق جو عالمي يصعّب قدرة “الدولة الإسلامية” على نشر الإيديولوجيا السامة في المجتمعات الرخوة والضعيفة.
– في ظل كل هذا الحديث عن جدية المخاطر التي تهدد المنطقة والعالم من تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف تقول تركيا إنها تريد أن تغير هيئة المنطقة لإقامة منطقة تسميها بـ”الآمنة” يتم اقتطاعها من سوريا، أين وصل هذا الحديث وما هي أولوياتكم؟
– هدفنا الأساسي الذي دخلنا لأجله وما نراه هو أننا نريد فقط تحقيق “آلية أمنة” لضمان دحر “الدولة الإسلامية” بشكل دائم. ونرى أن هذه الآلية الأمنة التي نعمل على إرسائها -مثلما شرحنا في السابق- تقود تلقائياً لأن يكون هناك أمان واستقرار في المنطقة.
ما نعمل عليه ونراه هو تحقيق رؤيتنا وهي رؤية رئيس الولايات المتحدة أيضاً بأن لا نخلق كولايات متحدة فراغاً أو مناطق رخوة ينسل من خلالها تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر انسحابنا أو سحب دعمنا وتأثيرنا، وهذه رؤية يتفق عليها ويريدها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (دونالد ترمب).
بهذا الشكل نكون أيضاً قد عالجنا المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا ولكن حمينا أيضاً حلفائنا على الأرض -قسد- في حربهم ضد “الدولة الإسلامية”.
– في ضوء توجه أمريكي سياسي عام نحو الانعزالية وسحب القوات، هل تعتقد أنكم زودتهم وستزودون قوات سوريا الديمقراطية بالأدوات والدعم والقوة والشعور بالثقة اللازمة لضمان أمان دائم للمنطقة في حال ابتعاد الولايات المتحدة من خلال سحب مستقبلي قد يحدث للجنود الأمريكيين؟
المبعوث الخاص: أولاً الرئيس ترامب قال وأكد أن قسماً صغيراً من قواتنا سيبقى في الشمال الشرقي لضمان عدم عودة دائمة لتنظيم “الدولة الإسلامية” ولدعم استقرار وأمان الشمال الشرقي من سوريا.
هناك مجموعة أمريكية ولو كانت صغيرة ستبقى لوقت طويل وغير محدود أبداً في الشمال الشرقي للتنسيق مع حلفائنا على الأرض.
السبب في هذا كله هو أن قوات سوريا الديمقراطية كانت أول من استجاب لدعوتنا كأمريكيين للتعاون والبحث عن شركاء يقاتلون الإرهاب ويهزموه وهو عدو مشترك لنا. نحن ممتنين لتضحيات قوات سوريا الديمقراطية وبسالتهم وتفانيهم وجديتهم لتطهير الشمال الشرقي من سوريا من تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف.
الآن تعاوننا مع “قسد” انتقل من التعاون من الهزيمة الإقليمية للتنظيم المتطرف إلى تمكين الأمن المحلي لمنع ظهور شبكات مستترة لـ”الدولة الإسلامية” كما نستمر في تقديم الدعم والتدريب والمساعدة الفنية المدنية وشن حملات مكافحة الإرهاب ودعم جهودهم لتحقيق الاستقرار.
– وأخيراً.. ماذا عن استراتيجيتكم تجاه روسيا، إيران والأسد، الذين قاتلوا وقتلوا الآلاف من السوريين لكنهم لم يتحركوا باتجاه أخطر البؤر التي شجعت التنظيم المتطرف على الانطلاق للعالمية وخاصة ما سمي بـ”عاصمة الخلافة” الرقة؟
جيمس جيفري: أهداف الولايات المتحدة الواضحة بالإضافة إلى هزيمة التطرف بشكل دائم، إحداث تقدم لا رجعة فيه بشأن تسوية سياسية تتفق مع قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤، وإزالة جميع القوات التي تدعمها إيران وترتبط بها.
الحل العسكري الذي تأمَّل النظام السوري تحقيقه بمساعدة روسيا وإيران لن يحقق السلام ولم يتحقق.
الحل الوحيد لإنهاء العنف الغير ضروري الذي يشنه هؤلاء، من المصاعب الاقتصادية للسوريين وعدم اليقين الذي لا يزال يعاني منه السوريين هو تحقيق حل سياسي يحقق السلام الإقليمي ويلتزم بوحدة سوريا بقيادة عادلة وفقاً لقرارات مجلس الأمن ولكن يجب أن تشمل تمثيلاً كاملاً وشاملاً وعادلاً لجميع السوريين لتحقيق سوريا أكثر سلاماً وأمناً.
المصدر: وكالة نورث برس ١٦/٩/٢٠١٩