تعيش الأحياء التي يقطنها السُنة، في بلدة حجيرة جنوب دمشق، حالة من الإهمال الحكومي، منذ السماح لهم بالعودة، في تموز من العام الجاري، بعد سنوات من التهجير الطائفي من قبل ميليشيات إيران.
وتعاني المنطقة من انعدام الخدمات الأساسية، كمياه الشرب والاستخدام اليومي، فضلاً عن تضرر كبير في شبكة الصرف الصحي، وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي لأيام متتالية.
وقالت مصادر أهلية لـ”صوت العاصمة” إن شبكة المياه التي تغذي الأحياء لا تزال خارج الخدمة حتى اليوم، ما يُضطر الأهالي لشراء مياه الشرب والاستخدام اليومي، عن طريق الصهاريج التي تدخل من المناطق المجاورة، بسعر يتجاوز ألف ليرة سورية للبرميل الواحد.
وأضافت المصادر، تنطبق المعاناة ذاتها على الصرف الصحي والكهرباء، نتيجة الإهمال المتعمد من المجلس البلدي، لصيانة تلك الأجزاء من حجيرة، رغم أن معظم العائدين إلى المنطقة جرى الموافقة عليهم أمنياً، وبعضهم يتبعون لميليشيات النظام وحزبه.
الإهمال فقط لأحياء السُنة، يُعلق أحد سكان حجيرة، الذين تمكنوا من الحصول على موافقة دخول للاستقرار في منزله المدمر جزئياً، مشيراً إلى أن آليات المجلس البلدي تعمل بشكل روتيني في المناطق التي يقطنها الشيعة، وأن الكهرباء لا تكاد أن تنقطع إلا وتأتي فرق الطوارئ لإجراء الصيانة.
ويُضيف: يتذرع المجلس البلدي، عند مناشدته لإزالة الأنقاض والقمامة في أحياءنا، بعدم وجود آليات للعمل، بينما تعمل الآليات يومياً ضمن أحياء الشيعة، تحت تهديد مباشر من قادة الميليشيات الشيعية، الذين احتلوا أجزاء من بلدة حجيرة، وأصبحوا يفرضون على المجلس البلدي عمله ضمن أحياءهم فقط.
توفير الخدمات الأساسية في الأجزاء الخاضعة لسيطرة الشيعة، من الأمور الرئيسية التي يعمل عليها قادة الميليشيات، لتوطين عوائل كفريا والفوعة، الذين خرجوا من أرضهم نحو دمشق بموجب اتفاق مع فصائل المعارضة شمال سوريا.
فضلاً عن توفير الخدمات لأحياء الشيعة، يعمل قادات الميليشيات وتجار العقارات المرتبطين بإيران، على جعل غياب الخدمات عن المنطقة كوسيلة ضغط، لإفراغها من جديد، وإجبار السكان على الرحيل، أو بيع منازلهم لهؤلاء التجار.
وتعمل المكاتب العقارية التي يديرها أشخاص مقربون من الميليشيات الشيعية، على شراء المنازل المعروضة للبيع مع تقديم تسهيلات للبائع من حيث معاملات نقل الملكية وما يترتب عليها من موافقات أمنية.
وأكدت مصادر الشبكة أن المكاتب العقارية المدعومة إيرانياً اشترت مؤخراً عدداً كبيراً من المنازل في شارع علي الوحش، معظمها غير مُسجل رسمياً لدى حكومة النظام، ضمن المناطق العشوائية المُهددة بالإزالة.
وبالرغم من شراء المخالفات والعشوائيات والمنازل المدمرة جزئياً، لم يجري تجار العقارات أو الشارين من الشيعة، أي عمليات ترميم في تلك العقارات، مع توسع مستمر في المنطقة، في نية لإعادة إعمارها وفقاً لمصادر الشبكة.
ولم تقتصر عمليات الشراء من قبل الشيعة على المنازل التي يتواجد أصحابها في المنطقة، بل قدموا تسهيلات للموجودين في شمال سوريا ولبنان وتركيا لإتمام عمليات نقل الملكية دون وجودهم مع تأمين المبالغ المطلوبة إلى مكان إقامتهم، على أن يحضر أحد أقارب البائع، وإرسال فيديو مصوّر لصاحب المنزل، يُقر فيه على بيع العقار مقابل مبلغ مادي مُتفق عليه.
وتركزت عمليات الشراء في البلدة على الأبنية والمنازل الواقعة على طول شارع الأكشاك والتي تعتبر مبانٍ مخالفة ولا يملك أصحابها أي أوراق رسمية تثبت ملكيتهم لتلك المنازل، بالإضافة لتحذير البلدية قبيل عام 2011 بسنوات أصحاب تلك المنازل بأن منازلهم معرضة للهدم حال صدور تنظيم بلدية حجيرة.
وشملت عمليات الشراء شوارع بأكملها في منطقة علي الوحش بالقرب من جامع فاطمة الذي يقع في آخر البلدة ويفصله عن بلدة يلدا ثكنة 666 العسكرية والبساتين المحيطة بها، ولم تشهد تلك الشوارع قبيل 2011 أي تواجد شيعي لكون أغلب سكانها من المكون السني، لتصبح اليوم موطناً لأهالي كفريا والفوعة والعراقيين والإيرانيين المقيمين جنوب دمشق.
وشهد محيط دمشق، بالقرب من مقام بالسيدة زينب، منذ خروج فصائل المعارضة وانتهاء العمليات العسكرية في أيار 2018، عمليات بيع كبيرة للعقارات من أصحابها الأصليين لصالح شخصيات محسوبة على الميليشيات الشيعية وإيران، وتركزت عمليات الشراء بشكل رئيسي في شارع علي الوحش، والقطاعات القريبة من بساتين يلدا، رغم تعرضها لدمار كبير نتيجة القصف الكثيف للنظام عليها خلال فترة سيطرة المعارضة المسلحة
وسيطرت الميليشيات الشيعية والإيرانية على بلدة حجيرة في تشرين الثاني 2013، عُقب انسحاب فصائل المعارضة المسلحة منها باتجاه بلدة يلدا إثر تقدم الميليشيات على كافة المحاور بعد أيام من المعارك الدامية.
المصدر-صوت العاصمة