جسر: متابعات
ألقت شرطة أبو ظبي القبض على المستثمر السوري مهند فايز المصري وأوقفته دون أي تصريح، لكن مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صوراً لتقارير صادرة مطلع الشهر الماضي عن مكتب الإنتربول التابع لإدارة الأمن الجنائي لنظام الأسد،الأمر الذي طرح تساؤلات من هو المصري؟.
المستثمر مهند المصري هو رئيس شركة “داماسكو” إحدى الشركات التي لعبت الدور الخفي في العاصمة الإماراتية لتبيض الأموال لصالح نظام الأسد ورُموزه، عمل مُتخفياً في دبي بإشراف شبكة اتصال تتبع لمجلس وزراء الداخلية العرب التابع لجامعة الدول العربية.
ورصدت شبكة “آرام”، من مصادر وصفتها بـ “الخاصة والمطَّلعة” حجم “التناقضات” التي لعب عليها “المصري” عبر شركته “داماسكو” التي أسسها في دمشق عام 2004 لتنافس البرجوازيين الكبار المرتبطين بنظام الأسد.
وبعدها نقل المقر الرئيسي لشركته إلى مدينة دبي عام 2011، وبقي فرع دمشق طريقاً لغسيل وتبييض أموال رموز النظام السوري بعد محاصرة رامي مخلوف ومحمد حمشو وغسان القلاع وغيرهم بالعقوبات الأمريكية والأوربية.
المصري في الإمارات حاول أن يبقى بلا لون، ليتمكن من الصعود مع حفاظه على الخط بينه وبين النظام عبر إبقاء مكتب شركته في دمشق، وعبر العلاقات المتشابكة مع شخصيات النظام وأزلامه في دبي.
حيث لعب دوراً مهماً في تبييض الأموال لصالح الأسد ومن حوله، كما تقرَّب من سفير النظام في الإمارات وكان يعمل على دعم العودة إلى حضن الوطن.
حاول أن يستغل فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي للعقوبات على (سامر فوز ورامي مخلوف وقاطرجي) لتقديم نفسه بديلاً، خاصة وأنه يخوض معركة المزاحمة مع سامر فوز وحاول كل منهما تشويه سمعة الآخر وقطع الطرقات عليه.
شركة “داماسكو” بقيت لسنوات واجهة للنظام للتحرُّك في السوق الإقليمية والعالمية، كما ساعد -حسب المصادر- في عمليات نقل الأموال فرع شركته في العاصمة العراقية بغداد والذي افتتحه عام 2008 ومكتبه وشركات مرتبطة به في العاصمة اللبنانية بيروت.
بقي المصري بعيداً عن العقوبات الدولية من خلال اللون الرمادي الذي لبسه، مع أنَّ علاقته برموز النظام وبسفير دمشق في أبو ظبي كانت معلنة، وانتشرت على وسائل التواصل احتفالات تكريم منتخب الأسد في سفارة النظام في الإمارات.
على الجانب الآخر، افتتح فرعاً لشركته في مدينة إسطنبول التركية صيف 2017، وكان هذا الفرع بوابته إلى الضفة الأخرى حيث المعارضة السورية ومناطق نفوذها.
وقد عملت “داماسكو” على شراء المعادن من تجار محافظة إدلب المرتبطين بـ “هيئة تحرير الشام” حالياً.
وكذلك استطاع عبر مكتبه في إسطنبول شراء الفستق الحلبي واليانسون والكمون والفريكة ومختلف المنتجات الزراعية الصادرة من الشمال السوري وتصديرها عبر دبي إلى مختلف الأسواق الأخرى.
كما يسود اعتقاد أنَّ لفرع الشركة في إسطنبول دور مختلف، حيث دعمت التوجهات التركية للمنطقة الآمنة وتنفيذ التجارة الخاصة مع منطقة إدلب والتعامل مع أطراف في إدلب بتوجيه من أنقرة.
كما استطاع عبر إسطنبول أن ينشط الأذرع الإعلامية والاختراقات الواسعة، لكن ذلك كله لم يشفع له عند نظام الأسد،
واستطاع سامر الفوز تقليب مزاج النظام عليه بعد أن قام المصري بنشر معلومات وحقائق تفضح سامر الفوز.
“المصري” رأى نفسه أخطبوط اللعب على التناقضات، فهو يكرِّم منتخب بشار الأسد في سفارة الأسد بمدينة أبو ظبي أمام صورة بشار وأعلامه، ويزور مخيمات اللاجئين السوريين جنوب تركيا.
كما يحظى بالحفاوة والأوسمة في دبي، ويُثني على المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا إلى إقامتها للاجئين السوريين، ويعقد شراكات مع أنقرة للاستثنار في إعمار مناطق عملية “نبع السلام”.
اختلفت المعلومات وراء أسباب اعتقاله، فهل اعتقل لعلاقاته بأعداء دمشق في إدلب بناءاً على تقارير يعتقد أنَّ سامر فوز وراءها؟، أم اُعتقل لأنَّه تجاوز الخلافات الخليجية البينية، والإماراتية التركية وحاول أن يلعب في المنتصف؟
مصدر متابع أفاد أن الإمارات تحقق مع التاجر حالياً في علاقاته التجارية وغير التجارية مع قطر وتركيا.
في حين كشفت مصادر صحفية يوم الثلاثاء 3 كانون الأول ديسمبر 2019 أنّ اعتقال السلطات الإماراتية لـ”المصري”، جاء “تلبيةً لطلب رسمي من نظام الأسد باعتقاله وتسليمه له، بتهمة تمويل الإرهاب، والقيام بتبييض الأموال لصالح الإرهابيين، بحسب “القدس العربي”.
يُشار إلى أنّ المصري، وفي منتصف العام الجاري، أعرب في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الأناضول عن ترحيبه الكبير بالمنطقة الآمنة، التي اعتبرها بوابة لتنفيذ مشاريع تنموية تحقّق للمواطنين اكتفاءهم الذاتي. وفي التصريح ذاته، أشار المصري إلى أنّ مجموعته دامسكو بدأت على الأرض بدعم مراكز التأهيل والتدريب في مخيمات اللاجئين، والمناطق القريبة من الحدود التركية السورية، على أنْ تتبلور الخطوات التالية بشكلٍ أكبرَ في شمال سوريا.