جسر: متابعات:
أحدثت الهجمات التي شنتها الفصائل المعارضة السورية السبت، على مواقع جديدة لقوات النظام والمليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني غرب حلب، وقعاً غير اعتيادي.
الهجوم الذي فاجأ الجميع بسرعة كسره الخطوط الدفاعية، شكل الإعلان عن وقفه والانسحاب من النقاط التي تم التقدم إليها مفاجأة أيضاً. وأكدت مصادر “المدن” تراجع الفصائل إلى مواقعها، وانسحابها من كل النقاط التي تقدمت إليها في محاور “جمعية الزهراء”.
وكانت الفصائل بمشاركة “العصائب الحمراء” التابعة ل”هيئة تحرير الشام” قد نجحت بعد تفجير ثلاث عربات مفخخة، في السيطرة على نقاط متقدمة في محاور جمعية الزهراء، منها مسجد الرسول الأعظم، ودوار المالية في حي جمعية الزهراء، ودار الأيتام، لتصبح بمواجهة مبنى فرع المخابرات الجوية.
التوقعات كانت متواضعة بشأن نتائج الهجوم، لكنها أربكت النظام وداعميه، حيث سجلت مناطق سيطرة النظام القريبة من خطوط الاشتباك حالة من الهلع، فيما أعلنت رئاسة جامعة حلب، تأجيل الامتحانات في الجامعة إلى موعد لاحق.
ولم تخف أوساط مطلعة مساهمة تركيا في هندسة هذه الهجمات بجانب هجمات شرق حلب، وذلك في إطار الضغط المتبادل بين أنقرة وموسكو، التي ردت بقصف مدينة الباب، للمرة الأولى منذ سيطرة المعارضة عليها في 2017، ما يعكس زيادة حدة الخلافات الروسية التركية، وزيادة في منسوب التسخين العسكري على الأرض، في الأيام القليلة القادمة.
“شبكة إباء” التابعة ل”هيئة تحرير الشام”، أكدت انسحاب قوات “العصائب الحمراء” من النقاط التي تقدمت إليها، بعد تنفيذها عملية نوعية “زلزلت صفوف مليشيات العدو وكبدته خسائر فادحة”.
ويرتبط اسم “العصائب الحمراء” بالعمليات الخاصة والنوعية التي تعلن عنها “تحرير الشام”. وكانت “شبكة إباء” قد نشرت شريطاً مصوراً لبيعة على الموت ل”العصائب الحمراء” قبيل انطلاق الهجوم بحضور زعيم “تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، ورئيس “المجلس الشرعي” عبد الرحيم عطون.
وقال القيادي العسكري المقرب من الجهاديين، الأسيف عبد الرحمن ل”المدن”، إن ما حصل هو تكتيك جديد اتبعته الفصائل، يعتمد على تلاحم القوات الصديقة مع المعادية لتحييد دور الطيران والمدفعية والصواريخ، في خطوط الاشتباك.
وأضاف أن “العصائب الحمراء” تعتبر ورقة مهمة ل”تحرير الشام”، فالقوات تتلقى تدريبات خاصة متعلقة بحرب العصابات، وهذا ما تحتاجه معركة حلب أو أي معركة تقع داخل أو على مشارف المدن.
ومخالفاً كل ما ذُكر عن دور تركي في الهجوم، قال عبد الرحمن إن “الهجوم كان مخططاً له منذ أشهر، والجميع كان يعلم أن هناك تحضيرات لمعركة حلب، ويبدو أن تركيا كانت تريد استثمار الموقف لتظهر بمظهر القوي، وأنها وراء الأمر، وهذا غير صحيح”.
وبعيداً عن رواية النظام، وحديثه عن إرغام القوات المهاجمة على الانسحاب بعد توجيهه الضربات الرادعة، أرجع مصدر عسكري في حديث ل”المدن”، الانسحاب إلى تحقيق الهجوم للغرض من تنفيذه.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الهجوم كان ترجمة للتصريحات التركية الأخيرة التي تطالب روسيا بعدم التمادي في خرق التفاهمات المشتركة في ملف إدلب، وكذلك لتحسين أوراق التفاوض، التي تهدف إلى إعلان ما تبقى من إدلب “منطقة آمنة”.
ومن جانب آخر، وبحسب المصدر، فإن “تحرير الشام” التي لم تشارك بقوتها في صد هجمات النظام في أرياف إدلب الشرقية، تحاول إخلاء مسؤوليتها عن الخسائر العسكرية على الأرض، من خلال هجوم خاطف، رفع من رصيدها على المستوى الشعبي المعارض، المتعطش لأخبار الانتصارات، وسط كل هذا التراجع.
وبانسحابها بعد تكبيدها قوات النظام وميليشياته خسائر، تكون الفصائل قد تجنبت وقوع خسائر كبيرة في صفوفها، بعد قيام النظام بنشر القناصات في أسطح الأبنية العالية التي تكشف مناطق التقدم، خصوصاً أن مواصلة الهجوم تحتاج إلى أعداد كبيرة من المقاتلين، في وقت تدافع الفصائل على جبهات متعددة، ممتدة من جنوب إدلب، إلى شمال حلب.
وأياً كانت أسباب الانسحاب، فإن وقع العملية كان مدوياً، ويُحسب لها أنها أنهكت قوات النظام، ووجهت له ضربات في مناطق حساسة، ما دفع بمراقبين إلى دعوة الفصائل لأن تركز كثيراً على تكتيك الهجمات الخاطفة التي تستنزف النظام وداعميه، وتعيق الهجوم على إدلب.
(المدن)