جسر: متابعات
نشرت المديرية العامة للأمن العام اللبناني تفاصيل ما سمته إحباط محاولة تفجير السفارة الأمريكية في بيروت، والقبض على خلية، يتزعمها “الإرهابي” السوري ابراهيم السالم.
وجاء في البيان “اوقفت المديرية العامة المدعو (ا. س) من الجنسية السورية لانتمائه الى تنظيم داعش، وبالتحقيق معه اعترف أنه بايع التنظيم، وتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع عناصر منه، وقام بتحريض اشخاص آخرين على مبايعته، وخطّط لاعداد خلايا امنية والسعي الى تأمين الاسلحة الحربية لها”.
كما خطط للقيام بأعمال أمنية لصالح التنظيم ضد مراكز احد الاحزاب اللبنانية الفاعلة وقتل عناصره، إضافة الى القيام بعمل تفجيري يستهدف احدى السفارات الغربية بواسطة طائرة مسيّرة.
وأوضح البيان أنه تمت مداهمة منزله، وضبط مواد اولية لصناعة المتفجرات كان قد احضرها لتنفيذ مخططاته.
واعتبر الأمن العام أن تلك الاعترافات التي أدلى بها المتهم كفيلة لتشكل خطورة كبرى على عدة مستويات وهي:
– تشكيل خلايا ارهابية تعمل لصالح تنظيم داعش.
– العمل على خلق فتنة داخلية لبنانية من خلال استهداف مراكز وكوادر احد الاحزاب الفاعلة.
– تهديد علاقات لبنان الخارجية بشكل مباشر من خلال استهداف احدى السفارات الغربية التابعة لدولة كبرى، في ظرف وتوقيت خطيرين نتيجة التطورات على صعيد الاقليم، مع ما تعنيه هذه العملية لو نفذت من توجيه الاتهام الى طرف لبناني، ما يرتب تداعيات خطيرة على لبنان تطاوله في استقراره الامني والسياسي والاقتصادي والمالي.
من هو ابراهيم؟:
“الارهابي” كما أصر الأمن العام اللبناني أن يصفه هو السوري ابراهيم السالم من مواليد بلدة عربيد في ريف حلب (1999). انتقل مع اهله الى لبنان بطريقة شرعية في العام 2013 واقاموا في محلة الاوزاعي عند المدخل الجنوبي للعاصمة بيروت، وما زالوا حتى تاريخه.
عمل السالم في شركة لاستيراد وبيع الادوات الكهربائية. وكان لا يزال يعمل فيها حتى توقيفه، براتب شهري مقداره مليون ليرة لبنانية من دون المبالغ الاضافية. “هذا الراتب لا يتوافر لعدد كبير من الشباب اللبنانيين الذين لا يجد معظمهم فرصة عمل حتى براتب اقل من ذلك بكثير” (هذا ما ورد في البيان رغم أن لا علاقة له بالقضية)، الجدير ذكره، انه في خلال عمله لم يلفت اليه الانظار الى ميوله وتوجهاته.
في عام 2015، عاد الى سوريا بمفرده ومن دون اهله، بهدف زيارة عائلية لاقاربه. قصد بلدته عربيد التي كان يسيطر عليها في حينه تنظيم داعش، والتقى رفاقه ووجد أن غالبيتهم بايعوا التنظيم، وابلغوه انهم ينتمون الى “اشبال الخلافة” لصغر سنهم. ثم حاولوا اقناعه بالانضمام الى صفوفهم والخضوع لدورة عسكرية، وتحدثوا معه عن المغريات التي تتوافر لهم. لكن بحسب زعمه رفض ذلك، وعاد الى لبنان بعدما امضى في بلدته نحو شهر.
بعد عودته، استمر التواصل بينه في لبنان وبين ابناء بلدته في سوريا، واقنعوه بأن يحمّل على هاتفه الخليوي تطبيق (Telegram)، ففعل ذلك. بدأوا عبر هذا التطبيق الهاتفي تزويده كل اصدارات داعش من فيديوهات ورسائل صوتية وتوجيهات مكتوبة، وركزوا معه على الاسباب التي ادت الى نشوء داعش وتحديدا ظلم الجيش الاميركي في العراق. عبر هذا التطبيق تعرف الى مناصرين منتمين الى داعش. كان التركيز في المواد المنشورة على هذا التطبيق على فيديوهات عن كيفية تصنيع المواد المتفجرة واعداد المتفجرات والعبوات الناسفة من مواد عادية موجودة في الاسواق والمحال التجارية والصيدليات، وان شراء هذه المواد لا يثير الشبهة على الاطلاق.
تدرّج السالم في تورطه، من خلال تعرفه عبر التطبيق الهاتفي على قياديين في التنظيم، منهم القيادي الارهابي عبدالله التونسي الموجود في تونس. وبحسب اعترافات الموقوف، جرى بينهما الحديث التالي:
– التونسي: اين تقيم؟
-السالم: في محلة الاوزاعي قرب بيروت.
– التونسي: لماذا لا تذهب الى طرابلس او صيدا حيث اهل السنة؟
– السالم: لا استطيع لانني اقيم مع اهلي.
– التونسي: هل ثمة مكاتب ومقار وعناصر تابعة لحزب الله قرب مكان اقامتك؟
– السالم: اكيد، واعرف احدهم قتل شقيقه في سوريا.
-التونسي: هل تستطيع قتله؟
-السالم: بالتأكيد.
-التونسي: اقتله.
بحسب زعم السالم، لم يستطع الحصول على السلاح الذي يمكنه من قتل الكادر المشار اليه في حزب الله.
بعد هذا التحريض العلني على القتل، غيّر عبدالله التونسي الاسلوب مع الارهابي الموقوف ابراهيم السالم، وطلب منه الاتي:
– التونسي: هل في امكانك ان تحدد لي موقع السفارة الاميركية في العاصمة التونسية عبر تطبيق (Googel maps) لانني لا استطيع ذلك، كون هذه الخدمة غير متوافرة في تونس؟
– السالم: بالطبع، ساحدد لك مكانها وارسل اليك الصور والخرائط. (عمد السالم الى تحديد موقعها وارسل اليه صورا عنها وعن خريطة موقعها).
– التونسي: هل السفارة الاميركية في لبنان قريبة من مكان اقامتك؟
– السالم: كلا، ليست قريبة.
– التونسي: استخدم التطبيق وابحث عن موقعها.
– السالم: سأفعل. (عمد الى اجراء بحث عبر التطبيق وحدد موقعها في المنطقة الشرقية من بيروت ثم صورها وارسل اليه الصور ومساحة موقعها).
– التونسي: هل تستطيع استهدافها؟
– السالم: الهدف هو السفارة الاميركية وانا جاهز.
– التونسي: قم بشراء “درون” (طائرة مسيّرة من دون طيار) وزودها المتفجرات ونفذ العملية.
بدأ السالم البحث عن شراء طائرة “درون”، لكنه ما لبث ان اكتشف ان اسعارها مرتفعة. الا انه استحصل عبر البحث على (Google) على كيفية تجميع طائرة مماثلة وتزويدها متفجرة تقتل اكبر عدد ممكن. استحصل على مواد اولية لتصنيع المتفجرات، وذهب الى احدى الصيدليات القريبة من مكان اقامته مع اهله في محلة الاوزاعي، واشترى المواد وبدأ تصنيعها قبل ايام من توقيفه.
اما خطته لتنفيذ العملية ضد السفارة الاميركية في بيروت، فكانت تقضي بأن يذهب الى نقطة لا تثير الشبهات قرب السفارة في محلة عوكر، وان يقوم بعملية استطلاع محكمة، ثم يتحين مناسبة يكون فيها اكتظاظ داخل السفارة، فيعمد الى اطلاق الطائرة ويقوم بتفجيرها. لدى مداهمة المنزل المقيم فيه ضبطت كل المواد المصنّعة والتي هي قيد التصنيع، والخرائط والمستندات التي تعلّم عبرها كيفية تصنيع المتفجرات وبدء تركيب الطائرة.
تبين من خلال المضبوطات والتدقيق في محتوياتها ان تواصله لم يقتصر على تونس، بل شمل ايضا أشخاصاً في الجزائر ومصر وسوريا. وقد حاول اعداد خلايا وطلب الاستحصال على السلاح من مصادر عدة.
وعمد احد اصدقائه في بلدته عربيد في ريف حلب الى ربطه بشخص يدعى (ابويوسف الاوروبي) ووعده بأن هذا الشخص قادر على ارسال المال اليه في لبنان. الا ان السالم زعم انه لم يتمكن من التواصل معه لانه لا يجيد اللغة الانكليزية. وتبين ان الاتفاق بينه وبين صديقه السوري هو ان يصل المال اليه في لبنان، ثم يتم توزيعه بناء على توجيهاتهم من سوريا.
وأصدر قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة في لبنان “فادي صوان” قراراً اتهامياً بحق السوري “ابراهيم السالم” وعشرين شخصاً آخرين، منذ أيام
واتهم “السالم” بالانتماء إلى تنظيم “داعش”، وإعداد عبوات ناسفة، وشراء المواد الكيميائية اللازمة لها، وكان بصدد شراء طائرة مسيرة لوضع العبوة عليها وتفجيرها، فوق السفارة الأمريكية في عوكر.
كما اتّهم رفاقه الـ 20 بالتحريض على الجرائم التي أسندت إلى إبراهيم، وأحالهم إلى المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.