جسر: متابعات
اهتمت صحف عربية، ورقية وإلكترونية، بالأخبار المتداولة حول السباق المشتعل بين عدد من الدول المتقدمة لتطوير لقاح للوقاية من فيروس كورونا المستجد، ويتساءل بعض الكتاب عما إذا كان الهدف إثبات التقدم العلمي ونيل احترام الأمم؛ أم تحقيق مكاسب تجارية من بيع اللقاح حال توفّره.
وكانت بعض الدول أعلنت عن بداية التجارب السريرية للقاحات جديدة، تقول إن نتائجها الأوّلية واعدة.
“من يسبق سينال احترام الأمم”
تحت عنوان “سباق الأمصال”، يقول عبد الستار قاسم في المجد الأردنية: “تنشط دول عدة في سباق لتطوير أمصال فعالة تقي من الوباء مثل الصين، والولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيران، وألمانيا، وإيطاليا … من يسبق سينال احترام الأمم وثناءها، وسينال دعوات المصابين، وستعلو مكانته في كل أنحاء العالم”.
ويضيف قاسم “يبدو أن الصين والولايات المتحدة تتحرقان من أجل الوصول إلى نهاية السباق. تريد الصين أن تثبت للعالم تقدمها العلمي السريع، وقدرة علمائها على التصدي للمحن الطبية والصحية التي يمكن أن تواجه العالم. الصين في سباق لإثبات الذات مع أمريكا ومجمل الدول الغربية الاستعمارية”.
ويشدد الكاتب أن ” أمريكا تجد في الوباء فرصة لتأكيد هيمنتها على العالم، وهي ترى في إنجاز لقاح ناجح بأسرع وقت ممكن فرصة لتقول للعالم إنها ليست مجرد قوة اقتصادية وعسكرية، وإنما هي قائدة العالم صحيا وعلميا، ولا منافس لها”.
كما يقول محمد الوشيحي في الجريدة الكويتية إن “أكثر ما يفغر الأفواه، في ظل هذه الأخبار المنهمرة عن فيروس كورونا، هو أعداد المتطوعين لتجربة اللقاح، خصوصا ممن لا يعاني كورونا ولا أي مرض. هو فقط متطوع بدافع إنساني، لتجربة اللقاح، ومساعدة العلماء والباحثين، وبالتالي مساعدة شعوب العالم! أي تضحية هذه بالله عليكم؟”
ويضيف الوشيحي: “والعالم بأسره يتابع الآن السباق بين هذه الشركات، أو الحرب التنافسية بين الشركات، وهي الحرب التي تتضرع الإنسانية جمعاء لاشتعالها، وتتمنى أن تصل إلى أبعد مدى”.
أما عائشة سلطان في البيان الإماراتية فتقول: “علميًا أو طبيًا يكشف المشهد العالمي هذه الأيام عن معركة كسر عظم طاحنة بين الكُتل الكبرى ذات الحضور الحقيقي في مجالات العلم وأبحاث الدواء واللقاحات والأوبئة”.
وتتساءل الكاتبة: “مَن مِن هذه الدول يمتلك العلاج أو اللقاح ضد فيروس كورونا؟ وهل صحيح أن اللقاح متوافر فعلاً؟ وهل يشهد العالم الحرب البيولوجية العالمية الأولى؟”
“قد يتسبب في كارثة”
في الوقت ذاته أبدى بعض المعلقين تخوّفهم من النتائج السلبية التي قد تنجم عن هذا السباق المحموم، بينما شدّد بعضهم أنّ طرح عقار مضاد للفيروس في الأسواق العالمية قد يستغرق شهورًا طويلة.
يقول جبريل العبيدي في الشرق الأوسط اللندنية إن “سباق مراكز الأبحاث في الإعلان عن بدء تجارب اللقاح، قد يتسبب في كارثة بخروج لقاحات غير محسوبة العواقب، نتيجة التسرع في الإنتاج على حساب الجودة، فالفاعلية تحتاج المزيد من التجارب الفعالة والموثوقة، حتى لا نكرر تجارب سابقة في إنتاج أمصال أو لقاحات تسببت في كوارث، فاللقاح الفعال والآمن في حاجة لسلسلة من الدراسات والأبحاث”.
ويضيف العبيدي “سباق محموم تتقدمه المصلحة والمكاسب التجارية، فهذا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاول استمالة شركة كيورفاك الألمانية، بعد الإعلان عن أن الشركة تقترب من تطوير لقاح ضد الفيروس، فجاءه الرد قاسيًا من وزير الخارجية، هايكو ماس الذي قال ‘إن بلاده لن تسمح للآخرين بأخذ نتائج أبحاث العلماء الألمان، وأن هزيمة الفيروس يجب أن تتم بعمل جماعي’، ليلحق به وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير للقول إن ألمانيا ليست للبيع”.
يقول جواد العناني في العربي الجديد اللندنية إن “الدواء الناجع للفيروس سيكون متاحا لمن يقدر على شرائه، وحتى يتيسر للغالبية العظمى من سكان العالم، وخصوصا في الدول النامية، فإن ذلك قد يطول لسنوات، بعد أن تتجمع أرباح هائلة للشركات المطوّرة للعلاج، وللّقاح إنْ توفّر”.
كما يقول بكر صدقي في القدس العربي اللندنية: “بدأت أولى الاختبارات على لقاح واعد، لكن الخبراء يتحدثون عن ثمانية أشهر قبل إقرار استخدامه من قبل العموم. هذه فترة طويلة جدا من شأنها تكريس عادات سلوكية استثنائية أساسها الخوف من الفيروس التالي”.
ويشدد الكاتب على أن “التدابير الوقائية التي سيعتاد عليها الناس من المحتمل أن تتحول إلى سلوك طبيعي ثابت. لا مصافحات، بعد الآن، ولا اختلاط بالبشر، ولا حرية تنقل بين المدن والبلدان والقارات. تعقيم كل ما يدخل البيت من الخارج حيث الخطر المتربص الذي لا نراه بالعين أو ندركه بالحواس”.
المصدر: bbc عربي