جسر: متابعات:
استهدفت طائرة مسيرة، يوم الأحد، سيارة في محيط مدينة إدلب قرب منطقة مساكن الضباط، ما أدى إلى مقتل كل من المسؤول العسكري العام في التنظيم “قسام الأردني”، ومسؤول “جيش البادية” المدعو “بلال الصنعاني”.
من هو “أبو القسام الأردني”؟
نشأ قسام الأردني (مواليد عام 1967)، واسمه الحقيقي خالد العاروري، في الزرقاء بشمال الأردن، وهو من أصول فلسطينية (رام الله)، حسبما كتب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية تور هامينغ في دراسة عنه نشرها عام 2017.
ولا توضح هذه الدراسة – التي تُعدّ واحدة من أكثر ما كُتب تفصيلاً عن هذا الرجل – كيف نشأت العلاقة بينه وبين أبو مصعب الزرقاوي (أحمد الخلايلة)، وهو أيضاً من الزرقاء ويكبر أبو القسام بسنة واحدة.
إلا إن الأكيد أن علاقتهما توطدت جداً في نهاية تسعينات القرن الماضي في أفغانستان، بعدما قضى كل منهما وقتاً في سجون الأردن في قضية جماعة «بيعة الإمام» التي طالت متشددين متهمين بالإرهاب بين عامي 1994 و1999.
وكما هو معروف، حاول تنظيم «القاعدة» استقطاب الزرقاوي عندما انتقل الأخير إلى أفغانستان في عام 1999 (بعد الإفراج عنه في الأردن)، وساعده في إنشاء معسكر خاص به في ولاية هيرات الأفغانية ضم خصوصاً أردنيين وفلسطينيين وسوريين.
في هيرات، تزوج قسام من أخت الزرقاوي وبات بمثابة نائب له وقائد للمعسكر نفسه. لكن التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 أرغم الزرقاوي وقادة معسكره على الرحيل من هيرات إلى إيران. ولكن في حين تمكن الزرقاوي من الانتقال من إيران إلى كردستان العراق عام 2002، أوقف «الحرس الثوري» الإيراني أبو القسام مع عدد آخر من قادة «القاعدة» ووضعهم في إقامة جبرية.
وكما هو معروف، أطلق الزرقاوي في العراق «جماعة التوحيد والجهاد» التي تحوّلت إلى فرع لتنظيم «القاعدة» عام 2004 تحت اسم «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين». ومع مرور الوقت، انبثق عن هذا التنظيم الذي أسسه الزرقاوي جماعة جديدة أطلقت على نفسها «الدولة الإسلامية في العراق» وهي الجماعة التي قادها في البداية أبو عمر البغدادي ومن بعده أبو بكر البغدادي الذي وسع نشاط تنظيمه عام 2013 ليشمل سوريا أيضاً إضافة إلى العراق. وأدى ذلك التوسع إلى نشوء خلاف كبير بينه وبين زعيم «القاعدة» الجديد الدكتور أيمن الظواهري الذي أراد ترك سوريا ساحة لفرع خاص بتنظيمه تحت اسم «جبهة النصرة» بقيادة أبو محمد الجولاني.
كان قسام غائباً عن كل هذه التطورات بحكم أنه كان موضوعاً في سجن أو إقامة جبرية تحت إشراف «الحرس الثوري».
لكن كل ذلك تغيّر عام 2015 عندما أفرجت عنه إيران مع قادة آخرين من «القاعدة» بموجب صفقة (تضمنت الإفراج عن دبلوماسي إيراني). فانتقل عدد من القادة المفرج عنهم من إيران إلى سوريا حيث قادوا جهود تعزيز وضع «جبهة النصرة» بوصفها فرع «القاعدة» السوري في مواجهة «داعش». كان من بين هؤلاء أبو الخير المصري (نائب الظواهري) لكن الأميركيين قتلوه بضربة من طائرة من دون طيار قرب معسكر المسطومة بإدلب في فبراير (شباط) 2017. وقد أصدر وقتها قسام رثاء له. ويبدو أنه كان في ذلك الوقت قد بدأ يأخذ دوراً أكبر في «جبهة النصرة»؛ إذ تزامن ذلك مع انتقال عدد من أبرز قادة هذا التنظيم من جنوب سوريا إلى شمالها، مثل المسؤول الشرعي العام سامي العريدي (أردني) والقائد العسكري إياد الطوباسي (أبو جليبيب الأردني».
وتزامن وصول هؤلاء القادة مع عملية تحول «جبهة النصرة» إلى «جبهة فتح الشام» ومن ثم «هيئة تحرير الشام»، وهو تحوّل فرضته ضغوط أميركية وضرورات استقطاب تنظيمات أخرى متشددة ناشطة في سوريا. لكن أبو القسام وقياديين آخرين بينهم سامي العريدي أخذوا في نهاية المطاف موقفاً معارضاً لهذا التحوّل بعدما وصل إلى حد إعلان الجولاني فك ارتباطه بالظواهري. وأدى ذلك، كما هو معروف، إلى إنشاء العريدي وقسام وقادة آخرين تنظيماً جديداً متفرعاً عن «النصرة» تحت اسم «حراس الدين» والذي بات بمثابة فرع «القاعدة» في سوريا.
أما بلال الصنعاني واسمه الحقيقي “صالح مهند الجعيدان”، الذي قتل في القصف ذاته، ووفقاً لمعلومات خاصة بـ “جسر”، ينحدر من بلدة العشارة بريف دير الزور، وكان مقاتلاً ضمن صفوف جبهة النصرة، ومن ثم هيئة تحرير الشام، وعند انشقاق تنظيم حراس الدين عن جبهة النصرة، بقي قسم من “جيش البادية” مع الجبهة تحت اسم “الفوج الـ 106 أجناد الشرقية”، فيما انخرط القسم الآخر ضمن صفوف حراس الدين محافظاً على اسمه “جيش البادية”.
المصدر: الشرق الأوسط + جسر