جسر: خاص:
غابت لسنين طويلة عن الشاشات، لتطل منذ أيام قليلة في مقابلة مع صحيفة اندبندنت عربي، فتروي تاريخ امرأة سورية عانت الظلم بأبشع أنواعه، ظلم سرق منها أجمل سنوات عمرها لتخرج كما وصفتها بعض القنوات بـ “الجميلة الشبح”.
لم تقصد تلك الوسائل إهانة الفنانة السورية صباح السالم، بل أرادت أن تجد مصطلحاً تعكس من خلاله ما مرت به هذه السيدة من عذاب، بعد أن كانت في ثمانينات القرن الماضي فنانة رقيقة، بحضور لطيف، إلى أن عرف الجميع قصة سجنها لـ 15 عاماً، بتهمة الاتجار بالمخدرات، وذلك على خلفية رفضها إقامة علاقة جنسية مع أحد ضباط نظام الأسد.
بعد سنوات طويلة من السجن.. الفنانة “صباح السالم” تكشف دور ضابط في سجنها
عادت صباح أو كما آثر المذيع في إذاعة “فرح اف ام” الموالية أن يسميها بـ “الصبوحة” للظهور إلى الإعلام، من خلال مقطع مخجل بثته تلك الإذاعة، دون المستوى من جميع النواحي المهنية والتقنية.
بكاميرا لم تتوقف ثانية عن الاهتزاز، وبإظهار قدمي الفنانة التي أرادت أن تخلع حذائها، وبكلام لا يتطابق فيه الصورة مع الصوت، أطلت الحسناء الحمصية على الإعلام بعد انقطاع، ولم تجد تلك الإذاعة ضيراً من بث المقابلة بهذا الشكل المشوه، رغم ترقب الآلاف لإطلالتها بعد كل ذلك الغياب.
أراد المذيع الذي ارتجل أسئلته خلال الحلقة بشكل واضح وبلغة جسد تنم عن التململ، أن ينال رضا السالم فلقبها بالشحروة صباح قائلاً “لبنان عندن الشحرورة صباح ونحنا عنا الصبوحة تبعنا” رغم أنه لا يوجد أي قاسم الوحيد مشترك بينهما سوى الاسم، فالراحلة صباح عرفت كمطربة رغم أنها مثلت بعض في الاعمال.
تبدأ المقابلة دون توجيه أي سؤال، دون مقدمات وكأن المقابلة اقتطعت من المنتصف، يقول أحد المعلقين “لوكانت نانسي عجرم كنتو عملتوا مقدمة طويلة قبل ما تقلولا مرحبا”، حيث تحدثت السالم عن من أسمتهم بأعداء الانسانية، كيف ومتى وما السؤال لا أحد يعرف، تقول “أعداء الانسانية هم الذين اعتدوا على البلد ومن خلقوا فيها الفوضى والدمار، اقول انتم بمحبتكم لبعض وبإيمكانم، تستطيعون أن تعيدوا البلد كما كانت.. أعداء الانسانية هم الذين يحتلون بلدنا وتدعهمهم القوى التي دمرت البلد واستأجرت أشخاصاً مرتزقة لتخرب بلادنا “، علماً أن السالم لم تكن على إطلاع بما يجري في الخارج خلال السنوات الطويلة الماضية.
يصر المذيع ـ الذي بدا وكأنه يقابل سيدة عجوز أجبر على أن يحاورها، سواء من حيث طريقة جلوسه امام السالم، أو في حالة الضجر التي بدت عليه ـ أن لا يتحدث عن المشكلة التي أهدرت حياة الفنانة فيسألها “أنتي انتصرت والله أعطاك حقك ماذا تقولي لمن ظلمك دون تسمية؟” علماً أن كل القرائن تقول أن صباح لم تنتصر، بل سلبت ١٥ عشر عاماً من عمرها بالتمام والكمال، كما أننا لم نر حقها عاد لها، لا مادياً ولا رمزياً، وكل ما عرفناه أن زهير رمضان قال : نتعاطف مع السالم، ولكن القانون لا يسمح بعودتها لنقابة الفنانين، على الانسان أن يتحمل مسؤولية أعماله.
زهير رمضان معلقاً على قضية صباح السالم: على الإنسان أن يكون مسؤولاً عن تصرفاته
تجيبه السالم “لا أقول له شئ إنه إنسان تعيس، من يظلم الناس إن بقي لدية القليل من الإحساس أو الضمير من المفترض ألا ينام، وأن يكون قادراً على الاعتراف بأنه ظلم، وإن لم يريد الإعلان عليه أن يكف عن ظلم الناس”.
وفجأة يقرر المذيع أن يسأل الفنانة التي لم يمض شهران على نيلها حريتها، عن مصدر رزقها كيف تنفق وكيف تعيش فردت قائلة “ما بحب احكي عن مصدر رزقي، أنا عندي قدرة على الحياة، خبزنا كفاف يومنا، (في إشارة ربما إلى ديانتها المسيحية) كما أني قادرة على التأقلم مع الظروف، لدي راتب تقاعدي من نقابة الصيادلة كوني صيدلانية، لساتني هلق طلعت لسا عم قول يا هادي، وعم حاول رتب أموري”.
يسأل المذيع ماذا تريدين أو تتمنين فتجيب محتارة “بتنمى كب حالي بالبحر واحيكلو”، فاستغل ورود كلمة البحر قائلاً “تخيلي هون الموجودين هنن البحر وحكيلن شو حابة تحكي؟”، فتجيب “يمكن يقلي البحر انسي متل ما قال لفيروز بعد ما ضلت بالسجن 15 سنة بمسرحية لولو ، فقالتلو كيف انسى والـ 15 سنة كنت بهالدني وماني بهالدني”.
ويستغل المذيع اسم السيدة فيروز لتغيير الموضوع واختراع سؤال جديد فيسألها “ماذا توجهين لفيروز رسالة.. غنيلنا شي أغنية للست فيروز ” فتردد بعض كلمات أغنية وينن بحزن.
تنتهي المقابلة كما بدأت بالبتر المذيع: وجهي رسالة لسوريا.. السالم “بتمنى يرجع المسافر لأهلو ويرجعو الناس أهل وحبايب نشالله بترجع البلد كما …” وتنقطع المقابلة دون أن تكمل صباح السالم جملتها، ربما هناك إصرار من قبل أدوات النظام الإعلامية على اقتطاع كلام السالم كما اقتطع نظامهم أجمل سنوات حياتها.